كتبت: مارسيل سمير قدم رئيس وزراء ماليزيا، مهاتير محمد، أمس الأول؛ الإثنين، استقالته بشكل مفاجئ للملك الذي قبلها، فى خضم محادثات عن تشكيل ائتلاف جديد، لكنه عينه كرئيس وزراء مؤقت إلى حين تعيين خليفة له. وتأتي الاستقالة بعد شهور من التوتر ضمن ائتلاف “تحالف الأمل” الذي حقق فوزا مفاجئا في انتخابات 2018. قبل وقت قصير من استقالته، أعلن حزب مهاتير “بيرساتو” أنه سيغادر الائتلاف الحاكم بينما استقال عدد من النواب عن حزب أنور إبراهيم، المفترض استلامه السلطة فى مايو المقبل بحسب الاتفاق مع مهاتير، ما تسبب بانهيار “تحالف الأمل” وأثار تكهنات بوجود جهود جارية لتشكيل تحالف جديد. وقال أنور، الذي لطالما اتسمت علاقته بمهاتير بالتقلب، إن رئيس الوزراء أكد له أنه “لم يكن له أي دور” في محاولات تشكيل حكومة جديدة، مضيفا أنه كان “واضحا جدا في مسألة أنه لن يعمل إطلاقا مع أولئك المرتبطين بالنظام السابق”. ووضع أنور ومهاتير خلافاتهما جانبا ووحدا صفوفهما للإطاحة بحكومة استشرى فيها الفساد في انتخابات 2018. وتعهد مهاتير، الذي شغل منصب رئيس الوزراء من العام 1981 حتى 2003، قبل الانتخابات بتسليم السلطة لأنور لكنه رفض مرارا تحديد موعد لذلك. وهيمنت علاقتهما التقلبية على المشهد السياسي في ماليزيا على مدى عقدين. وأقال مهاتير في التسعينيات «أنور» من الحكومة قبل أن يدان الأخير بالفساد واللواط، في قضية اعتبرها البعض مسيّسة. ولطالما طبع التوتر “تحالف الأمل” بينما تراجعت شعبيتهما في وقت اتهمهما معارضوهما بإهمال عرقية الملايو المسلمة التي تشكل الغالبية في البلاد والفشل في تطبيق إصلاحات. وتعد مسألة العرقية وحماية حقوق الملايو مسألة حساسة للغاية في ماليزيا، التي يشكل المسلمون 60 بالمائة من سكانها لكنها تضم كذلك أقليات عرقية صينية وهندية كبيرة. وشهدت ماليزيا الأحد الماضي، واحدة من أكبر الاضطرابات السياسية في تاريخها على الإطلاق، فعقد اجتماعا مغلقا بين حزب مهاتير، وجناح داخل حزب أنور التقيا مع مسؤولين من المنظمة الوطنية المتحدة للملايو والحزب الاسلامى الماليزى في محاولة لتشكيل ائتلاف جديد، وانسحب حزب (بيرساتو) من التحالف الحاكم “تحالف الأمل” المكون من أربعة أحزاب. وفرض الخلاف بين الخصمين القديمين مهاتير وأنور ابرهيم زعيم حزب عدالة الشعب اثره علي شكل السياسة في ماليزيا على مدى عشرات السنين، واستمر التوتر على الرغم من تحالفهما لكسب انتخابات 2018 بناء على وعد بتخلي مهاتير ذات يوم عن السلطة لأنور. واتهم “أنور” حزب مهاتير و”الخونة” في حزبه بالتآمر لتشكيل حكومة جديدة مع المنظمة الوطنية المتحدة للملايو وهي الحزب الحاكم السابق الذي أطيح به في 2018 وسط اتهامات بالفساد على نطاق واسع. ويقول محللون أن التحدي الأكبر هو الحصول على ثقة البرلمان، والأقوى في المشهد حالياً هو مهاتير وتعزز تلك القوي إعلان المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، وهي حزب المعارضة الرئيسي حاليا والحاكم سابقا، والحزب الإسلامي الماليزي تأييدهما لاستمرار مهاتير بالسلطة، وهناك تشكيك في قدرة أنور علي الحصول علي الأغلبية البرلمانية. وكانت المعارضة الماليزية بالبرلمان الاسبوع الماضي قامت بجمع توقيعات علي اعلان دستوري يطالب رئيس الوزراء مهاتير محمد بإكمال رئاسة الحكومة حتى عام 2023، وتقول إنها حصلت على 138 توقيعا لأعضاء في البرلمان “من مجموع 222 عضوا” على الإعلان الدستوري. وكان هذا الإعلان الدستوري المقترح سببا في إرباك الأوساط السياسية الماليزية، خاصة أحزاب تحالف الأمل الحاكم، ولا سيما مع قرب استحقاق تسليم السلطة لأنور إبراهيم بحسب الاتفاق الموقّع بين أركان التحالف في يناير 2018 والذي يقضي بتداول السلطة بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم بعد عامين من الانتخابات التي جرت في 9 مايو من العام نفسه.