محمود شرف لذلك أنا هو الذي يغضب كثيرًا لكنه لا يبين، الذي يلقى الناس بابتسامة بلهاء، لا تجعلهم يعرفون ما يدور داخلي أنا الذي يحزن بعمق، ولا يستطيع البكاء لا يفطر، ولا يتشهى سوى فنجان إضافي من القهوة، وسيجارة أخرى يتسع لها ثوب الليل الكئيب أنا هو هذا الكئيب، الذي لا يهبط الدرج بحماس، كما لا يصعد من الأساس، ينتظر مرور موعد القطار؛ لكي يكسر روتين حياته المروِّع، لكنه لا يقدر، أنا هذا… الذي يكون أوَّل الواقفين دومًا أمام عربة القطار رقم 1، ويغضب إن لم يكن مقعده فرديًّا سيعرف ركاب الدرجة الأولى بالقطارات ما أعني )) أنا… هذا الذي نجا في اللحظة الأخيرة من أن يكون متوحِّدًا أعطف على القطط، وأحدِّثها بما يعنُّ لي أنها تفكر به في ذات اللحظة، لكنها لم تجبني أبدًا، ولست أدري السبب! أنا الذي اكتفى بمشاركة آخرين في مقبرة جماعية، وتكاسل عن جمع عظام سالفيه، التي ترقد مكشوفة تحت السماء، ويتحدث رمزًا، رموزي تفضحها الدموع التي أتقاسمها وحيدًا على هامش العزاءات، والفوضى اللذيذة التي تخلقها مع نفسي . أنا هو يحدث دائما يحدث!