*بقلم أشرف بيدس :المخرج والمنتج: هنري بركات- القصة: إحسان عبد القدوس – الموسيقي التصويرية: فؤاد الظاهري- مدير التصوير: وديد سري- بطولة زبيدة ثروت, عمر الشريف, رشدي اباظة, زهرة العلي, حسين رياض,- حسن يوسف, توفيق الدقن, ناهد سمير, يوسف شعبان, زكي عبد المجيد, خليل بدر الدين, الاذان بصوت الشيخ عبد العظيم زاهر – تاريخ العرض: 17 إبريل 1961- مدة العرض: 130 دقيقة, احتل فيلم “في بيتنا رجل” الترتيب (23) في قائمة أفضل 100 فيلم مصري. رسخ عمر الشريف من خلال شخصية “ابراهيم حمدي” صورة مثالية لا تزال معلقة بذاكرتي منذ أول مشاهدة.. جنتلمان مناضل, خجول وقوي, يمتلك وعيا ووهجا ويحمل في عينيه رومانسية وعمقا مملوءان بالشجن والفروسية, يدافع عن قضيته بإيمان ورسوخ ولا يتباهي بما يفعله, لاقتناعه بأن ما يقوم به هو دوره الحقيقي.. أما زبيدة ثروت فهي الأداء السهل البرىء والعفوي, والتلقائية المفرطة, وكانت زهرة العلا المظلومة دوما تشع نضارة, وشهدت مشاهدها مع رشدي أباظة خط درامي أكثر دفئا لعلاقة حملت ذكريات وتفاصيل بعيدة.. أما نظرات “الدباغ” توفيق الدقن, فلا تزال ترعبني.. واستطاع بركات، أن يجعلنا نشتم رائحة أجواء رمضان في البيوت المصرية من خلال تفاصيل وعبارات قصيرة.. بقي أن نقول هل وضع اسم زبيدة ثروت في المقدمة كان بسبب زواجها من الموزع الخارجي صبحي فرحات, أم كان حلا لمشكلة اولوية وضع الاسماء بين رشدي اباظة وعمر الشريف؟. نشرت مجلة “صباح الخير” خبراً في عام 1960 نصه أن الأديب إحسان عبد القدوس اختار المطرب عبد الحليم حافظ لبطولة الفيلم المأخوذ عن قصته “في بيتنا رجل” رغم أن دور “إبراهيم حمدى” في الفيلم لا يتضمن الغناء، وكان عبد الحليم متحمساً جداً ولكن الموسيقار محمد عبدالوهاب رفض هذا الترشيح بحكم وجوده في الشركة المنتجة للفيلم وأن الجمهور عرف عبدالحليم بالغناء والتمثيل بدون غناء قد يغضب الجمهور ويخسر الفيلم في السوق، فأسند بطولة الفيلم إلى عمر الشريف وحقق الفيلم في وقت عرضه نجاحا كبيرا وحصد إيرادات ضخمة. تردد أن هذا الفيلم كان سبباً في وصول عمر الشريف إلي العالمية، والحكاية أنه في أثناء تصوير الفيلم كان المخرج العالمي ديفيد لين يبحث عن ممثل بملامح شرقية لكي يشارك في بطولة الفيلم الشهير “لورانس العرب” مع النجم بيتر أوتول، وجاء بالفعل ديفيد لين لمشاهدة رشدي أباظة والذي رفض الخضوع لاختبار كاميرا، فقرر المخرج الذهاب لمشاهدته في فيلم “في بيتنا رجل” المعروض بسينما “ديانا”، ولكن بدلا من أن يلتفت ديفيد لين إلى رشدي أباظة انجذب إلى عمر الشريف وطلب مقابلته وعرض عليه المشاركة في فيلم “لورانس العرب” لتكون هذه هي بداية مشوار عمر الشريف مع السينما العالمية. عندما جاء “إبراهيم” ليختبئ في بيت “محيي” صحب معه القلق والخوف والرعب ليصدع المكان الآمن والعائلة المستقرة والهدوء الذي كان يطبق علي أركانه ويفترش حجراته.. أفزع سكينتهم وأربك حالتهم رأسًا علي عقب.. لكن الجدران الحانية استوعبت آلامه وهدأت من دقات قلبه المتسارعة, أفسحت له مكانا لم يكن متاحًا في كل أرجاء المحروسة التي ضاقت به.. ورغم طوفان الأسئلة التي لم تجد أجوبة مقنعة أو منطقية لكنها حتمية, أزيح ستار الرهبة وعشش الطير الهارب المرتجف بين أنفاسهم الدافئة, فسكنت وحشته وزالت.. أيام معدودات قضاها حتي قادته أقداره للطير مرة أخري.. وعلي صوت الآذان والناس حول موائدهم يتناولون فطور صيامهم, كان “إبراهيم” يرتدي “بدلة” الضابط ليأمن بها شر السؤال والملاحقة, مضي إلي سبيله, لكن البيت المرتجف والعائلة المذعورة لم يتغير حالها, بل كانت أكثر بؤسا من ذي قبل, وعاد الخوف والرعب والقلق والشفقة والانكسار واقتحمت صدورهم بقوة وسكنت.. لكن هذه المرة عليه وليس منه.. هذه المرة يترك البيت رغما عنهم, وقد دخله رغما عنهم وفي الحالتين تغيرت أشياء كثيرة, ولم يعد ممكنًا رجوع الحياة كما كانت, جرت مياه جديدة في النهر وتغيرت مسارات الجميع..