وبينما يحصى الفرحون من مواطنى المحروسة فوائد قبول عضوية مصر فى منظومة بريكس، وينعق حاسدوها وراغبو خرابها بنغمات نشاز قبيحة وموحدة تبشر المواطنين "بالفنكوش "السلعة الوهمية التى روج لوجودها زعيم الفن المصرى "عادل إمام "فى فيلمه الشهير" واحدة بواحدة "، خرج علينا رئيس الوزراء الدكتور" مصطفى مدبولى " بتصريح مفاجئ يقول لنا فيه إن دخول مصر كعضو أساسى فى بريكس سيحقق لها العديد من المزايا، أهمها الحصول على تمويلات وقروض ميسرة .تانى ؟ نعم، تانى تانى تانى رايحين للحزن تانى كما يقول عبد الحليم. ومصر مثقلة بالديون التى تبلغ حتى نهاية العام الحالى وفقا لبيانات البنك المركزى 162,9مليار دولار وتصل فوائدها والأقساط الواجب سدادها عنها فى النصف الثانى من هذا العام 11 مليار دولار، وترتفع فى العام القادم إلى أكثر من28 مليار دولار، لم يجد المسئول التنفيذى الأول فى البلاد، ميزة لإنضمامها لبريكس سوى الحصول على مزيد من القروض. ليس تصريح رئيس الوزراء نوعا من الغفلة، بل هو انعكاس للسياسات المالية القائمة التى فاقمت أزمات البلاد الاقتصادية، وثبت فشلها ومع ذلك يجرى التمسك بها ! لا أعرف مدى صحة الخبر المتداول بأن مصر قد عرض عليها الالتحاق بتجمع بريكس منذ تأسيسه، فلم تهتم بالعرض وتجاهلته، لكنه خبر يبدو منطقيا مع السياسات الاقتصادية التى كانت مطبقة خلال العقود الثلاثة الماضية. فكما روى لنا "خالد محيى الدين "أنه أثناء زيارة له إلى ليبيا أن "معمر القذافى " قال له إنه سبق أن عرض على الرئيس مبارك مشروعا مشتركا يضم مصر بوفرة أيديها العاملة، وليبيا بالتمويل، والسودان بالأراضى الصالحة للزراعة والخصبة لزراعة القمح، بما يحقق الاكتفاء الذاتى لكل دول المنطقة ويفيض كذلك للتصدير للخارج، لكن الرئيس مبارك رفض وقال للقذافى :أنت عايز أمريكا تضربنا. ومعنى الكلام أن حساب المخاطر الخارجية المحتملة، يعلو فى بلادنا على الفوائد الداخلية المؤكدة. من بين المزايا المهمة لانضمام مصر لمنظمة بريكس والتى قد يكون من بينها سهولة شروط الإقراض التنموية، بديلا للشروط التعجيزية التى تفرضها على حكومات دول الجنوب المؤسسات المالية الغربية صاحبة السبق فى استغلال الدول وهدم قدراتها على التنمية المستقلة، الممثلة فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، أن مصر مع دولتين عربييتين مهمتين أخريين هما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية باتوا جزءا من تكتل اقتصادى دولى ناهض لا تاريخ استعماريا لأى دولة من أعضائه، ويسعى لتعزيز المصالح المشتركة لتلك الدول، ويخطو تدريجيا وخطوة خطوة، نحو الحد من هيمنة القرار الأمريكى والغربى على الاقتصاد العالمى، الذى يثبت كل يوم أنه لم يسهم فى إحداث الاستقرار أو السلم الدولى، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم. أو ليس هذا مكسبا لمصر أن تكون طرفا فى منظومة دولية، باتت تشكل نحو نصف سكان العالم ؟ ليس هذا سؤالا استفهاميا بل هو تقرير حقيقة ماغاب عن الوفد المصرى المشارك فى قمة بريكس، وعاد منها يبشرنا بمزيد من الديون.أم السؤال الاستفهامى الموجع فهو وهل تتحمل الأوضاع فى مصر مراكمة مزيد من الديون؟!. تتجاهل المعايير الاقتصادية الغربية 31 تريليون دولار ديونا على الولاياتالمتحدةالأمريكية ولا تقترب منها، وتضغط بنفس تلك المعايير على دول الجنوب وبينها مصر لتسديد الدين وفوائده بإلغاء الدعم عن الفئات الاجتماعية الفقيرة، ومنح الإعفاءات الجمركية والضريبية للقطاعات الاستثمارية الخاصة غير المنتجة، التى أفرطت فى الاستثمار العقارى الترفى ووسائل الرفاهية، وباتت تغزو البلاد من شمالها لجنوبها، بعدما أصبح معلوما للقاصى والدانى أن ما يحصل عليه المستثمرون من خدمات من الدولة يفوق كثيرا ما يدفعونه من ضرائب وجمارك.ومن أجل الاستجابة لتلك الشروط وتطبيقا لتلك المعايير التى تسيطر على ذهن مسئولى القرار الاقتصادى والمالى فى الحكومة بزعم تشجيع الاستثمار، تبيع الدولة حصصها فى 32 شركة، بينها اثنتان مملوكتان للجيش فضلا عن ثلاثة بنوك بحلول مارس من العام القادم!. فى الدول الرأسمالية التى يفترض أن حكوماتنا المتعاقبة تقتدى بها، تقتطع الدولة من دخول الأغنياء لتكمل دخول الفقراء ومتوسطى الدخل، وهى تفعل ذلك من نظام ضريبى محكم وعادل ويخلو من الفساد، باعتباره أهم وسيلة لإعادة توزيع الدخل القومى، بما يضمن الاستقرار الاجتماعى. ومرة أخرى ولن تكون الأخيرة أعيدوا الدعم العينى لبطاقات التموين ودعم الخدمات الاستهلاكية الأساسية، ومولوا ذلك من حصيلة نظام جديد للضرائب، لكى يسد الثغرات التى يهرب منها كبار المتنفذين فى البلاد لزيادة نفقات الاستيراد على حساب التصدير والانتاج.ومرة أخرى الدعم هو أسلوب من أساليب تدخل الدولة فى قضايا الاقتصاد، ولا توجد دولة رأسمالية واحدة لا تتدخل بصور مختلفة فى الأمور الاقتصادية، ولا تخلو تلك الأمور فى الاقتصاد الرأسمالى من أسعار وخدمات مدعومة. والبلاد تتلوى ألما من وطأة الديون والغلاء والفقر، إرفعوا أيديكم عن بطاقة التموين، وأعيدوا للمواطنين كما كان الحال فى السابق الدعم العينى، وكفوا عن الغفلة وغيبة المسئولية وافتقاد البصيرة.