مناضلون يساريون د. حمزة البسيوني (1) «في الزنزانة حكيت لزميلي د. يوسف إدريس بعضا من ذكرياتي وعندما أفرج عنه كتب روايته «قصة حب» حول ما حكيته له وتحولت إلي فيلم «لا وقت للحب» وأصر يوسف إدريس علي أن يكون اسم بطل الفيلم «حمزة» رغم معارضة بطل الفيلم رشدي أباظة والمخرج صلاح أبوسيف. د. حمزة البسيوني في القاهرة كان يوم 21 فبراير 1946 يوما مجيدا خرجت الألوف تحت قيادة اللجنة الوطنية للطلبة والعمال في الاسكندرية كان يوم 4 مارس 1946 مثيلا ليوم القاهرة وكان رفاق حدتو هم قادة هذا اليوم.. ويحكي احدهم د. حمزة البسيوني حكايتهم في هذا اليوم وحكايته في خضم هذا النضال. أعتقد أنني محظوظ لأنني أتيحت لي فرصة النضال في صفوف اليسار ومنذ بدايات حياتي في قريتنا كانت المنصورة الأكثر قربا وكثيرا ما ركبت ما كنا نسميه قطر الدلتا لأتوجه إلي المنصورة التي كانت منارة ثقافية ونضالية وكان طلبتها يلتهبون حماسا ووطنية. وفي الاسكندرية كنت ألتهب حماسا مثلي مثل كل طلاب كلية الطب الذين برز منهم ومن كلية أخري هي كلية العلوم قادة يساريون لعبوا دورا بارزا وسط الحركة الطلابية الثورية وفي صفوف النضال الحزبي. وعن بعض ماكان منذ عام 1946 الذي أعتبره الميلاد الثوري لي ولهذا الجيل من طلاب وعمال الاسكندرية أحاول الكتابة محاولا الاختصار الشديد والبعد عن التفاصيل سأكتفي بعناوين فقط. 4 مارس 1946 وأربعة مترليوزات موجهة الينا.. كنا قد اقتحمنا الكشك الأسمنتي للبوليس الحربي البريطاني في محطة الرمل بالإسكندرية ونحن لا نعلم أن به أحدا وتمكن اربعة جنود بريطانيين من حصد ما تمكنوا منه من الذين دخلوا الي الكشك ونجوت بمعجزة فقد وجهوا المترليوزات إلي الجماهير في محطة الرمل وحصدت المئات من القتلي والجرحي وأصرت الجماهير واحرقت الكشك وخرج الأربعة وقتلت الجماهير اثنين منهم. كان ذلك تلبية لنداء اللجنة الوطنية للطلبة والعمال للتظاهر احتفالا لشهداء 21 فبراير الذين سقطوا شهداء في ميدان الاسماعيلية (التحرير الآن). 5 مارس في طلبة طب الاسكندرية اقف خطيبا لأول مرة واتحدث عن المتظاهرين العزل من السلاح الذين قتلوا اثنين من الجنود البريطانيين فما بالك لو كانت هذه الجماهير مسلحة؟ وصغت في بساطة شعار النضال المسلح ضد الاستعمار وتم اختياري مع زميل اخر لمقابلة مدير الجامعة. وكانت البداية اختطفتني الحركة المصرية للتحرر الوطني التي كونت مع اسكرا الحركة الديمقراطية للتحرير الوطني (حدتو). بقرار حزبي توجهنا 3 طلبة سعد فريد من كلية العلوم - ومجدي حبيب من كلية الحقوق - وأنا إلي شركة الغزل الاهلية وقت دخول وخروج الوردية الصباحية وقدنا مظاهرة ضد الاستعمار وزعنا فيها منشورات تقول «لن يسمح الطلبة والعمال للحكومة النقراشية الخائنة بأن تبيع مصر في صورة معاهدة جديدة. قبض علي ثلاثتنا وحكم علي سعد فريد بالسجن 6 شهور. مظاهرات احتجاج في الجامعة تهتف «الشعب يريد سعد فريد» وتم القاء القبض علي وتقديمي للمحاكمة وحكم ب 6 شهور مع ايقاف التنفيذ. تم استئناف الحكم في قضية شركة الغزل وحكم بالبراءة لسعد فريد. إضراب البوليس ومظاهرات تأييد للضباط والكونسبتلات المضربين مصحوبة بهتافات. قمنا بتنظيم حملة لمكافحة الكوليرا، لجان لتنظيم التطعيم وتقديم مساعدات للنظافة. حرب