الآلاف من العمال يشربون مياها ملوثة ويعيشون تحت المداخن ويعانون الأمراض الصدرية تحت عنوان (الأمان بين يديك للسلامة والصحة المهنية شراكة بالمسئولية وتعزيز للتنمية) نظمت وزارة القوي العاملة والهجرة مؤتمرا بالتعاون مع وزارة العمل الإيطالية في ختام مشروع التوأمة المؤسسية المنفذ بين الجانبين، وجري إطلاق إعلان القاهرة للسلامة والصحة المهنية ، وكذلك الإعلان عن قرار اعتبار الاول من يوليو من كل عام يوما للسلامة والصحة المهنية .اللقاء كشف عن أن هذا المشروع الذي انتهي بداية الشهر الجاري "يوليو2010" وبدأ منذ عامين ، تكلف ما يقرب من مليون يورو، هذا الرقم الذي لم يأت في التقارير التي جري توزيعها بينما أكدت عليه مصادر خاصة للأهالي الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة حول كيفية إنفاقه ومدي نجاح هذه الفكرة التي تتم حسب ما قيل تحت رقابة الجهات الممولة. وبعيدا عن الرقابة الأوربية هذه، فهناك واقع ملموس يعيشه العمال في المصانع والشركات سواء العامة أو الخاصة وهناك ايضا شكوك حول تقييم أداء هذه المشروعات المشتركة مع الاتحاد الأوروبي، وتشير المعلومات الي أن التمويل لبرنامج دعم اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية ككل بلغ 97 مليون يورو وهو ما يأتي ضمن مجموعة من البرامج التي تشكل حزمة المساعدات وآليات الدعم الأوروبي المتاحة في اطار اتفاق المشاركة والتي خصصت مبلغ مليون يورو وانفق علي مدار العامين الماضيين في دعم السلامة والصحة المهنية وهي محور هذا التقرير، فهل جرت عملية الانفاق بشكل صحيح ومثمر حقا علي دعم السلامة والصحة المهنية ، وهنا يقول السفير جمال بيومي مدير البرامج ودعم اتفاقية الشراكة بين مصر وايطاليا ان السوق الأوروبية مفتوحة بشكل كبير أمام كل السلع المصرية التي ستراعي المعايير الدولية دون عوائق أو رسوم اضافية لسوق يبلغ تعداده 500 مليون نسمة، وحجم تداول سنوياً يبلغ 14 تريليون دولار، مطالباً وسائل الاعلام بعدم التشكيك في المعونات الأجنبية المقدمة لمصر وطرق انفاقها واشاعة أن هناك اهدارا لأموالها، لأن هناك رقابة أوروبية علي ما يتم منحه لمصر من الدول الأوروبية، وهو ما يبعد الشك في اهدار الأموال.. فهل هذا حقيقي المياه ملوثة! مكتب الصحة بمدينة زفتي يقول في احدي تقاريره الاخيرة إن عمال شركة الدلتا للغزل والنسيج بطنطا وزفتي يشربون مياها ملوثة ، وأن ارض المصنع غير مستوية وان بعض العاملات يجلسن علي مقاعد غير صحية ، والاخطر من ذلك هو وجود مداخن قصيرة جدا تسرب الأدخنة داخل فرع زفتي بالذات، ونتذكر هنا الحريق الاخير الذي حدث في ثلاثة مصانع للنسيج بشركة غزل المحلة !! وتقرير مركز افاق اشتراكية بالمحلة الكبري يصدر بيانا يؤكد فيه الحقيقة الكاملة فالعمال بالقطاع الخاص وغزل المحلة والنصر للصباغة لم يحصلوا علي اي دورات خاصة بالصحة المهنية او الامن الصناعي او كيفية استعمال وسائل الامن الصناعي ولم يتسلموا أي ملابس وقاية او حماية كالاحذية او الكمامات وغيرها ، ويفيد عدد من العمال ان هناك أجهزة جديدة في الدواليب تخرج عند زيارة أي مسئول فقط ، وما زالت الابخرة الضارة والسامة تخرج من فتحات الصرف الصناعي الخط الجديد امام مصنع الشافعي والجندي