منذ عدة أشهر تلقي زميلنا وصديقنا عبدالحميد بدر الدين الذي رحل يوم الجمعة الماضي، اتصالا من زعيم حزبنا الاستاذ خالد محيي الدين شكره خلاله علي المقال الجميل الذي كتبه في «الأهالي» مطالبا المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري وقتها بتصحيح خطأ تاريخي في حق خالد محيي الدين بمنحه قلادة النيل التي حصل عليها طنطاوي في يوم ابعاده عن المؤسسة العسكرية المصرية بإحالته إلي التقاعد فلم تنفعه قلادة النيل تلك في ابقاء سجله ناصعا اذ خرج من التاريخ يوم إحالته إلي التقاعد ينزوي في منزله يراجع اخطاءه بالجملة فيما يظل خالد محيي الدين بدون قلادة النيل بطلا وزعيما خلد تاريخ مصر اسمه كأحد قادة ثورة 23 يوليو العظيمة ومناضلا وسط الشعب من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وترك السلطة والحكم بإرادته مستقيلا عام 1954 ودفع الثمن بنفيه إلي أن عاد وأسس حزب التجمع أول حزب علني لليسار المصري في 1976. في هذا العام خاض عبدالحميد بدر الدين انتخابات مجلس الشعب مرشحا عن حزب التجمع في المنوفية وحقق نجاحا كبيرا وكاد أن ينتزع مقعدا في المجلس، ولكنه لم يتوقف عن النضال السياسي الذي عاشه طوال حياته سواء كان في الاتحاد الاشتراكي أو في جامعة القاهرة في نهاية الستينيات أو جنديا في القوات المسلحة حتي حرب اكتوبر المجيدة. انتمي عبدالحميد للاشتراكية ولليسار وللعدالة الاجتماعية ولأبناء قرية (الروضة) التي ولد فيها في محافظة المنوفية وعاد إليها يوم الجمعة الماضي مع اسرته الجميلة الرائعة زوجته ورفيقة حياته ماجدة وابنائه مازن ورامي ومي وأصدقائه والآلاف الذين شاركوا في تشييع جنازته. في الكويت قضي عبدالحميد سنوات ظل يعمل بالصحافة والكتابة قلما شريفا لم يهاجم مصر في الخارج بحثا عن بطولة وانما ظل يدافع عنها وعن آلامها ومحنها، وعاد إلي مصر فترة من الوقت وانضم إلي اسرة تحرير الاهالي لمواصلة هذا الدور الوطني الشريف حتي عاد مرة أخري إلي الكويت قبل ان يتركها نهائيا منذ سنوات للاستقرار في مصر يقضي وقته في القراءة والكتابة وكان يعد في الشهور الاخيرة بعد الثورة روائياً كبيراً عن أحوال المجتمع المصري فاجأنا عبدالحميد بالرحيل بعد أن أعطانا أملاً كبيراً في مواصلة الحياة ولكنه مثل كثير من الاحباء كان يبتسم ويضحك لكي يودعنا مبتسما متفائلا، وحتي انه أمضي إجازة العيد في أحد مستشفيات القاهرة ووصف تلك الأيام بأنها الأجمل لأنه استمتع بصحبة أسرته واحبائه بشكل لم يحدث منذ سنوات. لم تجف دموعنا علي رحيل الصديق حلمي سالم حتي رحل عبدالحميد بدر الدين الذي يستحق من حزبنا تكريمه بوسام خالد محيي الدين وهو عندنا أعلي قيمة من قلادة النيل وأوسمة ونياشين النظام.