اليمن.. غارتان أمريكيتان تستهدفان عناصر من القاعدة فى مأرب    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    مرموش ينشر صورا مع خطيبته جيلان الجباس من أسوان    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    نجم ليفربول السابق يدعم محمد صلاح في أزمته    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    الزراعة: الثروة الحيوانية آمنة.. وأنتجنا 4 ملايين لقاح ضد الحمى القلاعية بالمرحلة الأولى    لدعم الصناعة.. نائب محافظ دمياط تتفقد ورش النجارة ومعارض الأثاث    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    الأوقاف تنظم أسبوعًا ثقافيًا بمسجد الرضوان بسوهاج | صور    قصور الثقافة تُطلق الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    وزير الخارجية الصيني: دعم ما يُسمى "استقلال تايوان" ينتهك الدستور والقانون الدولي    الأمم المتحدة: عودة أكثر من 3 ملايين لاجئ ونازح سوري إلى ديارهم    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    وزير الاستثمار يبحث مع اتحاد المستثمرات العرب تعزيز التعاون المشترك لفتح آفاق استثمارية جديدة في إفريقيا والمنطقة العربية    مانشستر يونايتد يستعيد توازنه برباعية في وولفرهامبتون متذيل الدوري الإنجليزي    تقرير: برشلونة ينافس ليفربول على نجم أتالانتا    فى أجواء مثالية.. مركز المنتخبات الوطنية يستضيف المعسكر الختامي لمنتخب مصر الأول استعدادًا لأمم إفريقيا    اليوم، جنايات الإسكندرية تنظر محاكمة المتهم بالتعدي على التلاميذ بإحدى المدارس الدولية    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    استدرجه للموت.. عامل يواجه الإعدام بعد جريمة الخصوص    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    خروج عربات قطار روسي عن القضبان بين بشتيل وبولاق الدكرور وتعطّل جزئي بحركة القطارات    جهود فورية لرفع تراكمات المياه وتيسير حركة المرور في القاهرة والجيزة| صور    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    رئيس قطاع المتاحف يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث إثراء العرض المتحفي بالمتحف المصري بالقاهرة|صور    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    أرملة عمار الشريعي: كان عارف إنه مش هيعيش كتير واهتم بحال البلد    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    شمس تكشف أسباب ابتعادها عن الفن وتفاصيل حياتها الشخصية والانفصال عن والد ابنها    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    محافظ القليوبية يناقش الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي لمنطقتي العكرشة الصناعية وأرض جمعية    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    افتتاح فيلم «الست» في الرياض بحضور نخبة من نجوم السينما| صور    رجعت الشتوية.. شاهد فيديوهات الأمطار فى شوارع القاهرة وأجواء الشتاء    54 فيلما و6 مسابقات رسمية.. تعرف على تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان القاهرة للفيلم القصير    تضامن الإسماعيلية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة    تكريم «الأخبار» ضمن أفضل تغطية لافتتاح المتحف الكبير    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    مباراة حاسمة اليوم.. عمان تواجه جزر القمر في كأس العرب 2025 مع متابعة مباشرة لكل الأحداث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الدين والاعتقاد مرة أخري
نشر في الأهالي يوم 23 - 07 - 2010

في 19 فبراير 2010 قدمت مصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف تقريرها ضمن آلية «الاستعراض الدوري الشامل» الدورة السابعة. والتقرير مودع كوثيقة بالمجلس. وقام د. مفيد شهاب، وزير الشئون القانونية وشئون مجلسي الشعب والشوري، الذي سافر إلي جنيف علي رأس وفد حكومي كبير، بعرضه أمام المجلس.
