ناصر السيد محمود 38 عاما، أحد العائدين من جحيم العمل في ليبيا، وهو أب لطفلين، ترك قريته الفقيرة (قلهانة) وطفليه وزوجته في محاولة لتوفير حياة كريمة لهم. على الرغم من أنه سافر قبل ذلك 7 مرات الى طربلس، إلا أنه لم يحتمل مرارة الإهانة وإزدياد الوضع سوءاً في المرة الأخيرة. وقرر العودة لأحضان وطنه بعد نجاته من أيدي الخاطفين.. يروى ناصر تفاصيل الواقعة كالتالي؛ «أنا أسافر الى ليبيا منذ عام 2003 واعمل مبيض محارة في حي صلاح الدين بطرابلس، واخر مرة سافرت كانت في سبتمير 2013، وتأشيرة سفري سليمة وايضا إقامتي. منذ الثورة الليبية وبدأت التوترات والإنفلات الأمني يسيطران على الأجواء هناك، وازداد الوضع سوءاً منذ شهرين؛ مثل حوادث البلطجة الفردية وقطع الطريق علي المصريين أثناء عودتهم من العمل وسرقة متعلقاتهم». وتابع؛ «زي الشرطة والجيش يُباع في المحلات العادية بليبيا، وكثيرا ما يستوقفنا شباب يرتدي زي الشرطة الليبية مُسلح، ويطالبنا بتسليمه الأموال التى معنا، ونضطر للخضوع لمطلبهم تحت تهديد السلاح، خاصة ان المصريين هناك معروف اماكن تجمعهم. وكثيرا نقوم بأداء أعمال لدى مواطنين ليبيين بالسخرة وبعد انتهاء العمل يسبوننا ويطردونا قائلين «مالكش عندي فلوس، امشي من هنا».. وفي كل الأحوال الشرطة الليبية تقف دائما مع شعبها ومواطنيها حتى لو كان المواطن الليبي هو المخطئ والجاني.. يروى ناصر تفاصيل الواقعة كالتالي؛ «في يوم 13 من مارس، مساء الخميس بعد منتصف الليل في تمام 1.30 صباحاً، فوجئنا أنا وزملائي المصريين الموجودين بالسكن باستثناء شقة بها شباب ليبي، بثمانية ملثمين يرتدون ملابس الجيش الليبي ومعهم ثلاثة سيارت شرطة 2 كابينة، بعدها كسروا باب السكن واقتحموا المبنى بالسلاح، وفتشوا الحجرات بطريقة مُهينة وكسروا محتوياتها واخذوا كل أموال ال70 مصريا الذين تم احتجازهم وهواتفهم المحمولة وجوازات سفرهم أيضا، ولو كان الخاطفون معهم سيارات اضافية لأخذوا كل المصريين الموجودين في المبنى والبالغ عددهم 200 مصري. يتابع ناصر قائلاً؛ اثناء القبض علينا ونقلنا الى الكتيبة الوهمية في شارع الزاوية بجوار مسجد مولاي محمد، كانوا يسبونا ويشتمونا بألفاظ خارجة، ويضربونا في اماكن متفرقة من الجسم». بعدها سلمنا الخاطفون الى اخرين، قاموا من جانبهم باحتجازنا في الكتيبة المذكورة، والمكونة من عدد من الحجرات، ووضعونا نحن ال70 في حجرة مساحتها 4×4 متر فقط!! في اليوم التالي، قال الخاطفون، (اللي عاوز يخرج يدفع 400 دينار)، وطلبوا من كل مجموعة اختيار ممثل عنهم للخروج والعودة بالمال المطلوب، وبالفعل اخترنا 5 افراد لتوفير المال المطلوب. وقام 22 من المحتجزين بدفع 10200 دينار ليبي ما يوزاي 60 ألف جنيه مصري، وافرجوا عنهم، وكان من بين الخمسة (عم سيد 45 سنة) الذي ذهب الى البحث الجنائي وأبلغهم بالحادث، ومن ثم علم زملاؤنا واقاربنا بخبر الاحتجاز وقاموا بالاتصال بذوينا في مصر ووصلت المعلومات للصحافة المصرية التى أجبرت القنصلية المصرية والشرطة الليبية على اتخاذ إجراءات فورية وتفاوضوا مع الخاطفين حتى افراجوا عنا. يضيف؛ «وبعد الإفراج عنا جاءت قوة أمنية لعمل تحريات عن الواقعة وملابساتها بمكان السكن، واليوم الرابع (الأحد) ذهبنا لإسترداد جوازات السفر التى أخذتها الشرطة من الخاطفين. وأخبرونا بإنه تم إلقاء القبض على منفذى الحادث، ولم نعرف مدى جديتهم في ذلك، ولم يقوموا بتعويضنا عن الاموال التى سرقوها او أخذوها مقابل الافراج عن بعض زملائنا. بعض الجيران الليبيين حذورنا بضرورة العودة لمصر، خوفاً من انتقام الخاطفين بعد الإبلاغ عن مكان احتجازنا. بعدها قرر 20 من جملة المختطفين العودة لمصر، 13 منهم عادوا «طيران»، و7 عن الطريق البري يومي الاثنين والثلاثاء. ناصر، اكد انه لم يسافر مرة أخرى الى ليبيا، حفاظاً على كرامته التى لم تستطيع بلاده حمايتها.