أوقد أعرابي نارا يتّقي بها برد الصحراء في الليالي القارسة ، ولما جلس يتدفّأ ردّد مرتاحا: اللهم لا تحرمنيها لا في الدنيا ولا في الآخرة. تزوّج أعرابي علي كبر سنه ، فعوتب علي مصير أولاده القادمين ، فقال : أبادرهم باليتم قبل أن يبادروني بالعقوق. ألحَّ سائلٌ علي أعرابي أن يعطيه حاجةً لوجه الله ، فقال الأعرابي : والله ليس عندي ما أعطيه للغير .. فالذي عندي أنا أولي الناس به وأحقّ ! فقال السائل : أين الذين كانوا يؤثرون الفقير علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ؟ فقال الأعرابي : ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا. جيء بأعرابي إلي أحد الولاة لمحاكمته علي جريمة أُتهم بارتكابها ، فلما دخل علي الوالي في مجلسه ، أخرج كتاباً ضمّنه قصته ، وقدمه له وهو يقول : هاؤم اقرأوا كتابيه.. فقال الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة. فقال : هذا والله شرٌّ من يوم القيامة ، ففي يوم القيامة يؤتي بحسناتي وسيئاتي ، أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي.