وصفهم المقريزى بأنهم يشبهون النيل فى كرمه وعطائه.. إنهم أهل النوبة الذين تم تهجيرهم من قراهم الأصلية منذ قرابة خمسين عاما.. ولإحياء ذكرى مرور خمسين عاما على تهجير أبناء النوبة عقدت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين بالتعاون مع منتدى شباب أدندان النوبى ندوة بعنوان «النوبة فى قلب الوطن» لمناقشة مستقبل النوبة بين التهجير وإعادة التعمير.. شارك فيها نخبة من المثقفين والأدباء والمهتمين بالتاريخ والتراث النوبي. أكد «د. مصطفى عبدالقادر» – عضو المجلس الأعلى للثقافة وأحد أبناء النوبة – أن تاريخ أهل القرية يمثل سلسلة من التضحيات المتتالية منذ عام 1902 كانت تمتد النوبة بطول عام 350كم من الشلال الأول وحتى الشلال الثانى جنوبأسوان بطول نهر النيل من قرية دابود فى الشمال وحتى قرية أدندان.. ومنذ هذا التاريخ تعرض أهالي النوبة إلى التهجير أربع مرات كانت الهجرة الأولى مع بناء خزان أسوان عام 1902 الذى ارتفع معه منسوب المياه خلف الخزان ليغرق عشر قرى نوبية واضطر الأهالي إلى الهجرة، وعندما حدثت التعلية الأولى للخزان عام 1912 جاء التهجير الثانى حيث ارتفع منسوب المياه وأغرق ثمانى قرى أخري، والتعلية الثانية للخزان عام 1933 ثم إغراق 10 قرى أخري.. أما التهجير الرابع والأخير فكان فى عام 1963 عندما تم البدء فى بناء السد العالى وبدأت مشاكل أهل النوبة مع بداية حصر أعدادهم عام 1960 الذى صنفهم إلى مقيم ومغترب ونتج عن هذا الحصر 18 ألف أسرة بتعداد 98 ألف نسمة و8400 أسرة مغتربة، ولم تكتف الدولة بهذا بل تمت إعادة الحصر عام 1962 ونتج عنه وجود 16 ألف أسرة فقط وسقطت 2000 أسرة وأضيفت إلى المغتربين.. مشيرا إلى أن الأسر المغتربة التى يصل عددها إلى 10 آلاف أسرة لم تكن موجودة فى بيوتها أثناء الحصر ولم تفكر الدولة أين سوف تقيم هذه الأسر بعد التهجير عندما تود العودة ولم تجد بيوتها ولا قراها!! وأضاف «د. مصطفى عبدالقادر» أننا نريد العودة إلى قرانا مشيرا إلى وجود العديد من السيناريوهات للعودة تم تقديمها إلى الرئاسة والحكومات والمخابرات العامة ورغم الموافقة إلا أنه لم يتم التنفيذ حتى الآن. وحول مطالب أهالى النوبة قال: إننا نريد تنفيذ ما نص عليه الدستور الجديد بأن تكفل الدولة إقامة وتنفيذ خطط تنموية فى المناطق المهملة كالصعيد وسيناء والنوبة مع مراعاة النمط الثقافى لكل منطقة والتعاون مع أهلها مؤكدا أن أبناء النوبة لديهم العديد من المشاريع الاستثمارية وكل ما يريدونه هو أن تتعاون معهم الحكومة لتنفيذها خاصة أن كل النشاطات تنتهى عند منطقة أبوسمبل وقوات الحدود تقف هناك وتفصل العديد من القرى عن الحدود المصرية بطول 25كم. وطالب بضرورة أن تساعدنا الحكومة بتيسير انتقال النوبيين العاملين فى شرق المعبر بالمشروع الزراعي. وطالب المفكر د. طارق حجى على أهمية اهتمام الدولة بتراث النوبة مؤكدا أنه لا يوجد أحد من المصريين يعرف أن للنوبيين لغتين ووجه التحية للأديب «حجاج أدول» عضو لجنة الخمسين لدستور 2014 الذى ساهم فى وضع الدستور الجديد الذى أعطى أبناء النوبة بارقة الأمل بأن الدولة المصرية الحديثة أصبحت تهتم بهم. وأوضح «د. زهران محمد جبر» أن ذكرى هجرة أبناء النوبة تسبب آلاما لا يشعر به إلا أبناؤها مؤكدا أن أهل النوبة ضحوا من أجل مصر وللأسف لم يقدر أحد من المسئولين أو الحكومات حجم هذه التضحية مشجعا على حق العودة. وانتهت الندوة باحتفالية وتم توزيع شهادات تقدير للعديد من أهالى النوبة منهم الأديب حجاج أدول على جهده فى لجنة الخمسين لصياغة الدستور.