رغم إحساس الملل والضيق من التفاصيل والأشياء المعتادة والتفكير المستمر فى الخروج عن المألوف من أجل التجديد، إلا أن هناك أشياء مهما تكررت لا تزال تُدهشنا كتفاصيل القهوة، التي تحمل نفس النكهة واللون والروتين ومع ذلك لا نملها بل نهوى تكرارها.. هكذا هو العشق الذى لا يعرف الملل لكنه يهوى اعترافنا به بشتى الطُرق. "كل المشروبات تتشابه؛ إلا القهوة، هي الشغف والتلذذ والعشق حتى النهاية، مزاج ودفئ الشتاء، ومرح وألوان الربيع، وصمت الخريف، ونسيم الصيف؛ هي رفيق السعادة وسند الضجر، حين تلتقى الابتسامة بسمارها فهذا عشق وانتصار وإن ذابت بها قطرات الدموع فلا وجود للحزن بعد لحظات الاحتواء، هي أنا وأنتِ ولو بحثنا عن سبب عدم الملل سرعان ما يهتف القلب قبل الشفاه.. "أنا أهوى" كالتعويذة المسحورة ألقي على صديقي العزيز هذه الكلمات وهو يصنع لنا القهوة على نار سبرتايته النحاسية الصغيرة.. صمتُ كثيراً وأنا أذوب مع قطرات السكر البيضاء المتناثرة بحب داخل قلب القهوة السمراء وأنا أستمع لصديقي دون ملل.. وعندما تحرر لساني من الصمت ليتساءل لماذا لا يمل صديقي من الحديث عن السمراء وهو يصنعها ولا أنا أمل من تعويذته المختلفة ولا من مذاق قهوته المر في كل مرة؟!. أجابني بكل بساطة "إنه الهوى.. القاهر للملل والباعث للحياة.. الفرق بين فنجان قهوة وآخر هو الهوى.. هناك من يقتحم جمالها لاعتياد وجودها وهناك من يناجيها مثلي ليخبرها بحبه لتأتى إليه طائعة حامله السعادة المغلفة بالحب.. يقال إن رائحة القهوة تبعث للنفس الشعور بالسعادة وإنها إحدى الأشياء التي تعزز هرمون السعادة في الجسم؛ فلماذا إذا يوجد من يشربها ولا يشعر بكل هذا؟!، القهوة كأى شيء؛ أحبيها تمنحكِ السعادة، ولا تأخُذيها كواجب يومي تبعد عنكِ الملل، اصنعيها بحب تمنحكِ السعادة". وسكت صديقي عن الكلام المُباح لنشرب القهوة معاً على صوت الجميلة أسمهان "يا مين يقول لى أهوى. أسقيه بإيدي قهوة. أنا. أنا أنا أهوى". [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل