خليل عبدالكريمفي معرض الكتاب ومصادفة وقع في يدي كتاب لأحد فقهاء السلطة في هامش الصفحة الأولي يقول انه ألفه وهو يعالج في الخارج - سبحان الله يعالج في الخارج في الوقت الذي يستشهد فيه عمال الصرف الصحي لأنهم لا يجدون الأدوات الضرورية واللازمة لتقيهم مثل ذلك المصير الفاجع وأن ثلاثة أرباعهم وعددهم ثمانية آلاف مصابون بأمراض خطيرة أهونها التحجر والسل الرئويان. وفقهاء السلطة هم الذين يدورون في فلكها وهم علي استعداد في أي لحظة لتبرير مسلكها وتغطية اجراءاتها مهما كانت بغطاء الاسلام فإذا قالت نحارب اسرائيل فإن في القرآن الكريم آيات عديدة تلعن بني اسرائيل وفي السيرة النبوية غزوات المصطفي عليه الصلاة والسلام ضد يهود المدينة وخيبر. وإذا تراءي للرئيس المؤمن أن يصالح اسرائيل ويعلن ان حرب أكتوبر هي آخر الحروب معها فإن في آية الجنوح للسلم حجة بالغة وفي صلح الحديبية دليل لا يرقي اليه شك. ومن أجل هذا وضع حجة الاسلام الامام الغزالي في الاحياء معيارا دقيقا لمعرفة ما اذا كان الفقيه أو العالم من فقهاء السلطة أم لا وهو باب السلطان فإن كان ممن يلجونه فهو منهم وإن كان بعيدا عنه فهو من علماء الآخرة. ولذلك لم يكن عجيبا ان يطلع علينا احد اولئك العلماء في الاسبوعية الاسلامية للحزب الوطني في عددها الصادر بتاريخ 20 ربيع الاخر 1403 بتبرير للقوانين الاستثنائية ويقول إن قانون الطوارئ لا يتنافي مع الشريعة الاسلامية وان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعل ذلك عندما منع الصحابة من مغادرة المدينةالمنورة. ونحن نسأل فضيلته: هل قرأت قانون الطوارئ؟ إذا كنت لم تقرأه واصدرت فتواك بمجرد السماع عنه وما قيل حوله فقد أخطأت. وإن كنت قرأته فاسمح لنا يا صاحب الفضيلة أن نسألك. أي آية من الكتاب العزيز وأي حديث من احاديث المعصوم عليه الصلاة والسلام يجيز لولي الامر ان يضع قيودا علي حرية الاشخاص في الاجتماع والانتقال والاقامة والمرور في أماكن أو اوقات معينة والقبض علي المشتبه فيهم والخطرين علي الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الاشخاص والأماكن دون تقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية والامر بمراقبة الرسائل والصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم والاستيلاء علي أي منقول أو عقار وفرض الحراسة علي الشركات والمؤسسات ومحاكمة المخالفين امام محاكم استثنائية ولا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه علي الاحكام التي تصدرها وليست هذه السلطات المطلقة مقصورة علي ولي الأمر وحده بل من حقه ان ينقلها إلي من شاء من معاونيه هل حدث ذلك في تاريخ الاسلام سواء في عصر النبوة أو الخلافة الراشدة أو حتي بعد ان تحولت الي ملك عضوض بشرط ان يكون ذلك - ان حدث موضع رضا وموافقة من العلماء والفقهاء الربانيين؟. أما ان عمر رضي الله عنه حظر علي الصحابة مغادرة المدينة فليس ذلك بتطبيق لقانون الطوارئ وانما فعل ذلك لسببين علي ما قال به المؤرخون: الأول: ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يكونون اهل الحل والعقد فكان عمر يستشيرهم سواء فيما يجد من مشاكل او فيما يعرض عليه من قضاء حتي انه كان يقول لولا علي لهلك عمر لما كان يبديه ابو الحسن رضي الله عنه من معونة صادقة خاصة في مجال القضاء. والآخر انه كان يرسل بعض الصحابة للتفتيش علي ولاته في الاقاليم ومعرفة سيرهم مع الرعية وعلي سبيل المثال فإنه قد ارسل محمد بن مسلمة لمصر ليعرف كيف يسوس عمرو بن العاص المصريين وكيف يعاملهم - وواقعة تسور عمربن الخطاب علي شارب الخمر جدار منزله وتخطئة الاخير له معروفة ولم يعاند أمير المؤمنين ولم يقل له نحن في حالة حرب مصيرية مع الفرس والروم تجيز لي ذلك. وهكذا نري ان استشهاد فضيلته يمنع الصحابة من مغادرة المدينة حجة داحضة لأن الاسلام وهو شريعة العدل ودين الحرية والحفاظ علي كرامة الانسان لا يعرف القوانين الاستثنائية ومن بينها قانون الطوارئ كان اجدر بفضيلته ان يقرر ذلك فإن العلماء أولي الناس بقول الحق.