يروج جهاز الدعاية الذى تديره وتموله جماعة الإخوان وكتابها وميليشياتها الإلكترونية، وخلاياها النائمة، أن كل من يعترض على الأفكار السوداء التى يشيعونها، والأكاذيب التى يختلقونها، وطمس الحقائق المذهل الذى يتعمدونه، هم من سدنة ما يسمونه الفاشية العسكرية، الذين يمارسون إرهابا فكريا، ويشيدون دعائم مكارثية جديدة، أو هم من الفلول ونظامهم العائد، لتصبح النتيجة المنطقية التى يطالبون بها، إما قبول ما يطرحون، أو الصمت عليه، وابتلاع الأكاذيب التى يروجون لها، لكى لا يوصم من يعارضونهم بأنهم من عبيد البيادة، ولاعقى أحذيتها، وشبيحة النظام القائم، وفلول النظام البائد! أقول هذا بمناسبة العصبية الشديدة التى تناول بها الدكتور «حسن نافعة» المعارضة الشديدة التى نالتها مبادرته للمصالحة مع جماعة الإخوان وسيل الاتهامات الخائبة التى يلقى بها مؤيدو مبادرته لمنتقديها! والمبادرة التى تحمل عنوان «خارطة إنقاذ الوطن من محنته» تقدم بها «نافعة» للواء «محمد العصار» عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أكتوبر الماضي، بعد نحو شهرين من نجاح الدولة فى فض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين، وهو يعاود الآن طرحها مرة أخرى فى توقيت لا يخلو من شطارة ودلالة تحيطها بكثير من الشكوك. فدعوة المصالحة تأتى فى نفس الوقت الذى يستعيد فيه جهاز الشرطة ثقته بنفسه، واستكمال أدواته، وتحقيقه لإنجازات فى مجال ملاحقة إرهاب جماعة الإخوان وأنصارها، والكشف عن أوكارهم ومصادرة أسلحتهم، وحبس أفرادهم تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة، وسد الثغرات الأمنية التى يتسللون منها. فالمبادرة تأتى فى الوقت نفسه الذى يوشك فيه الجيش على السيطرة على سيناء، والقضاء على بؤر الإرهاب الدولى التى جلبها حكم الإخوان إليها، وبعد أن فقدت جماعة الإخوان أى ظهير شعبى لها، وبعد أن بات الشعب والجيش والشرطة يدا واحدة بالفعل فى مواجهة الإرهاب، وكل ما يشكل خطرا على أمن بلادهم، وبعد أن تم إنجاز استحقاقين مهمين من خارطة المستقبل وهما كتابة الدستور والاستفتاء عليه بأغلبية هائلة، والاستعداد للخطوة التالية بإجراء الانتخابات الرئاسية، التى تعزز الحكم بشرعية ثورتى يناير ويونيو. يبنى «حسن نافعة» مبادرته لإنقاذ الإخوان من مأزقهم الراهن على افتراض خاطئ تماما، هو أن فى مصر صراعا بين معسكرين يسعى كل منهما لكسر إرادة الآخر وإملاء شروطه كاملة عليه، وواقع الأمر أن مصر غير منقسمة، وأن الدولة المصرية وكل مؤسساتها بمساندة جماهيرية كاسحة تواجه إرهابا أسود تموله وتدعمه جماعة الإخوان، وأنه مقضى عليه بالفشل مهما كلف من تضحيات، وتجارب التاريخ القريب المعاصر خير برهان علي ذلك، وأن الشطارة التي يسعي لها، أنصار جماعة الإخوان وحلفاؤها لإرباك المشهد السياسي، وعرقلة الجهود الحثيثة لاجتثاث معاقل الإرهاب، واستكمال خارطة المستقبل مفضوحة لكل ذي عينين لأن من يدعون إلي المصالحة مع الجماعة، يدركون أن إتمام خطوات خارطة المستقبل هو شطب لها من المعادلة السياسية فى مجمل الاقليم لعقود قادمة!