ضد التيار تشدد ما قبل التفاوض أمينة النقاش مع بدء عامها الثانى، تبدو النتائج الكارثية للحرب الأوكرونية أكثر من أن تحصى الأزمة الاقتصادية التى تضرب ثلثى اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبى، وتلقى بظلالها على بقية دول العالم فى نقص إمدادات الغذاء والغاز وتزيد من وتيرة سباق التسلح لدول مثل ألمانيا واليابان، كانت قد اختارت تحييد جيوشها بعد الحرب العالمية الثانية، وتخلى عدد آخر من الدول عن حيادها مثل فنلندا والسويد بمطالبة كل منهما الانضام لحلف شمال الأطلنطى. هذا فضلا عن الخسائر فى الأرواح التى تقدرها دوائر غربية بنحو 300 ألف قتيل، بجانب آلاف الجرحى وملايين اللاجئين والمهجرين الأوكرانيين.أما الشىء المهم، فهو أن الحرب تنهى عامها الأول دون أن يتمكن كلا الطرفين المتحاربين، من حسم نتائجها لصالحه، أو تظهر بعض ملامح تشى بامكانيات الحسم القريب. الصين تتقدم بمبادرة لوقف الحرب ربما يتم الكشف عن كل تفاصيلها عقب الزيارة المرتقبة للرئيس الصينىلموسكو، لكنها تقوم على عدد من الأسس نشرها الموقع الاليكترونى للخارجية الصينية، بينها التشديد على عدم اللجوء للسلاح النووى، واحترام مبدأ سيادة أراضى جميع الدول، ووضع المخاوف الروسية موضع الاعتبار، وبدء الحوار المباشر بين موسكو وكييبف، ووقف استخدام سلاح العقوبات فى الصراع الأوكرانى. وزير الخارجية السعودى فى كييف لعرض استعداد المملكة للتوسط لوقف الحرب. لولا دا سلفا الرئيس البرازيلى يعلن استعداد بلاده لبذل الجهد للتوسط بين الطرفين المتحاربين لتسوية سياسية للحرب. وبرغم أن الرئيس الأوكرانى "زيلينسكى"أبدى استعداده لبحث المبادرة الصينية واستقبل وزير الخارجية السعودى بحفاوة بالغة، فإن الإدارة الأمريكية بقيادة "بايدن "التي عملت بكل السبل لنشوب تلك الحرب، برفض الاستجابة للمطلب الروسى بتحييد أوكرانيا، ومنع انضمامها لحلف شمال الأطلنطي، تسعي الآن وبنفس الهمة لإدامتها، ليس فقط برفض المبادرة الصينية والتقليل من شأنها، بل أيضا بالضغط علي حلفائها الأوروبيين لمواصلة مد كييف بالأموال والأسلحة، برغم الخسائر التى قدرتها الجهات الاقتصادية العالمية على كل دول العالم و بلغت تريليون 300 مليار دولار. وكانت إدارة بايدن هى من نصبت الرئيس الأوكراني "زيلينسكي "الذي كانت قد استقبلته العواصم الأوروبية والكونجرس الأمريكي بالأحضان والأوسمة، زعيما ورمزا عالميا للمقاومة!. فالهدف الأول والأخير لدى الإدارة الأمريكية هو إذلال «بوتين» وإضعاف روسيا، لأن بقاءها قوية رأسمالية كانت أو شيوعية، غير مرحب به فى الدولة الأمريكية العميقة وغير العميقة. مسئولو الدفاع فى الدول الأوروبية يشتكون أن خزائن الأسلحة فى بلادهم باتت خاوية، بعد تدفق سلاحهم إلي كييف ووصول حجم دعمهم العسكري لزلينسكي إلي 60 مليار يورو. ومن دواعى أسئلة البحث عن جدوي، التى لايجيب عنها أحد، أن تحقيقا يجري حاليا في «كييف» عن ضياع بضعة مليارات منها في قضايا رشي وفساد، فى نفس الوقت الذي يغلق فيه «زيلينسكي» مواقع صحفية تطالبه بالتفاوض لوقف استمرار الحرب!. وفى شوارع دول الاتحاد الأوروبى، تندلع المظاهرات الشعبية احتجاجا علي تدني مستوي الخدمات العامة وغلاء المعيشة والبطالة وتسريح العمالة من المشروعات الاقتصادية والشركات الكبرى، وهي أوضاع فاقمتها الحرب الأوكرانية، بعد جائحة كورونا، المشكوك حتي الآن في كيفية انتشارها، وهل هي فيروس جلبته الطبيعة المتقلبة، أم جري تصنيعه فى المعامل البيولوجية، ومن هي الأطراف الدولية المتورطة في ذلك، وتتكتم أجهزة الدعاية الغربية عليها كما هو المعتاد منها. المستشار الألماني «شولتز» أعلن مؤخرا عن تخصيص 100 مليار يورو لتسليح جيش بلاده، وطبعا جزء كبير من أموال ملء الخزائن الأوروبية الخاوية بالأسلحة، سيذهب للمجمع العسكري الأمريكي، بإعتبار الولاياتالمتحدة، أكبر منتج ومصدر للسلاح في العالم. موسكو لن تهزم وكييف لن تنتصر، هذا اجماع من معظم المحلليين العسكريين فى أنحاء العالم. وهذا معناه أن الحرب مستمرة، ولا أفق لوقفها، ويصبح قول الرئيس الروسى بوتين فى محله، أن بلاده باتت تحارب الولاياتالمتحدة ودول حلف الناتو، وأن الغرب يسعى لتقسيم روسيا وإلحاق هزيمة استراتيجية بها والقضاء عليها «مرة واحدة وإلى الأبد». لكن الأمل فى التوصل لتسوية توقف الحرب مازال معقودا فى دوائر السياسة الغربية استنادا إلى الخبرات التاريخية فى أن التصريحات المتشددة برفض التسويات المطروحة موائد التفاوض.