يستحق التقرير الكثير من التعليق، ولكننا سنقتصر هنا علي ما ورد تحت عنوان فرعي «حرية الدين والاعتقاد»، (ص 12 -13) حيث نجد الفقرة التالية:
(تنص المادة (46) من الدستور علي أن: «تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية». ولا توجد في القوانين المصرية نصوص تحد من حرية الاعتقاد أو تحول دون تغيير الفرد لديانته. (...) ويرتبط بحرية الاعتقاد الديني حرية إقامة الشعائر الدينية، وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلي صدور قرارات جمهورية بالترخيص ببناء 138 كنيسة منذ عام 2005وحتي منتصف يوليو 2009، كما صدر قرار جمهوري عام 2005 بتفويض المحافظين كل في دائرة اختصاصه في الترخيص للطوائف الدينية المسيحية بهدم كنيسة وبإقامة كنيسة محلها في ذات الموضع، أو بإقامة بناء أو إجراء تعديلات أو توسيعات في كنيسة قائمة (...). وجدير بالذكر كذلك أن إقامة المساجد يتم وفقا لخطة تضعها وزارة الأوقاف طبقا للقوانين والقرارات المنظمة لعملها، وهناك خطة تنفذها الوزارة لضم جميع المساجد الأهلية إليها، مما يعني أن إقامة المساجد في مصر ليس متحررا من قيود التراخيص. وفي جميع الأحوال فقد تقدم المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بمشروع قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة، وجار النظر فيه لتقدير مدي ملاءمة تبني مثل هذا القانون في المستقبل).
ومع اقتناعنا التام بأن حكومتنا الرشيدة والذكية والمنصفة والعادلة «تقول الصدق دائما» ما لم يثبت العكس، إلا أننا حاولنا التدقيق في بعض ما ذكرته الوثيقة الرسمية... فقط من باب اطمئنان النفس وليس أكثر. وهذا بعض مما وجدناه:
أولا: يقول التقرير إن عدد القرارات الصادرة من يناير 2005 حتي منتصف 2009 يوليو (138) قرارا. وللتأكد من هذه المعلومة، قمنا بمراجعة دقيقة لجميع أعداد «الجريدة الرسمية» للسنوات 2005 حتي 2007 إضافة إلي ما ورد بتقارير «الحالة الدينية»، الصادرة عن مركز «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، فيما يتعلق بعامي 2008 و2009 وهي عموما تقارير موثوق بها. وتحت أيدينا جدول مفصل بالمعلومات المستخلصة. نتيجة هذه المراجعة تبين صدور (122) قرارا فقط (أو 126 قرارا حتي نهاية 2009).
هناك إذن فارق (16) قرارا بين الرقم الذي يذكره التقرير الحكومي وما توصلنا إليه.
ثانيا: هذا الفارق في العدد بالطبع لا يفسد للود قضية. لكن الذي يفسد الود والقضية معا هو أن القرارات الجمهورية المذكورة لم تكن كلها «بالترخيص ببناء كنائس» كما يزعم التقرير، بل لم يكن بينها سوي (37) قرارا فقط، أي أقل من ثلث الإجمالي. وتوزيعها الزمني هو (13) في 2005 و (18) في 2006 و (6) في 2007 و (صفر) في 2008 و (صفر) في 2009. أما لتوزيع بين الطوائف فهو (22) للأرثوذكس الذين يمثلون حوالي 90% من المسيحيين المصريين و (10) للإنجيليين بطوائفهم المختلفة و (5) للكاثوليك.
أما باقي القرارات الجمهورية فتوزيعها كالتالي:
(55) قرارا تتعلق ب »التصريح بكنائس قائمة بالفعل« (طبقا لنصوص القرارات الجمهورية)، أي بهدف تقنين أوضاع كنائس أنشئت في الماضي. وتوزيعها بين الطوائف هو (19) للأرثوذكس و(29) للإنجيليين بطوائفهم و (7) للكاثوليك.
(34) قرارا تتعلق بترميم وإصلاح كنيسة، مثل «ترميم سور ودورات مياه» (البلامون بني سويف) أو «ترميم شبكة المياه» (الجبل الشرقي سوهاج) أو «إنشاء مطبخ وملحقات» (قرية الحمام بني سويف) أو «إصلاح سقف» (صدفا أسيوط) أو إنشاء «قلالي رهبان» بدير مار مينا (جبل أبنوب أسيوط)، أو بناء دار خدمات أو مستشفي خيري أو هدم وإعادة بناء كنيسة في نفس الموقع ونفس المساحة. لكن إحقاقا للحق فمعظم هذه القرارات (31) كان في 2005 أي قبل أن يصدر في ديسمبر من تلك السنة القرار الجمهوري الخاص بتفويض المحافظين سلطة هذه النوعية من التصاريح.
