مازال المشهد المصري، يتصدر عددا من الصحف الأمريكية والبريطانية، ولكنه يعكس حالة من التغيير التدريجي تجاه الثورة المصرية، وفقا لمصالح هذه الدول مع مصر، والعالم العربي.. فهم لا يعنيهم تطبيق الديمقراطية من عدمه، ولا الشرعية التي يتشدقون بها، وإنما هي مصالحهم الاقتصادية والسياسية بالمنطقة. ومن هنا فقد تحول الموقف الأمريكي تدريجيا، وعبّر عن ذلك وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» في تصريحات له، وكذلك ويليامز بيرنز مساعد وزير الخارجية أثناء زيارته الأخيرة لمصر.. ولقائه بالفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، وممثلي السلطة الحالية. فقد تناولت مقالات وتقارير بعض الصحف الأمريكية تداعيات الأحداث في مصر وقد أشارت إحداها إلي قول أحد المسئولين البارزين، بأن عزل «محمد مرسي» ربما جنب البلاد حربا أهلية. ونشرت صحيفة واشنطن تايمز ما أشار إليه وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» بأن مصر ربما تكون قد تفادت فعلا حربا أهلية بعزل الرئيس السابق «مرسي». وأشارت الصحيفة إلي ما قاله كيري في مؤتمر صحفي، بأن البيت الأبيض نقل إلي القاهرة، قلقه الشديد، بشأن عزل الجيش لمرسي، والتعليق اللاحق لدستور البلاد. لكنه قال أيضا إنه لن يتسرع في الحكم علي العزل، وبدلا من ذلك سننتظر حتي يدرس محامونا أبعاد الموقف. مصر تتجاهل واشنطن تحت هذا العنوان كتبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها أن إدارة الرئيس باراك أوباما، أرسلت «وليام بيرنز» نائب وزير الخارجية إلي القاهرة مؤخرا، في محاولة لتوضيح موقف أمريكا مما يحدث في مصر. وأشارت الصحيفة إلي أن «بيرنز» وجه رسالة واضحة وهي أن الولاياتالمتحدة ستؤيد عملية ديمقراطية واضحة وشاملة ومتسامحة لاستعادة الحكومة المدنية، وينبغي علي السلطات المصرية أن تبدأ حوارا مع كل الأطراف والأحزاب السياسية، في إشارة إلي جماعة الإخوان المسلمين. وتري أن المشكلة – كما كان الحال غالبا خلال العامين الماضيين – هي أن جنرالات مصر يتجاهلون رسالة واشنطن، وقالت إن هذا الانهيار لهيبة الولاياتالمتحدة ونفوذها في القاهرة، هو في جزء منه نتيجة كراهية الأجانب المتزايدة، التي ذكرتها كل الأحزاب المصرية يعكس أيضا عثرات متسقة للإدارة الأمريكية التي فشلت مرارا وتكرارا علي مدي عامين في التحدث بوضوح ضد انتهاكات حقوق الإنسان، أو في استغلال نفوذ المعونة الأمريكية التي تُمنح للجيش سنويا. وقالت الصحيفة إنه رغم أن القانون الأمريكي يستلزم تعليق المعونة للدول، عقب انقلاب ضد حكومة منتخبة، فإن الإدارة الأمريكية ترفض تسمية ما حدث «انقلابا»، وتسير في تقديم دفعة جديدة من طائرات «إف 16» للقوات المسلحة المصرية. الانتخابات وحدها .. لا تكفي وتشير الصحيفة إلي أن موقف الجنرالات المصريين منطقي، بمعني لماذا نلتفت إلي نصيحة من واشنطن إذا كان رفضها لن يوقف تدفق الأسلحة الأمريكية كما أن ازدراء السياسيين المدنيين للمبعوثين الأمريكيين مفهوم أيضا لماذا نحترم حكومة خطابها المؤيد للديمقراطية متناقض مع أفعالها!! أما الجارديان البريطانية، فقد تجاوزت المشهد الحالي إلي المستقبل، وأشارت إلي أن الانتخابات وحدها، لن تعالج الفساد المتفشي في البلاد، وتحدث تقرير آخر عن احتجاج مؤيدي مرسي علي غياب الإسلاميين في مجلس الوزراء الجديد، متجاهلة أن الحكم الجديد في مصر عرض علي الإخوان المشاركة في الحكومة لكنهم رفضوا. فقد كتبت الصحيفة في مستهل تقريرها الأول أن الانتخابات وحدها لا يمكن تعالج بيئة السيطرة والفساد والظلم، الذي بنيت عليه مصر، وأن المطلوب هو إصلاح جذري فالديمقراطية علي أي حال، تعني قضاء مستقلا، وحريات مدنية، وحرية صحافة، وانتخابات شفافة، ومن بين هذه الأعمدة الأربعة، لم يكن هناك في مصر، سوي الانتخابات. وأضافت أن 200 سنة من السياسات المتعاقبة علي مصر التي رسمت لتركيز السلطة، وقمع الإمكانية السياسية قد تطورت إلي دورة مال ونفوذ غير قابلة للاختراق، وغير مسئولة، بين حفنة من المؤسسات الرئيسية والجنود ورجال الأعمال الأقرب للأسرة الحاكمة، وتساءلت الصحيفة، كيف يمكن للديمقراطية عندما تقدم بواسطة هذه الآلة من الدولة العميقة، أن تصل بنزاهة إلي صناديق الاقتراع؟ وأشارت الصحيفة أن الانتخابات، يمكن أن تكون أداة يجرب من خلالها التغيير الاجتماعي، ويمكن أيضا أن تكون مسكنا قويا جدا، وقالت إن الشاهد علي ذلك هو الانخفاض في إقبال الناخبين من 54% في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2011 إلي 33% في الاستفتاء علي الدستور بعد عام.