فلسطين وفتح معتقلات 1948 وكان معي في معتقل ابي قير الزميل شحاتة عبدالحليم. المظاهرات ضد الملك والاستعمار. حصار كلية العلوم ومقتل أحد ضباط البوليس. إغلاق الجامعة وفصل عدد كبير من الطلبة. كنت ولطفي الطاوي من كلية الطب من المفصولين. بدأت الجامعة في فتح ابوابها وبدأت بكليتي الطب والآداب. انتظمت كلية الآداب واضربت كلية الطب وانضمت كلية الآداب للاضراب. تم إلغاء قرار الفصل وفتحت الجامعة. ازدهرت حركة السلام بالإسكندرية وقد كنت مسئولا عنها وكان لنا مقر بشارع سعد زغلول. جمعنا توقيعات علي نداء استكهولم ضد استخدام القنبلة الذرية. في عيد الفطر قمنا بمظاهرة عجيبة فقد التقينا مع العلائلات في حديقة النزهة وأحاطنا البوليس من المشاة والخيالة وسرنا معهم الي قسم الحضرة ونحن نردد الهتافات بشعارات السلام في وسط المئات من جماهير العيد في حديقة النزهة وأمام النيابة قمنا بإعطائها درسا عن حركة السلام وكانت اللجنة التحضيرية قد أذاعت بيانا وكان سكرتيرها يوسف حلمي المحامي وكامل البنداري باشا وحفني محمود باشا من الاعضاء وقد أفرج عنا في نفس اليوم. مظاهرات إلغاء معاهدة 1936 و10 لافتات لحركة السلام واحدة لكل لجنة. حريق القاهرة ومعتقلات يناير 1952 كنا في معتقل النزهة وقررنا التمرد واستولينا علي المعتقل من الداخل والقينا القبض علي مأمور المعتقل وضابط البوليس السياسي سيد فهمي (الذي اصبح وزيرا للداخلية فيما بعد) وقد تم عزله بعد احداث 17 و18 يناير وكان علي رأس قوة التمرد الزميل شحاتة عبدالحليم. وبقوة بوليسية رهيبة تم نقل جميع المعتقلين إلي معتقل هاكسيب ونقلت مع زميلي المرحوم سمير غبريال إلي سجن الاجانب لتأدية امتحاناتنا بكلية الطب. ثورة 23 يوليو والافراج عن جميع المعتقلين ماعدا 14 معتقلا كنت منهم ورحلوا إلي معتقل الطور وفي طريقي قابلت مجموعة من ضباط الجيش فيما أتذكر كان فيهم ثروت عكاشة وكانوا قد اعتقلوا مجموعات من الطلبة وأودعوهم في معتقل عسكري وأجريت مناقشة معهم قالوا فيها ان البوليس السياسي أخبرنا بأن القبض علي مجموعة معينة من الطلبة سيوقف المظاهرات ورحلت إلي المعتقل العسكري بدلا من معتقل الطور وكان محمد نجيب يتحدث في ذلك الوقت عن ابنائه الطلبة والذي يرعاهم في المعتقل وافرج عنا جميعا في أوائل عام 1953. تخرجت طبيبا في دفعة يوليو 1953 - اعتقلنا 1954 في معتقل أبو زعبل، نودي علي اسمي واسم يوسف إدريس في دفعة افراج ولكننا فوجئنا بترحيلنا معًا الي سجن مصر حلقت رؤسنا ووضعنا في عنبر من 4 أدوار كله من الاخوان المسلمين اضربنا علي الطعام وألقي بنا في زنازين التأديب حيث ضرب يوسف ادريس بعنف بعد ان قيدت قدماه في الفلكة. وجدنا نفسينا معزولين تماما عن العالم وتم فك الاضراب ورجعنا إلي العنبر. تم الافراج عن يوسف ادريس مع دفعة من الفنانين والادباء منهم ابراهيم عبدالحليم وفتحي خليل وزهدي علي أساس انهم سيتوجهون إلي السودان للتفاهم مع الحزب الشيوعي السوداني ولم يتم ذلك. كنت أحكي ليوسف ادريس بعضاً من ذكرياتي وقد كتب بعد خروجه روايته (قصة حب) وكان بطلها يدعي حمزة وقد أخرجها المخرج صلاح ابو يوسف، فيلما بعنوان «لا وقت للحب» كان بطلاها فاتن حمامة ورشدي أباظة الذي رفض لفترة ان يكون اسم الفتي الاول حمزة.