كل شيء فى تونس يمضي الى الأسوأ بعد ثلاث سنوات من الثورة التى أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن على ، وتطلعات الشعب التونسي لان تحقق ثورة الياسمين أحلامهم بالعدالة الاجتماعية والحريات وإنهاء حكم الدولة البوليسية ، تبددت واحدة وراء الأخرى وسط معارك حزب النهضة ‹ الجناح التونسي لجماعة الإخوان المسلمين ‹ والاحزاب المدنية التى انقسمت مابين المشاركة فى ائتلاف تولى الحكم وتقاسم السلطات ، وأخرى اختارت البقاء فى صفوف المعارضة وكونت كما يحدث فى مصر جبهة الإنقاذ الوطنى ، فيما حاولت نقابات العمال القوية ‹ الاتحاد التونسي للشغل ‹ والمنظمة التونسية لحقوق الإنسان ونقابة المحامين ، ان تتوسط بين القوى السياسية المتصارعة لإنهاء الازمة السياسية الحادة التى عطلت تنفيذ خارطة التاريخ ، وحالت دون الانتهاء من كتابة الدستور حتى الآن . عريضة اتهامات آخر التطورات السياسية تمثل فى الاتفاق على استئناف جلسات الحوار الوطنى امس الأول بعد ان تأجلت عدة مرات ، وذلك بعد الاتفاق على استقالة حكومةعلى العريض ‹حزب النهضة ‹ وتكليف وزير الصناعة الحالى المهدى جمعة ‹ مستقل›بتشكيل الحكومة الجديدة ، بما يعنى تخلى النهضة عن رئاسة الحكومة . ولكن عراقيل مقصودة تمت إثارتها ضد المرشح الجديد بهدف عرقلة تشكيل الحكومة ، فتم تسريب عريضة اتهامات بالفساد ضده وقع عليها 104نواب من أعضاء المجلس التأسيسي ويتبقى أربعة أصوات لعقد جلسة برلمانية لمناقشة الاتهامات عرقلة تشكيل الحكومة من جانب حزب النهضة الذى اكد انه إذا كان سيتخلى عن رئاستها من اجل التوافق الوطنى إلا انه لن يتخلى عن الحكم ، واكد أيضاً وهذا هو الخطر على تلازم المسارات السياسية ، حيث ربط الحزب مابين استقالة حكومة العريض بتشكيل لجنة الانتخابات وإقرار الدستور الجديد . وهو ما آثار غضب رئيس حزب التكتل المولودى الرياحى واعلن نهاية الائتلاف الحاكم الذى يضم التكتل الحزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذى يقوده رئيس الدولة الحالى المنصف المرزوقي وهما حزبان مدنيان مع حزب النهضة الإسلامي ، وكان هذا الائتلاف قد تكون بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 التى فازت فيها النهضة ب 89 مقعدا والتكتل 63 مقعدا وتم توزيع السلطات مابين القوى الثلاث ، فتولى حمادى الجبالى الأمين العام لحزب النهضة رئاسة الحكومة ، والمنصف المرزوقي رئاسة الدولة ومصطفى بن جعفر مؤسس التكتل رئاسة المجلس الوطنى التأسيسي ، ولكن حكومة الجبالى اضطرت الى الاستقالة تحت ضغط الرأى العام الغاضب من فشل حكومته فى حفظ الأمن بعد اغتيال النائبين شكري بلعيد ومحمد البرهامى ، وتصاعد نفوذ جماعة أنصار الشريعة التى صنفتها الحكومة كمنظمة إرهابية ، فيما تري قوى المعارضة أنها تتمتع بتنسيق مع حزب النهضة الذى وفر المناخ المناسب للقوى الإسلامية المتطرفة والمتعددة للعمل ، وتلك قامت بعمليات إرهابية ضد السفارة الامريكية واستهدفت منشآت سياحية مما أدى الى ضرب السياحة التى تعتمد تونس عليها بشكل رئيسي . وتم رصد اجتماع لمنظمات أنصار الشريعة الإسلامية فى تونس وليبيا والجزائر ومصر ، تم فى بنغازى مؤخراً لتنسيق العمل فيما بينهم ولمواجهة الأحزاب العلمانية والتصدى لكل محاولات إقصاء القوى والاحزاب الإسلامية من الحكم فى تونس وليبيا ومصر . السبسي يتقدم على الغنوشى ومع استمرار مناورات النهضة للهروب بالأزمة الى الإمام فى محاولة للاستمرار فى الحكم رغم تراجع شعبيتها ، تزداد شعبية القوى المعارضة المدنية المنضوية فى الجبهة الشعبية وجبهة الإنقاذ الوطنى ، كما تزداد شعبية القوى والشخصيات التقليدية القديمة مثل القائد السبسي رئيس حركة نداء تونس الذى يتقدم فى استطلاعات الرأى العام على الراشد الغنوشى بنسبة كبيرة ، مما يعبر عن الإحباط المتزايد من حكم النهضة التى وفرت أجواء مثالية لكل الأحزاب والحركات المتطرفة ، والتى تركز جهودها لإلغاء نص يمنع تعدد الزوجات ، وتحريم ومنع الكحوليات وتحريم السياحة واعتبار رجال الشرطة طواغيت ينبغي قتلهم . ومع ابتعاد الجيش عن المشهد السياسي بالكامل سواء لضعف دوره السياسي وفى الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، لا يوجد أمل سوى فى القوى المدنية التى بدأت هذا الأسبوع فى تفكيك ‹ الترويكا ‹ الحاكمة ، من خلال انسحاب التكتل ، استجابة للقوى الشعبية فى الشارع التى وجدت فى تحالف القوى المدنية مع القوى الإسلامية مجرد زواج للمتعة ، على حساب الشعب التونسي الذى ساءت أحواله بعد ثورة الياسمين.