وبالشارع الرئيسي للمصانع مما يعرض اهالي مساكن ابو شاهين للخطر وكذا المارة من المواطنين وأن مياه الشرب بمصانع المسيري والسامولي غير صالحة للشرب وتعرض العمال للخطر ومداخن مصانع القطاع الخاص قصيرة جدا والادخنة تدخل لنوافذ السكان المجاورين للمصانع ومياه الشرب بمصنع نسيج زفتي مختلطة بالمجاري والطحالب ومحطة الكهرباء الرئيسية بغزل المحلة دائما ما تسببت في حالات وفيات واصابات لعدم وجود قطع غيار لصيانتها وانتهاء عمرها الافتراضي. عمال الاسمنت مايقرب من 5000 عامل في حلوان داخل مصانع الاسمنت يعانون من التلوث ومعظمهم مرضي بالقلب والصدر وخلافه ، والسبب اهمال الحكومة وعدم المتابعة والمراقبة والعمال يتساءلون لماذا اهدرت الحكومة 200 مليون جنيه لشراء فلاتر وتركيبها لمنع التلوث وتسرب الادخنة داخل المصانع ولم تستخدم حتي الآن سواء من عندما كانت هذه المصانع قطاع عام او بعد بيعها للايطاليين ، والعمال يتسألون أيضا لماذا لم ينفذ قرار نقل هذه المصانع خارج الكتلة السكنية خاصة ان د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء كلف وزارات التجارة والصناعة والاستثمار والبيئة ومحافظ حلوان باجراء الدراسات مع مجموعة الصناعات الكبري القائمة بحلوان وأهمها مصانع الاسمنت والحديد والصلب وفحم الكوك التابعة للقطاعين العام والخاص لامكانية نقلها وتوطينها في مناطق أخري بعيدا عن الكثافة السكانية بالمحافظة ، خاصة أن هذه الصناعات مقامة علي نهر النيل علي مساحة لا تقل عن 5500 فدان . ويعتبر محمد عبدالمنصف رئيس لجنة النقابة بشركة طرة الاسمنت ما يحدث اهدارا للمال العام وتدمير لصحة العمال ايضا فمن الممكن التراجع في قرار نقل المصانع التي تعيب عنها السلامة والصحة المهنية بشرط تشغيل الفلاتر المانعة لتسريب الادخنة داخل المصانع ، وقال أنه اذا كان مجلس الوزراء قد أصدر قرارا عام 2005 بنقل المصانع الملوثة من داخل القاهرة الي خارجها، كما تم تشكيل لجنة لاعداد الدراسات اللازمة وتحديد الاجراءات المطلوبة، وخلال ديسمبر من عام 2008اعتمد المجلس المخطط الاستراتيجي لمحافظة حلوان، متضمنا نقل مصانع الحديد والصلب والكوك ومصانع الأسمنت، التي يشكل انتاجها 25 % من انتاج الأسمنت في مصر فلماذا أهدرت الحكومة 200 مليون جنيه في شراء فلاتر خلال عام 2005 نفسه ستمنع الثلوث في حالة تشغيلها باستمرار وعمل متابعات حقيقية من جانب وزارة البيئة ومعاقبة الادارت في حالة توقف الفلاتر! المحاجر ورغم وجود اللائحة النهائية بدمج عمال المناجم والمحاجر في قطاع العمالة المنتظمة حيث وتطبق عليهم لوائح قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فيما يتعلق بعدد ساعات العمل والتأمينات والمعاشات والحوافز والاجازات ، وتفويض المحافظين بتنفيذ اللائحة لعمال المناجم والمحاجر في المحافظات التي ينتشرون بها، الا أن هذه العمالة تعاني من غياب السلامة والصحة المهنية وتعالوا لنشاهد كل يوم عشرات الآلاف من العمال الذين يتوافدون علي منطقة المحاجر بطريق الاوتوستراد لنشاهد الصراع اليوم مع المرض والفقر وعدم الاستقرار في العمل ويكفي أن نشير الي أحدث دراسة عن الأمراض المهنية التي تصيب عمال المحاجر ، خاصة اذا كان موثقا بكشوف طبية ودراسات