ثورة الخامس و العشرين من يناير التى يتنكر لها بعض أبناء مصر بلا خجل، ليست سوى امتداد لتاريخ الشعب المصرى قديما و حديثا، فقد يطول انتظاره و لكنه اذا ما هب ثائرا ألحق بعدوه الهزيمة الساحقة. إنه يصبر طويلا ثم يثور و يصنع التاريخ. أذهلت الثورة العالم و لم يُخف بعض حكام الغرب انبهارهم بالشعب المصرى ، فاعترف رئيس النمسا هاينز فيشر بأن «شعب مصر أعظم شعوب الأرض و يستحق جائزة نوبل للسلام» وقال الرئيس الأمريكى باراك أوباما «يجب أن نربى أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر» . أما رئيس وزاراء إيطاليا سيلفيو برلسكونى فقال «لا جديد فى مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة». وهذه العبارة تكرار لما قاله نابليون بونابرت منذ قرنين « فى أوروبا الغيوم لا تجعلك تفكر فى المشاريع التى تغير التاريخ ، أما فى مصر فإن الذى يحكم بإمكانه أن يغير التاريخ «، وقال « لو لم أكن حاكما على مصر لما أصبحت إمبراطورا على فرنسا». كان نابليون يحلم بتشييد امبراطورية فرنسية فى الشرق تكون مصر نواتها، ولكى يستميل المصريين ادعى إنه اعتنق الإسلام وأصبح اسمه، «بونابردى باشا» وقيل إنه كان يتجول فى شوارع مصر مرتديا العمامة والجلباب ، و يتردد إلى المسجد فى أيام الجمعة . ولكن هذا لم ينطلى على شعب مصر العريق ، و تحطمت أحلام القائد الذى هزم الشعوب الأوروبية على صخرة الجسارة المصرية، و تلاشى حلم الامبراطورية الفرنسية الشرقية بعد ثلاث سنوات فقط من غزو بونابرت لمصر. ويواصل الشعب مسيرته ليقضى على الباطل ، و يسطر بكفاحه تاريخ العالم ، فينهى فى الستينيات من القرن الماضى الاستعمار الأوروبى الذى رزح على قلوب الشعوب العربية والافريقية و استغل ثرواتهم. و بعد أن وقع الزعيم جمال عبد الناصر معاهدة جلاء الجيش الإنجليزى عن مصر بدأ العد التنازلى، إيذانا بغروب الامبراطورية البريطانية التى لم تكن تغرب عنها الشمس وحان غروبها على يد ناصر ، و فى عقدين انهاراستعمار دام عشرات العقود .