إسقاط المزوّرين منذ سنوات طويلة والأحزاب الرئيسية في مصر - عدا الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم - تطالب بإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، وفي عام 1990 اشتركت هذه الأحزاب في صياغة مشروع قانون لمباشرة الحقوق الانتخابية «السياسية»، وتولي «خالد محيي الدين» رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي التقدم بالمشروع إلي مجلس الشعب بدءا من عام 1991 وإعادة تقديمه مع كل دورة جديدة للمجلس حتي عام 2000 دون أن يناقشه مجلس الشعب، وفي مؤتمر الإصلاح الدستوري الذي دعت إلي عقده أحزاب الائتلاف الديمقراطي «الوفد - التجمع - الناصري - الجبهة» في 13 مارس 2010 تحت شعار «البديل الآمن للوطن»، كان المحور الأول «ضمانات العملية الانتخابية» والتي اقترحت إصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية وتعديل القانون الخاص بمجلس الشعب، وقام حزب التجمع بصياغة مشروع جديد لمباشرة الحقوق السياسية «الانتخابية» علي أساس هذه الاقتراحات وطرحه علي كل الأحزاب والقوي السياسية وأعضاء مجلسي الشعب والشوري.. وأهمها: - تشكيل لجنة قضائية بالكامل «لجنة الانتخابات العليا» من رئيس للجنة ترشحه الجمعية العمومية لمستشاري محكمة النقض وأربعة أعضاء من بين مستشاري محكمة النقض ترشحهم جمعيتهم العمومية وأربعة من رؤساء محاكم الاستئناف ترشحهم الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة، ومدة اللجنة ست سنوات ميلادية، ويتفرغ أعضاؤها جميعا، ويحظر تولي أعضاء اللجنة أي منصب في الدولة أثناء عضوية لجنة الانتخابات العليا، كما يحظر عليهم عضوية المجالس الانتخابية لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء العضوية. - تتحول اختصاصات اللجنة من الإشراف علي العملية الانتخابية - حاليا - إلي إدارة العملية الانتخابية بالكامل، بدءا من تقسيم الدوائر وإعداد جداول جديدة لقيد الناخبين وفق الرقم القومي، ووضع الجدول الزمني لمراحل العملية الانتخابية، والقواعد العامة للدعاية الانتخابية والضوابط التي تحكمها، وتحديد عدد اللجان العامة والفرعية التي تجري فيها عملية الاقتراع ومقارها وتعيين رؤساء للجان العامة والفرعية وأمنائها، وتشكيل لجان تلقي طلبات الترشيح واللجان المختصة بالنظر في الطعون حول الترشيح، وإعلان قوائم المرشحين النهائية وقواعد توزيع الرموز الانتخابية علي الأحزاب والمرشحين، وإعداد وطبع بطاقات الانتخابات.. وصولا إلي إعلان النتائج النهائية للانتخابات والاستفتاءات، ونص المشروع كذلك علي التزام كل الوزارات والإدارات العامة والهيئات التنفيذية التي تتصل أعمالها بالانتخابات والاستفتاءات بما تصدره اللجنة من قرارات في هذا الشأن، وتضع تحت تصرفها الموظفين اللازمين للقيام بالأعباء الموكولة للجنة، كما نص علي إصدار وزير الداخلية بناء علي طلب من رئيس اللجنة قرارا قبل بدء الانتخابات بوقت كاف، بانتداب العدد المطلوب من قوات الشرطة للعمل مباشرة تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات «وتتلقي تلك القوات أوامرها لحفظ النظام أثناء العملية الانتخابية بكل مراحلها من رئيس اللجنة العليا للانتخابات أو من ينيبه، ومن رؤساء اللجان العامة والفرعية بحسب الأحوال». - إجراء الانتخابات علي أساس نظام القائمة النسبية غير المشروطة، وترك حرية تكوين القوائم، بين قوائم حزبية خالصة أو قوائم من غير الحزبيين، وقوائم مشتركة من أكثر من حزب أو من حزب «أو أكثر» وعدد من غير الحزبيين.. بما يضمن المساواة التامة بين المواطنين في ممارسة حق الترشيح والانتخاب لمجلس الشعب، ولا تلتزم الأحزاب أو القوائم الأخري بالترشيح في جميع الدوائر أو التقدم بقوائم كاملة أو الحصول علي حد أدني من الأصوات علي امتداد الجمهورية. - وضع ضوابط للإنفاق في الانتخابات بعد أن تبين أن سلاح المال قد استخدم بما يسيء إلي العملية الانتخابية ويؤثر بدرجة كبيرة في نتائج الانتخابات، وتحمل الدولة لمسئوليتها في مواجهة استخدام العنف والبلطجة في الانتخابات وتطبيق القانون وتغليظ العقوبات ضد كل من يثبت لجؤوه إلي القوة لفرض الرأي أثناء الانتخابات. - وقف العمل بحالة الطوارئ - إذا كانت معلنة - منذ صدور الدعوة للانتخابات وحتي انتهاء الفرز وإعلان النتائج. - إلغاء القوانين المقيدة للحريات والحقوق السياسية وتأكيد حق المواطن المصري في ممارسة النشاط السياسي والحزبي في إطار حرية الرأي والتنظيم والدعوة، وإلغاء القيود المفروضة علي تشكيل الأحزاب والجمعيات والمؤسسات الأهلية، واستقلال النشاط النقابي، وإزالة كل القيود المفروضة علي ممارسة النشاط السياسي والجماهيري. وتجاهل مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الحزب الوطني هذا المشروع تماما. ومع انفضاض دورة مجلس الشعب، طالبت أحزاب المعارضة الديمقراطية رئيس الجمهورية باستخدام صلاحياته الدستورية طبقا للمادة 147 وإصدار قرار بقانون مباشرة الحقوق السياسية، وكان الرد جاهزا أن الرئيس يرفض اللجوء لاستخدام حقه في إصدار قرار بقانون في غيبة مجلس الشعب، وللأسف فهذا الرد لم يكن إلا محاولة لخداع الرأي العام، فسرعان ما أصدر رئيس الجمهورية قرارا بقانون بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية يتناول الإجراءات الخاصة بانتخاب 64 سيدة في المقاعد المخصصة لكوتة المرأة. والدلالة الواضحة لهذا الموقف هو إصرار الحكم علي تزوير الانتخابات القادمة والاستمرار في إضعاف فرص الأحزاب في الفوز بعدد كبير نسبيا من المقاعد يحرم الحزب الوطني من أغلبيته «الكاسحة» التي يحصل عليها بالتزوير لضمان حصوله علي ثلثي مقاعد مجلس الشعب علي الأقل. ومسئولية الأحزاب التي قررت المشاركة في الانتخابات ورفضت دعوات المقاطعة، أن تخوض معركة الضمانات وهزيمة التزوير بكل الوسائل والأساليب الديمقراطية، وألا تكون الوقفة الاحتجاجية الرمزية التي نظمها حزب التجمع يوم السبت الماضي هي النهاية، بل لابد من سلسلة من التحركات في كل أنحاء مصر لتشكيل قوة ضغط جماهيرية تسقط التزوير والمزورين في الانتخابات القادمة.