د. محمد حسن خليل: القانون يحول صحة المواطنين إلي سلعة يتاجرون بها تحقيق:خالد عبدالراضي حذرت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، من محاولة بيع المستشفيات المصرية للأجانب أوالمصريين، وخصخصة التأمين الصحي ، بعد مساعي الحكومة لتمرير قانوني الصكوك الإسلامية ، والتأمين الصحي الجديد ، علي وجه السرعة لكي يكونوا أداتها في تحقيق ذلك، حسبما ذكرت اللجنة في بيان لها. كما رصدت اللجنة أدلة تؤكد اتجاه الحكومة لبيع المستشفيات المصرية، وأشارت الي مشروع البنك الدولي ، الذي اشترك فيه كل من “هيئة المعونة الأمريكية” و”الاتحاد الأوروبي” والمعروف بمشروع الإصلاح الصحي والموقع منذ عام 1998، والذي يعطي الحكومة النصائح التالية وفق نص وثيقة موجز مشروع الإصلاح الصحي وهي : “جدول بيع أو نقل وحدات تقديم الخدمة الحالية : (المستشفيات، الوحدات المجمعة، العيادات) إلي القطاع الخاص أو إلي منظمات القطاع العام الاقتصادية (وحدات بأجر)، وكذلك تحديد وتبني حزم انتفاع صحية ملائمة لقدرات المواطنين، و نقص عدد الأفراد العاملين”. وقالت اللجنة في بيانها، إن لجان المتابعة من البنك الدولي انتقدت الحكومة في التأخر في إنجار المكون التشريعي من الإصلاح، وهو مشروع قانون التأمين الصحي الذي تحاول الحكومة تمريره منذ عام 2005، وقرار رئيس الوزراء بإنشاء الشركة القابضة للرعاية الصحية، ولكن المقاومة الشعبية وقتها لم تمكنهم من تمرير تلك الإجراءات وأتي حكم محكمة القضاء الإداري في 4 سبتمبر 2008 بوقف تنفيذ قرار الشركة القابضة لطمة للحكومة، إلا أن سعي الحكومة لم يتوقف حتي بعد الثورة، حيث صرح وزير الصحة الحالي ، “بأن 40% من مستشفيات وزارة الصحة – أكثر من 500 مستشفي – متهالكة، لكي يمهد لإصلاحها بالتمويل المشترك مع القطاع الخاص المصري والأجنبي. وأوضحت لجنة الحق في الصحة، أن بيع الأصول الصحية كارثة ضخمة لسببين علي الأقل وهما: أولا: أنه يغير من طبيعة تلك المؤسسات الطبية من مؤسسات خدمية تقدم خدماتها للمواطنين بالتكلفة إلي مؤسسات ربحية تتربح من التجارة في المريض والمرض، وثانيا: تقوم تلك المؤسسات، المملوكة للشعب حاليا وللأجانب مستقبلا ببيع خدماتها للجمهور المصري محملة بأرباح تفوق احتماله ولا تتوفر الصحة إلا للقادرين. كما أضافت ، أن محاولة تمرير مشروع قانون التأمين الصحي الإجتماعي الشامل الجديد، توفر الفرصة للبيع لأنها لا تشترط الحفاظ علي المستشفيات المصرية كمستشفيات خدمية غير ربحية، بينما تنص علي النص المراوغ الخاص بفصل التمويل عن الخدمة تمهيدا لتنفيذ مخططات الخصخصة، فضلا عما يتضمنه مشروع القانون من تحويل التأمين الصحي الاجتماعي إلي تأمين صحي تجاري يرفع الأعباء علي المواطنين ويجعل الأمراض التي يعالجون منها قابلة للانتقاص التدريجي من خلال اللوائح الوزارية بلا رقابة، ويكفي أنه يرفع اشتراك التأمين الصحي لطلبة المدارس من 4 جنيهات سنويا إلي 60 جنيها كحد أدني، كما يكلف كل من يحتاج فحصا متقدما مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي بين مائة ومائتي جنيه في المرة الواحدة. ويري الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، ان القانون يلقي اعباء علي المواطنين، تمنع الناس من تلقي العلاج وكان يجب الزام المواطن بدفع الاشتراك فقط دون دفع أي مدفوعات اخري ، لأن نسب المساهمات معيقة للمواطنين حيث يتحمل المواطنون 10% من قيمة التحاليل وتصل تكلفة بعض التحاليل الي 200 جنيه كما يتحمل نسبة 20% من تكلفة الاشاعات في العيادات الخارجية وتصل تكلفة بعض الاشاعات مثل الرنيم المغناطيسي والاشعة المقطعية الي 1000 جنيه، وهذا يعني أن المواطن مطالب بدفع 150 او 200 جنيه في الاشعة وهذه النسب معجزة لاغلبية المواطنين البسطاء في تلقي العلاج . وأضاف خليل ، ان الرسوم أيضا مبالغ فيها وهي عبار عن 3 شرائح : 3 و5 و10 جنيهات للكشف ثم 5 جنيهات اضافية علي كل علبة دواء، وهذه النسبة تزيد بنسبة التضخم السكاني ، هذا بالاضافة رفع قيمة اشتراك طلبة المدارس في السنة، حيث أصبح 60 جنيها كحد أدني بدلا من 12 جنيها تدفع مع مصاريف المدرسة ، لترتفع مصاريف مدرسة الطالب من 45 جنيها الي 100 جنيه دفعة واحدة وهذا يساعد علي تسرب الكثير من التعليم ، وقال : “هذه الحالة ليس لها مثيل في العالم، والمتعارف عليه في جميع الدول هو ربط الاجور بالتضخم