أقامت مجلة «أدب ونقد» أمسية شعرية للشاعر حلمي سالم قرأ فيها مجموعة من القصائد التي كتبها مؤخرا عن تجربة المرض التي مر بها خلال الشهور الماضية تحت عنوان «معجزة التنفس» ومن هذه القصائد «أجنحة» و«الأمهات» و«حضور بدر» و«تحليل دم» و«نور علي نور» و«النبع» و«مستقبل الحكم» وغيرها، وقد شارك في الندوة الناقدة فريدة النقاش والناقد د. محمد عبدالمطلب وأدارها الشاعر عيد عبدالحليم والذي أكد علي قيمة التعدد والاختلاف واستوالد الشعري مما هو عادي في تجربة حلمي سالم. أشار د. عبدالمطلب إلي أن حلمي سالم قاد الشعراء من أبناء جيله إلي الدخول في عالم قصيدة النثر واستطاع أن يؤسس لشعرية جديدة تخصه وحده. وأضاف د. عبدالمطلب أن الديوان الأخير الذي استمعنا إليه هذه الليلة يعد أحد تجليات تجربته الممتدة والتي يضفر فيها سيرته الذاتية بالقضايا الواقعية حيث أقام حوارا مع شخصيات عدة لكن أجمل حواراته كانت مع نفسه. وأشارت فريدة النقاش إلي بعض الجوانب الشخصية والإبداعية التي ميزت تجربة حلمي سالم، وقالت: تجربتي مع حلمي سالم عمرها 25 سنة بدأت منذ عام 1987 من خلال عملنا في مجلة «أدب ونقد» فهي تجربة فيها الكثير من العبر والدروس، وأهمها فكرة «المغامرة» التي اخترناها كعنوان لتجربتنا في المجلة فلا حدود للمغامرة الإبداعية وأنه لا قوة في هذا الوجود أن تضع قيدا للمغامرة الفكرية، لأنها مغامرة متكاملة تقدم وتبرر نفسها بنفسها. وشهدت الندوة عدة مداخلات فأكدت د. أماني فؤاد أن حلمي سالم قادر علي صنع سبيكة في إيجاد علاقات داخل النص سواء كانت علاقات بالجدل أو بالاندماج. وأكد أحمد بهاء الدين شعبان أن وجود حلمي سالم في الحياة هو مصدر للفرح فهو يقاتل المرض بالشعر وينتصر عليه بالكتابة. وأشار الشاعر عبدالعزيز موافي إلي بعض خصائص شعرية حلمي سالم ومنها ربط السياسي بالذاتي والعام بالخاص. وأشار أسامة عرابي إلي تيمة التناص مع التراث في تجربة حلمي سالم والتي تخلق المفارقة في إطار وعي معرفي. كما شهدت الندوة عدة مداخلات من عاطف عبدالعزيز وأحمد عبدالقوي زيدان – والذي أشار إلي الكتابة الفكرية عند حلمي سالم – واللواء نبيل عبدالفتاح صديق الطفولة لحلمي سالم، وقرأ الشاعر العراقي أمجد سعيد قصيدة مهداه إليه. أجنحة هذا هو الفُصُّ الذي يحملُ تكاثرَ الخَلاَيا، ويوزِّعها علي المُعْوَزينَ. قلتُ للخلايا: ألهاكم التكاثرُ. أطلّتُ من الغبشةِ وجوهُ آبائي: عبدالمطلب، منعم، موافي، الشايب، عنتر، سليمان، اليماني يفردون أجنحةً ملوّنةً لكي أطيرَ بها إلي ماسبيرو، حيث دبابةٌ مرّتْ علي بطنِ الفتي، وقتَ أن لمعَ الصليبُ فوق الصّدر نور علي نور الشهيقُ رسالةُ الأنبياء، والزفيرُ معجزةُ الربّ. قالت بنتُه الصغيرةُ: لا تكن سيئَ الظنّ بالحياة، وقالت بنتُه الكبيرةُ: رحمةُ الله واسعةٌ وعندما أتي الصوتُ من أعالي البحار: لكَ السلام، تهادي علي حوائط العنبر سرابُ التريكو، ورنّتْ بسمعي صوتياتٌ قديمةٌ تقول: «أخي طلعت حرب، إزيك؟» وقفز إلي هواء غرفة الأشعّات عَزْفُ عازفين في حُلكَةٍ، لأن جسميهما سراجٌ علي سراجٍ. قالت الصغيرةُ: لا تكن سيئَ الظنّ بالحياة، فكل امرئٍ له ليلةٌ غبراءُ. وقالت الكبيرةُ: رحمةُ الله واسعةٌ، وعقابُ الله ضيقٌ. ساعتَها، كان النزلاءُ ينظرون إلي الكورنيشِ، حيث صفُّ شهداءَ يمروّنَ، ملفوفينَ في قماشٍ أحمرَ، ثم في قماشٍ أبيضَ، ثم في قماشٍ أسودَ، خلفهم شجرٌ يمشي إلي أعلي، وأمامهم دعواتُ ريسةِ الديوان. قلتُ: يا عينُ يا ليلُ سيجئ ويلٌ وراءه ويلُ. فردّتْ البنتان: يا ليلُ يا عينُ المحبّاتُ دِينٌ ودَينُ. رسمُ قلب تهادي صوتُ التي شالتْه وهناً علي وهنٍ: الشهيقُ رسالةُ الأنبياء، والزفيرُ معجزةُ الرّب. فتراءي له بغبشةٍ: كان اللواءاتُ يمشونَ علي حائطٍ، كحواةٍ مقدّسينَ، يخرجون من جيبِ الساعةِ الأرانبَ، وينفضون عن الحزامِ الملائكةَ، وعلّي المنصّة المطربُ العاطفي ينشدُ: يا لرقةِ الجيشِ. كأن المغني الغريبَ مازال يرثي حضارةً: «دارْ يا دارْ يا دارْ»، فتراءي له بغبشةٍ: رسمُ القلب يشير إلي سكاكين الزمان: 1975: تحت ثوبها المنقوطِ بالأزرقِ، تعلمتُ أن الجسدَ قبّةُ الروح، 1977: انتفاضة الجوع بعد أن طارت يمامةٌ، 1986: باح الفتي بغرناطةٍ: «تَقْلِبين خُطّةَ القَلْب» فجلجلتْ ضحكةٌ ساخرةٌ، 2005: الريشةُ التي مسّت المخَّ لكن أنفاسَ الأحباءِ، ذوّبتُ شللَ العين والسّاقِ والذراعْ 2007: قفاطينُ يطلبون رأسي، لأنني قلتُ إن الله أوسعُ من مخاليقه. خايلتْه أصواتُ عزّافينَ يهزجون: «فؤادي في غشاءٍ من نبالٍ».