ثالثا: استباقا لما يمكن أن ينتاب مستمعا من أعضاء مجلس حقوق الإنسان حتي لو كان من عينة «الخواجة بيجو» (وهو لمن لا يعرف نجم «ساعة لقلبك» الذي كان يبتلع بسهولة فشرات شريكه «أبو لمعة الأصلي») من شكوك وتساؤلات عن ضرورة إصدار «قرارات جمهورية» لبناء الكنائس، بينما المادة 64 من الدستور تقول «تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشرائع الدينية»، وإذا ما كانت هناك تصاريح مماثلة عند بناء المساجد، تقول الوثيقة المصرية المحترمة: (جدير بالذكر كذلك أن إقامة المساجد يتم وفقا لخطة تضعها وزارة الأوقاف طبقا للقوانين والقرارات المنظمة لعملها، وهناك خطة تنفذها الوزارة لضم جميع المساجد الأهلية إليها، مما يعني أن إقامة المساجد في مصر ليس متحررا من قيود التراخيص).
وطبعا لا توجد علاقة منطقية أو غير منطقية بين «خطة وزارة الأوقاف» في ضم المساجد الأهلية والحصول علي «تراخيص» عند بناء مسجد سواء كان حكوميا أو أهليا. ومقارنة أوضاع الكنائس بالمساجد من هذه الناحية «فشرة» لم يكن السيد أبو لمعة حتي في قمة مجده ليجرؤ علي التفوه بمثلها («كده همايوني وكده مش همايوني»). فليس فقط لا يحتاج المسجد لترخيص، بل إن مجرد تحويل «بدروم» عمارة إلي مصلي، بميكروفون أو بدونه، ينشأ عنه إعفاء تلقائي من «العوائد» ومصاريف الكهرباء. ولا يوجد في مصر مبني حكومي أو مدرسة أو هيئة بدون وجود «مصلي» به. ولا شك أن حكومتنا تعرف أن بأرض الكنانة ما يفوق تسعمائة ألف مصلي وزاوية إضافة للمساجد التي ضمت وزارة الأوقاف منها مائة وأربعة آلاف تحت إشرافها حتي الآن والباقي أهلي.
وبالمناسبة، وفي نفس أرض الكنانة، كانت أجهزة الأمن قد ألقت القبض في 27 أكتوبر 2008 علي المواطن موريس سلامة (مدرس)، من قرية دير سمالوط، بتهمة «الصلاة داخل منزله بحضور رجل دين مسيحي بدون تصريح» وحررت له المحضر 8651 حيث إنه أقام صلاة ذكري سنوية لوفاة عمه حضرها أعضاء العائلة، وذلك علما بأنه لا توجد كنيسة بالقرية. وقد أخذت عليه السلطات تعهدا بعدم اقتراف مثل هذه الأمور مستقبلا وعينت حراسة علي المنزل للتأكد.
منها لله هكذا حكومة!
رابعا: إدراكا من مؤلف التقرير صعوبة ابتلاع ما يقول، نجده يسارع بالقول (وفي جميع الأحوال فقد تقدم المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بمشروع قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة، وجار النظر فيه لتقدير مدي ملاءمة تبني مثل هذا القانون في المستقبل).
إذن هناك «مشروع قانون»؟! بل إنه، طبقا لما صرح به د. أحمد كمال أبو المجد النائب السابق لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (جريدة «وطني» 28 فبراير)، تم التقدم به لمجلس الشعب. لكن من ناحيته، ينكر رئيس مجلس الشعب تماما وجود أي أثر لمشروع كهذا!!