علي عكس هذه الحكومة التي تربط مدفوعات المواطنين بالتضخم ، وهو مايؤكد انها حكومة تخالف أبسط البديهيات في القسوة علي المواطن . وأضاف خليل: أن الصحة في الدستور حق مكفول لكل مواطن، مشيرا إلي أن عدم وجود تأمين صحي اجتماعي معناه وجود نظام تأمين صحي تجاري، يحول الدولة لدور مشرف علي الخدمة وليس مقدما للخدمة، وأن المنطقي تعميم التأمين علي كل المواطنين ، وان تضم جميع المؤسسات الطبية التابعة لوزارة الصحة في هيكل واحد غير ربحي ، لكن القانون يفصل التمويل عن الخدمة ولا يتحدث عن هيكلة وزارة الصحة، كما ينص القانون علي ان من يقدم الخدمة هو الهيكل الحكومي والاهلي والخاص علي قدم المساواة وهذا يؤكد كل الشكوك حول خصخصة الصحة وبيعها . ودعا الدكتور محمد حسن خليل، جموع الشعب المصري الي الوقوف أمام هذا القانون، لأن من حق كل مصري أن يعالج دون ربح، وان يتصدي لمحاولات الدولة لتحويل مستشفيات التأمين الصحي إلي استثمار وتحويل الخدمة إلي سلعة، مضيفا : أن رعاية التأمين الصحي ليس علاجا مجانيا يقدم للمواطنين وإنما يدفع من أموال الشعب. وفي نفس السياق يري الدكتور رشوان شعبان – حركة أطباء بلا حقوق، ان القانون يعيد انتاج مشروع حاتم الجبلي القديم الذي رفضته جميع الجهات وحصلنا علي حكم قضائي ضده ، كما يري ان النسب المنصوص عليها للاشاعات والتحاليل والادوية تعني عدم الاكتفاء بتحصيل الاشتراك من المريض ، لكن علي المريض دفع نسبة غير قليلة من قيمة التحاليل والاشاعات ، وهذه النسبة في غير مقدور المواطن العادي ، أي الموظف والعامل وصاحب المعاش الذين يمثلون اغلبية الشعب المصري. كما يري ان القانون يتعامل مع مقدم الخدمة بتجاهل شديد ولا يذكر القانون الطبيب والممرض والفني والعامل وموظفي القطاع الصحي ، وكأن هذا القانون سيقوم بتأجير الخدمة او شرائها من خارج القطاعات الخدمية الحكومية او مؤسسات التأمين الصحي الموجودة حاليا ، في حين نمتلك كيانات كبيرة مثل: التأمين الصحي وقطاع الطب العلاجي والمؤسسة العلاجية وهيأت تعليمية والامانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة كل هذه القطاعات من المفترض انها تقدم خدمة. وأوضح رشوان ان الفصل بين التمويل وتقديم الخدمة يعني ان الجهة التي تتكون منها الهيئة لن تقدم الخدمة، ولكن ستقوم بشراء الخدمة من الاخرين ، وبذلك ترفع الدولة يدها عن بناء المستشفيات واماكن تقديم الخدمات الصحية، بهدف توسع دائرة الخدمة لشركات التأمين الصحي الخاصة . وأضاف رشوان ان الازمة تكمن في تفريق المؤسسات الصحية في مصر فالتأمين الصحي ، وهيئة المستشفيات التعليمية، والمؤسسة العلاجية ، والامانة العامة للمراكز الطبية، ومستشفيات وزارة الصحة التابعة للطب العلاجي ، كل مؤسسة تعمل في جزيرة منعزلة عن باقي المؤسسات، والحل هو عمل هيئة واحدة لمستشفيات مصر كلها ويطبق فيها القانون لتصبح الوزارة بالكامل في خدمة التأمين الصحي . وقال شعبان ، “أن اخطر ما في الموضوع هو ان الخدمة غير شاملة جميع الامراض وستكون متدرجة حسب امكانيات المريض، وفي مصر الامراض منتشرة بصورة كبيرة وفي حالات زرع الكلي والكبد يصبح المريض مطالبا بدفع مبالغ طائلة لن يستطيع تحملها المواطن البسيط” ، وأضاف :في الماضي التأمين كان يشمل السفر خارج مصر في حالة عدم توفير العلاج بالداخل اما الان اصبح للمريض حد معين حال تجاوزه هذا الحد عليه الاشتراك عن طريق شركات التأمين الخاصة ليتمكن من استكمال علاجه. وقال الدكتور جمال عبدالفتاح – طب القصر العيني ، ان التأمين الصحي تحول الي سلعة وأصبح من يملك المال يمتلك العلاج ومن لا يملك عليه انتظار الموت ، مضيفا ان الثورة قامت ضد المجتمع الرأسمالي الاستغلالي ، من أجل الفقراء وليست لقتلهم ، ويجب علي الدولة تأمين الصحة والتعليم والسكن والعمل للمواطن . كما يري ان النصوص الدستورية التي خرجت من الجمعية التأسيسية جميعها تأتي ضد التعليم المجاني والرعاية الصحية وحولتهم الي سلع للقادرين ، مضيفا ان كل القوانين والنصوص في الوضع الحالي لن تحقق العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية ، التي جاءت علي رأس مطالب جماهير الثورة، لكنها تصاغ وتفصل علي طريقة الحزب الوطني لصالح الاخوان ورجال اعمالهم وسلطتهم ، ولن تعبر الا عن الاغنياء قائلا : “واهم من يصدق بعد كل هذه الافعال ان الاخوان مع الثورة ومطالبها “.