شكشكة فئران ورجال والجائحة بقلم إقبال بركة لا أظن أن العالم مر بأوقات أشد قسوة من أيامنا هذه. فمنذ ما يقرب من عامين وكل شعوب العالم تعانى مما يسمى بالجائحة، أى الوباء الذى يجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه، شماله وجنوبه وشرقه وغربه. فهو اسم على مسمى. وفى مثل هذه الأيام العصبية تصبح هواية القراءة نعمة لا تضاهيها نعمة أخرى. القراءة تحمى العقل من الانهيار، والجسد من التداعى. القراءة تمنح الإنسان زادا يقويه ويغذى روحه فلا تضيع . وهكذا شعرت وانا أقلب فى رفوف مكتبتى، واكتشف العديد من الكتب التى رغبت فى قراءتها لكن الوقت لم يسعفني، أو قرأتها منذ فترة ثم نسيت تفاصيلها، غرقت فى تفاصيل العمل وسرعان ما نسيت رغباتي المهمة. وهكذا التقطت رواية «فئران ورجال» تأليف جون شتاينبك ( 1902 _1968)، ثم اعدت قراءتها.على الرغم من أن هذا الكتاب قد دُرّس في العديد من المدارس، كانت «فئران ورجال» هدفًا متكررًا للرقابة بدعوى الابتذال، وما يعتبره البعض لغة مسيئة وعنصرية؛ وبالتالي، تظهر في قائمة جمعية المكتبات الأمريكية كواحدة من أكثر الكتب إثارة للجدل في القرن الحادي والعشرين. تحكى الرواية قصة صديقين مزارعين يعملان في مزرعتهما خلال فترة الكساد الكبير التى حدثت في كاليفورنيا، بأمريكا، هما «جورج ميلتون»، وهو شاب ذكي ولكنه غير متعلم، و«ليني سمول»، وهو شاب ضخم وقوي (عكس اسمه)، ولكنه متخلف عقليًا، في طريقهما إلى جزء آخر من كاليفورنيا. والصديقان يأملان في أن يحققا حلمهما يومًا ما بالاستقرار على قطعة أرض يمتلكانها. يكتفي ليني (الضخم المتخلف عقليا) من الحلم بمجرد تربية الأرانب ورعايتها في المزرعة، فهو يحب لمس الحيوانات الناعمة، على الرغم من أنه يقتلها دائمًا دون قصد..! هذا الحلم هو إحدى قصص ليني المفضلة، التي يعيد جورج سردها باستمرار. هرب الصديقان من المزرعة التى كانا يعملان بها بعد أن لمس «ليني» ثوب امرأة شابة ولم يفلته رغم صراخها، ما أدى إلى اتهامه بالاغتصاب. وهكذا يتضح للقارئ أن الشابين مقربان وأن جورج حامٍ لصديقه ليني، على الرغم من أخطائه الكثيرة. بعد تعيين الشابين للعمل في مزرعة أخرى، يصطدم الثنائي مع «كيرلي» ابن المشرف على المزرعة، العدواني الصغير الحجم الذي يعاني «عقدة نابليون»، ويكره الرجال الأضخم منه، لذلك يبدأ باستهداف «ليني». وتشكل المرأة اللعوب والمثيرة زوجة «كيرلي»، والتي ينجذب إليها «ليني» على الفور، مشكلة أخرى. ثم يلتقى الثنائي «بكاندي»، وهو عامل كبير في السن فقد أحد ذراعيه، ويملك كلبا مخلصا يتبعه أينما ذهب، و«سليم» الرجل الذكي اللطيف، الذي ولدت كلبته في الآونة الأخيرة أربعة جراء من بطن واحد. يلتقى الثنائي «بكاندي»، وهو عامل كبير في السن فقد أحد ذراعيه، ويملك كلبا مخلصا يتبعه أينما ذهب، و«سليم» الرجل الذكي اللطيف، الذي ولدت كلبته في الآونة الأخيرة أربعة جراء من بطن واحد . يمنح «سليم» جروا للشاب «ليني» الذي قُتل كلبه المخلص المريض على يد عامل في المزرعة، و نكمل الأسبوع القادم..