هذا هو أبسط تعبير عن تقييم رد فعل أبناء مهنة الصحافة تجاه الجريمة التي يدبرها التحالف الإخواني – السلفي ضد حرية الصحافة. كنت أتصور ضرورة الدعوة إلي إضراب الصحف أو امتناعها عن الصدور لمدة يوم، أو إلي اعتصام في مبني نقابة الصحفيين حتي يتم إبطال وإسقاط المؤامرة التي تخطط لها القوي المتطرفة المعادية لحرية الرأي والتعبير ضد الصحف القومية. وهل هناك دليل أكثر وضوحا علي أن التحالف الإخواني – السلفي ينتهج نفس أساليب الأنظمة السابقة البائدة من هذا الموقف المفضوح في استخدام مجلس «الشوري» لكي يكون غطاء للسيطرة علي الصحف القومية وإخضاعها لمشيئة وأهواء المجموعة الحاكمة والمهيمنة التي تسعي إلي تغيير هوية الدولة والتحكم في كل مفاصلها ومكوناتها.. وبالتالي فإنها تريد أن تمنح نفسها الحق في تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير هذه الصحف؟ بل إن الحكام الجدد لجأوا إلي وسائل مهينة للصحافة والصحفيين لتحقيق هذا الغرض. الآن أتذكر كيف صارحني رئيس تحرير صحيفة قومية كبري بأنه كان يتمني أن يصدر قرارا بأن أتولي موقعا مهما في الصحيفة لولا معارضتي اتفاقية كامب ديفيد وهو أمر لا يستطيع أن يتحمل مسئولية القيام به أمام رئيس الجمهورية. والآن يتوقع الجميع أن يكون التأييد للتحالف الإخواني – السلفي أو – في الأحد الأدني – التعاطف معه، علي طريقة رئيس الوزراء المكلف، وممارسة أساليب الطبل والزمر لقرارات هذا التحالف وسياساته شرطا للتعيين في رئاسة مجالس الإدارات ورئاسة التحرير، وأن يكون استمرار الولاء شرطا للاستمرار في المنصب! ورغم أن عدد الصحفيين الذين يعتمد عليهم مجلس الشوري في تمرير خطته الجهنمية أقل من عدد أصابع اليد الواحدة.. لكن واجب هؤلاء الصحفيين هو الانسحاب من اللجنة المكلفة بتنفيذ المؤامرة حتي لا يسيئوا إلي مهنتهم وإلي أشخاصهم، كما فعل صلاح منتصر ومجدي المعصراوي اللذين يستحقان كل تحية وتقدير. تماما.. كما يفرض الواجب الوطني علي كل مؤمن بالديمقراطية أن ينسحب مما يسمي ب «الجمعية التأسيسية» للدستور.. بعد أن تأكد أن التحالف الإخواني – السلفي هو مجرد نسخة مكررة من الحزب الوطني الحاكم السابق.. وبعد أن تأكد أن من سرقوا الثورة يحاولون، بكل جهد، أن يكرسوا أساليب الأنظمة السابقة تحت لافتة أنهم «الثوار»! وهل هناك حاجة للتذكير بأن المجلس الذي ينفذ هذه المؤامرة لم يجد من ينتخبه سوي نسبة هزيلة كما أنه مطعون في شرعيته؟ ها نحن نجد أنفسنا أمام الوجه القبيح الذي يعيد إلي أذهاننا كل موبقات الأنظمة السابقة وجرائمها ضد الحرية.. ويصبح الصحفيون الآن هم «المتطاولون» و«سحرة فرعون»! تحرير الصحافة والإعلام من كل أشكال السيطرة الحكومية ومن هيمنة كل الأحزاب الحاكمة.. هدف حيوي ورئيسي لثورة 25 يناير، ولن يتنازل عنه الصحفيون، ولذلك يجب أن يكون هناك رد فعل أقوي من جانب الجماعة الصحفية لإحباط هذه المؤامرة التي ستكون مقدمة لتحويل الإعلام المرئي والمسموع إلي بوق للدعاية والنفاق الرخيص.