وفي حوار طريف جري في مجلس الشوري بجلسة 7 فبراير، تساءل د. رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، «لماذا لم يصدر قانون لبناء الكنائس في ظل وجود أزمة حقيقية للوحدة الوطنية»، فرد الوزير شهاب قائلا «إن هناك من يحاول التأكيد علي وجود عوائق لبناء الكنائس، ويجب ألا ننساق وراء هذه الشائعات» (كذا!)، مشيراً إلي وجود قانون منظم لبنائها منذ عهد محمد علي. وعلق السعيد قائلاً: «إذا كان يرضي الحكومة أن يكون القانون المنظم لبناء الكنائس موجود منذ أيام محمد علي.. فمنها لله»، وأضاف: «أنا لم أطلب شيئاً أكثر من العدل والديمقراطية والحرية». حقا، منها لله حكومتنا هذه!
(ننتهز الفرصة هنا (من باب الدقة فقط) لتصويب معلومة: »الخطاب الموشح بالخط الهمايوني» للسلطان العثماني عبد الحميد لم يصدر في عهد محمد علي، كما يقول الوزير شهاب، بل أيام الوالي محمد سعيد باشا في 18 فبراير 1856 (أي من محاسن الصدف قبل 154 سنة بالضبط من يوم إلقاء بيان مجلس حقوق الإنسان!)).
وتماديا في التفكه يوضح السيد الوزير في رده أمام مجلس الشوري «أن تنظيم بناء الكنائس سيتم وفقا لتنظيم الخط الهمايوني... كما أن تنظيم بناء المساجد يرجع لمئات السنين وهذا لا يعيب التشريع المصري إذ يبين لنا أن مصر دولة ضاربة في التاريخ وهي تقدس الأديان وتضع تنظيمات لبناء دور العبادة».
لا يحتاج هذا الكلام المثير للغثيان إلي تعليق غير التنويه إلي أنه من سخرية القدر قد جرت في نفس الجلسة مناقشات لموضوعات أخري، من بينها ما أكده المستشار رجاء العربي رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية من «أهمية مراجعة العديد من القوانين التي مضي علي صدورها أكثر من عشرين عاماً، وتحديثها لتتواكب مع التطورات».
الوله بالهمايوني!
خامسا: من اللافت للنظر أن الدولة علي لسان كبار مسئوليها أصبحت فجأة تتمسك بأهداب «الهمايوني» الذي كانوا ينكرون تماما في الماضي مجرد استمرار وجوده (مثلا يقول د. مصطفي الفقي «إن ما سمي ب الخط الهمايوني قد تم رفضه ودفنه في ذمة التاريخ منذ سنوات الأهرام 14 يوليو 2009).
وقد بلغ الأمر بدولتنا العتيدة والعنيدة حد الإصرار علي إصدار (55) قرارا جمهوريا منذ 2006 لتقنين أوضاع «بكنائس قائمة بالفعل« (كما ذكرنا أعلاه)، بنيت خلال النصف قرن السابق لعام 1971 عندما كانت الدولة قد تجاهلت «الخط الهمايوني» وتوابعه إلي درجة إسقاطه. (وكما نعرف مثلا، فإن الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وهي مقر رئاسة الكنيسة بنيت بدون قرار جمهوري، بل وساهمت الدولة في مصاريف إنشائها وحضر جمال عبد الناصر حفل افتتاحها).
الحكاية ببساطة هي أن الدولة الساداتية المباركية قد أعادت الهمايوني للحياة تمسكا حرفيا منها بالقاعدة الفقهية التي تلزم أهل الذمة «ألا يحدثوا ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خُرب» (إلا بموافقة ولي الأمر). ولذا نجد أن قرار 2005 يتحدث عن «تفويض»، وليس «نقل» سلطة إصدار تصاريح الترميم إلي المحافظين. أي إن «ولي الأمر» يفوّض «ولاة الأقاليم» السلطة التي يملكها وحده !!
المشكلة إذن أعمق بكثير من «أعداد» الكنائس، وهل ما هو قائم منها أو ما يصرّح ببنائه كاف للاحتياجات، (والإجابة بالقطع «لا»)، فالمشكلة الحقيقية تتعلق بالمبدأ. وهل هناك شك أن الدولة في «العصر الذهبي الثاني للأقباط» تصر علي الإمعان في إذلالهم لتثبت للجميع أنها أكثر تطرفا من الإسلاميين والمتأسلمين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.