لعبت المساعدات العربية لمصر بعد ثورة 30 يونيه دورا كبيرا فى تحسين صورة الاقتصاد المصري الذي شهد انهيارا بعد ثورة 25 يناير وخلال حكم الرئيس المعزول، مما دفعت مؤسسات التقييم الدولية لرفع التصنيف الائتماني لمصر. فأصدرت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني تقريرا حول مصر، ورفعت تقديرها للنظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من درجة سالب إلى درجة مستقر مع الإبقاء على التصنيف الائتماني السيادى للاقتراض طويل الأجل بكل من العملة الأجنبية والمحلية على درجة "-B"،أبقت المؤسسة على التصنيف الائتماني للاقتراض قصير الأجل بالعملة الأجنبية عند درجة "B". ويعد رفع النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى إلى درجة مستقر. وكانت مؤسسة ستاندر اند بورز قد أصدرت فى نوفمبر الماضي تقريرا أيضا رفع من التصنيف الائتماني لمصر بعد ست تقييمات سالبة. لكن هذه التقارير وإن كانت تشير إلي التحسن النسبي فى الأوضاع السياسية، فأنها أيضا تؤكد دور المساعدات العربية لمصر، وهو أمر مؤقت يستلزم علي الحكومة العمل لتحسين أوضاع الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، بالاعتماد علي الذات، بعيدا علي المساعدات والقروض الخارجية، لضمان استمرار النمو والتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية التي نادت بها ثورة 25 يناير. تقرير "فيش" يرصد مشكلات الاقتصاد المصري المعروفة لدي الجميع، وهي ارتفاع الدين العام والعجز فى الموازنة العامة، والتي اعتبرها التقرير من أهم عوامل المخاطر عند تقييم الاقتصاد المصرى، حيث يقدر التقرير أن يظل معدل العجز مرتفعاً. وأوضحت المؤسسة أن العوامل الرئيسية التى ستحكم عملية تقييم الإقتصاد المصرى صعوداً أو هبوطاً خلال الفترة القادمة يتوقف على مدى تحسن درجة الاستقرار السياسى بما ينعكس إيجابياً على أداء الاقتصاد، والتقدم الذى يمكن أن يحدث فى الإصلاحات المالية والهيكلية لخفض عجز الموازنة، بالإضافة إلى تطور أداء ميزان المدفوعات. ربما تكون التقارير الدولية تلعب دورا مهما فى محاولة طمأنة المستثمر الداخلي والخارجي، مما يعمل علي زيادة الاستثمارات فى مصر، والتي تشكل 16 فى المائة من الموازنة العامة للدولة- وهي نسبة منخفضة لا تساعد علي تحقيق التنمية، حيث أكد الخبراء والحكومة أيضا ضرورة رفع هذه النسبة إلي 25 بالمائة علي الأقل. ويجب أن تعمل الحكومة علي محاولة حل مشكلات الاقتصاد المصري بطريقة علمية، بعيدا عن هذه التقارير الدولية، فالحكومات المتعاقبة علي حكم مصر أدمنت نشر التقارير الإيجابية عن الاقتصاد، وفي الوقت نفسه تشكك فى تقديرات المؤسسات الأخري. فلنترك التقارير جانبا.. ولنبدأ العمل بإخلاص لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري، بالاعتماد علي الذات، وبناء نموذج اقتصادي يعتمد علي مقومات البلد وإمكاناتها، بعيدا عن النماذج الجاهزة فى التنمية والتي لا تتفق مع طبيعة وإمكانات مصر.