مساخر حكومية! وقع بعض المدافعين عن تمديد حالة الطوارئ في أخطاء فادحة.. وفاضحة تسيء إلي نظام الحكم وإلي أنفسهم. تفاخر هؤلاء بأن أغلبية المواطنين لا تشغلها هذه القضية علي الإطلاق، وأن كل ما يشغلها هو لقمة العيش والسعي وراء الرزق الحلال وقالوا إن معارضة تمديد الطوارئ لا تصدر سوي من أقلية صاخبة!. وهذه هي أول مرة في تاريخ مصر يتباهي فيها المدافعون عن الحكم بأن الغالبية الساحقة من الشعب المصري لا يشغلها الهم العام، ولا تثير اهتمامها القضايا الكبري، ولا يعنيها في شيء أن تتابع ما تفعله الحكومة حتي ولو كان يمس في الصميم قضية الحريات العامة والأمن الشخصي للمواطن وكرامته.. وحتي ولو كان عرضة في ظل الطوارئ لأن يجد نفسه فريسة سهلة لمكيدة من تدبير مخبر أو ضابط شرطة!. هذه أول مرة يعترف فيها مدافعون عن تمديد الطوارئ بأن أهم وأكبر منجزات الحكم هي تحقيق النجاح في ابعاد المواطن المصري عن مجرد التفكير في أخطر خطوة ترتكبها حكومتهم. ومن هنا ندرك أن سلبية المواطن المصري ليست من قبيل المصادفة، أو لوجود عيوب في تركيبة أو جينات المصريين وانما هي نتاج جهد متواصل لحكومات الحزب الحاكم التي تحرص علي فرض السلبية علي مواطني هذا البلد. ومن حقنا هنا ان نتسائل: الا يعني ذلك أن القاء المزيد من الأعباء المعيشية علي المواطنين، والقائهم في دوامة الفقر والحاجة.. إلي الحد الذي يجعل من البقاء علي قيد الحياة مشكلة كبري بل أكبر التحديات التي تواجه هؤلاء المواطنين في حياتهم اليومية.. بحيث لا يجدون الوقت للتفكير في الشأن العام، ويعتبرون هذا النوع من التفكير ترفا لا يطمح اليه أمثالهم، ولا يرتقون إلي مستوي يؤهلهم إلي الانشغال به!؟ إنها أسوأ دعاية لنظام الحكم يقوم بها بعض المدافعين عن هذا الحكم! بل إن بعض المدافعين عن تمديد الطوارئ تورطوا إلي حد الزعم بأن هذا التمديد بمثابة خدمة تقدمها مصر للعالم، الذي يحتاج إلي مثل هذه الخدمات، أي أن الحكم المصري انما يحمي العالم بفرضه حالة الطوارئ علي الشعب المصري. ونستنتج من كتاباتهم أن الطوارئ لن تلغي قبل أن ينتهي الارهاب في العالم، وقبل أن تصبح المخدرات جزءا من الماضي!!(وهو ما لن يحدث في المستقبل المنظور). وليتهم يكتفون بذلك، ولا يحاولون اقناعنا بأن للطوارئ الفضل في الحراك السياسي وتطوره إلي مستويات هائلة في الوقت الحاضر!!(وهو ما يفعلونه الآن). ولم يعد يبقي أمامهم سوي تقديم النصح للدول الأخري لكي تفرض الطوارئ حتي يتحقق مثل هذا الحراك السياسي لديها!! ولا تقف المضحكات المبكيات عند هذا الحد، فإن هذا النفر من المدافعين عن الطوارئ يقررون أنه حدث تعديل «جوهري» في قواعد العمل بقانون الطوارئ، وبأن هذا التعديل يشبه الالغاء! والسبب في ذلك أن الحكومة قررت التخلي عن سلطتها في تحديد مواعيد فتح المحلات العامة وإغلاقها! وتصل الملهاة - المأساة إلي ذروتها عندما يكتب حكوميون لتذكيرنا بأن إسرائيل تعمل منذ قيامها عام 1948 وفقا لتلك الاجراءات الاستثنائية، ويتجاهلون أن الحكم العسكري الإسرائيلي موجه - في الأساس- ضد شعب جري احتلال أرضه وتشريده واغتيال قادته والزج بخيرة مواطنيه في المعتقلات وتستمر محاولات الغاء هويته مع الغاء كل حقوقه القومية. ورغم ذلك فقد اصبحت إسرائيل نموذجا يحتذي به لكل هؤلاء الحكوميين! إنها عقدة النقص المزمنة! ولا يبقي سوي أن نهنئ أنفسنا بأن الحكومة لم تعد قادرة، بعد هذه التعديلات في الطوارئ. علي تنظيم ساعات العمل للأنشطة التجارية!!