سقوط عربي موقف لجنة المتابعة العربية بشأن المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.. إعلان رسمي عن الضعف والعجز والافلاس.. إلي جانب التخاذل والتواطؤ. لقد قررت اللجنة المنبثقة عن الجامعة العربية إعطاء الضوء الأخضر للرئيس الفلسطيني محمود عباس للانتقال إلي المفاوضات المباشرة، وفي نفس الوقت أرادت التهرب من المسئولية وإلقاءها علي كاهل عباس (!!) الذي أصبح يعاني من ضغوط أمريكية وعربية في نفس الوقت! وسبق ان سمعنا من قادة عرب انه من المستحيل الانتقال إلي المفاوضات المباشرة دون إحراز أي تقدم في المفاوضات غير المباشرة. والحقيقة انه لم يتم احراز أي تقدم منذ بداية المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية قبل سنوات طويلة. وليس سراً ان الادارة الامريكية مارست ضغوطا شديدة علي الانظمة العربية مؤخرا لتقديم غطاء للفلسطينيين حتي يقبلوا المفاوضات المباشرة. ولم نجد من يرد علي تساؤلاتنا التالية: كيف ستحقق هذه المفاوضات المباشرة ما لم تحققه المفاوضات غير المباشرة وما سبقها من مفاوضات مباشرة.. خاصة ان الموقف الاسرائيلي لم يتغير بل يزداد تطرفا وعدوانية وشراسة؟. إذا كانت الادارة الامريكية - ومعها ما يسمي بالمجتمع الدولي - قد عجزا عن اقناع اسرائيل بوقف الاستيطان، فكيف بإمكانهما اقناعها بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 أو بالموافقة علي اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس؟ إذا كان القادة العرب يعرفون انه عندما رفضت اسرائيل المطالب الامريكية، تحولت ادارة الرئيس باراك أوباما للضغط علي الفلسطينيين والعرب بدلا من اسرائيل (!) فلماذا يتطوعون بتقديم كل التسهيلات لمحور واشنطن - تل أبيب بلا مقابل؟ وبدلا من ان يضغطوا - هم - علي واشنطن.. نجدهم يضغطون علي الفلسطينيين بناء علي طلب واشنطن. اذا كان القادة العرب علي يقين من ان حكومة نتنياهو التي تتشكل من تحالف العنصريين والفاشيين واليمين المتطرف - لن تقدم شيئا للفلسطينيين، لأن عقائدها وبرامجها السياسية لا تسمح بذلك فما جدوي المفاوضات؟ وإذا كانوا يعرفون ان الجدل في اسرائيل يدور اليوم بين من يريدون الاستيلاء علي مائة في المائة من الاراضي الفلسطينية ومن يريدون الاكتفاء بالاستيلاء علي ستين في المائة.. فما قيمة التعامل مع هؤلاء المتجادلين المتعطشين إلي التوسع؟ وما معني مفاوضات مجرد غطاء لمواصلة الاستيطان والتهويد وفرض حقائق جديدة علي الأرض. هل اصبحت القضية الآن هي ايجاد إجراءات لبناء الثقة من نوع رفع بعض حواجز الاذلال أو السماح لبعض السلع بدخول قطاع غزة أو الافراج عن بعض المعتقلين الفلسطينيين؟ أم ان القضية هي انهاء الاحتلال - الذي طال أمده - وفقا لجدول زمني معلن تضمنه اطراف دولية؟ هل مازال القادة العرب يأملون خيرا علي يد ادارة اوباما التي اعلنت انحيازها الاعمي والمطلق للتوسع الاسرائيلي والترسانة النووية الاسرائيلية؟ لقد تخلي القادة العرب - منذ زمن - عن قضية فلسطين بعد أن اصبح الهدف الاسمي، بالنسبة لهم، هو الدوران في الفلك الامريكي والحصول علي قبول ورضاء واشنطن.. والتمتع ب «بركاتها»!