أجريت علي قطاع واسع من العمال، فقامت مؤسسة وادي النيل لرعاية عمال المحاجر باصطحاب مجموعات من العمال بشكل عشوائي لاجراء الكشف الطبي عليهم، ليتأكد للجميع المخاطر المهنية التي قد لاتظهر في وقت قريب علي صحة العامل حيث تتنوع الأمراض المهنية التي تهدد عمال المحاجر بين أمراض الجهاز الهضمي، الناتجة عن تناولهم مأكولات من الباعة المتجولين أو مياه الشرب الملوثة بالأتربة، التي قد تؤدي أيضا لاصابتهم بأمراض الكلي، كما أن الاجهاد الشديد وانخفاض مقاومتهم للأمراض يسببان سوء التغذية، والتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة قد يؤدي لاصابتهم بأمراض الاجهاد كاصابات العمود الفقري وآلام الظهر والعظام وكذلك الاصابة بضربات الشمس ، هذا بالاضافة الي أمراض الجلد بسبب الغبار الذي يتعرضون له بصفة مستمرة، بل ان التعرض للغبار- جير وسليكا متطايرة- قد يعرضهم للاصابة بالتهابات الحلق والأنف والحنجرة وأمراض حساسية الصدر وتكرار النزلات الشعبية والمزمنة طوال مدة العلاج ، ومع طول فترات العمل بالمحاجر قد يصاب العمال بمرض تحجر الرئة ويؤدي المرض الأخير الي مضاعفات خطيرة مثل الاصابة بالسرطان، ويكون المصاب به عرضة للاصابة بهبوط حاد في القلب والدورة الدموية، قد يؤدي الي الوفاة ، ووسط هذه الظروف السيئة تقول الدراسة ان هناك مرضاً آخر مصاحباً لكل الأمراض السابقة هو «الدرن» وهو منتشر بين عمال «الداودية» و«نزلة حسين» و«عرب الشيخ محمد» بصفة خاصة. وحسب المعلومات التي جاءت في الدراسة فلا تتوقف الاصابات والأمراض المهنية عند هذا الحد بل ان ظروف العمل السيئة والخطيرة داخل المحاجر تجعل العمال عرضة لاصابات متكررة مثل الصعقات الكهربية وهي السبب الرئيسي الآن في أغلب حالات الوفاة داخل المحاجر،كما تنتشر أيضا وبصفة متكررة بين عمال المحاجر - خاصة عمال نحت الدرج في بني خالد والعاملين في المناشير - اصابات العيون بسبب تطاير الأجسام الغريبة وذرات الغبار أثناء العمل وبسبب دخول البودرة والجير داخل العين، والتي تتحول مع الوقت الي التهابات شديدة ومزمنة في العين، كما أن تعرض العمال لأصوات الماكينات العالية ودويها الضخم بمرور الوقت يصيبهم بفقدان السمع في ظل غياب كل عوامل الأمن الصناعي عن المحاجر، وكذلك في ظل الفقدان الكامل للرعاية الصحية ، وفي واحدة من الدراسات حول الأمراض الصدرية التي تصيب عمال المحاجر، والتي أشرف عليها الأستاذ الدكتور فريد صفوت، اخصائي أمراض الصدر بمستشفي الصدر بالمنيا، اتضح أن 57% من الذين خضعوا للكشف مصابون بأمراض صدرية، كما أن 55% من العينة مصابون بحساسية الصدر بينما توزعت بقية الاصابات بين النزلات الشعبية الحادة والالتهاب الشعبي وحساسية بالأنف والاصابة بآلام روماتيزمية بالصدر وارتفاع ضغط الدم. تنفيذ القانون القضية لا تحتاج إلي دعم لا نعرف مصيره ولا قرارات جديدة تعجز الحكومة نفسها عن تنفيذه، انما تحتاج الي تطبيق قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الذي يحتوي علي مواد تحقق الحد الادني من الحماية الصحية للعامل فمثلا ( مادة 208 ) تلزم المنشأة وفروعها بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل بما يكفل الوقاية من المخاطر الفيزيائية.