ضد التيار مبادرة الأمير سلمان السياسية أمينة النقاش تغير من شأنه أن يعيد رسم خريطة أزمات المنطقة، ويضع حدا لتفاقمها وربما يقدم حلولا للخروج منها بأقل الأضرار الممكنة .لكن ذلك لا يحدث سوى بشروط صارمة تتطلب أن يتم التعامل مع ذلك التغيير بجدية ونوايا حسنة من قبل كل الأطراف المعنية. ويأتى حديث ولى العهد السعودى الأمير”محمد بن سلمان” لشبكة التليفزيون الأمريكية “سى بى أس” ليحمل بشائر ذلك التغيير. وفى الحديث أعرب ولى العهد عن استعداده لوقف الحرب فى اليمن، والانتقال لبحث الحل السياسى، الذى يعد فى رأيه أفضل من الحل العسكرى، ويتمناه كما أكد اليوم قبل الغد، مرحبا بالمضى نحوه، حين توقف إيران دعمها لميليشيات الحوثى .وفى حواره حذر ولى العهد من أن اندلاع حرب بين إيران والسعودية، لن يصيب المملكة ودول الشرق الأوسط فقط، بل سيؤدى إلى انهيار الاقتصاد العالمى بمجمله .وكلام “بن سلمان” يتجلى فى رصد النتائج التى أسفرت عن ضرب منشآتى نفط لشركة آرامكو فى المنطقة الشرقية للسعودية، حيث يوجد أكبر مصنع فى العالم لمعالجة النفط وتصديره، بما يعرقل5% من إمدادات العالم من النفط، توفرها السعودية.ما يقوله لدول العالم الأمير “محمد بن سلمان” يتزامن مع تكهنات صحفية عن وساطة باكستانية وعراقية بطلب سعودى وأمريكى لبدء حوار بين الرياضوطهران .وكشفت تلك التكهنات أن العراق يسعى لترتيب لقاء يجمع بين قيادات إيرانية وسعودية فى العاصمة بغداد .وعلى الجانب الباكستانى أعلن رئيس الوزراء”عمران خان” أن ولى العهد السعودى والرئيس الأمريكى طلبا منه التدخل لدى الرئيس الإيرانى لتهدئة الأوضاع فى الخليج .تزامنت تصريحات الأمير “سلمان” مع “مبادرة سلام” أطلقها “مهدى المشاط” رئيس المجلس السياسى التابع للحوثيين، قبيل وقت قليل من حوار ولى العهد فى جدة مع القناة الأمريكية، تتضمن وقف كافة أشكال العمليات ضد الأراضى السعودية، بهدف التوصل إلى إتمام مصالحة وطنية شاملة وفقا لمفاوضات جادة وحقيقية تشمل كل الأطراف .الرئيس الأمريكى ترامب المشغول بمواجهة حرب الديمقراطيين لعزله، وبإتخاذ الإجراءات التى تعزز فوزه فى الانتخابات الرئاسية العام القادم، ولعل من بينها انسحاب القوات الأمريكية من المناطق السورية الشمالية على الحدود مع تركيا، ووقف الدعم لقوات سوريا الديموقراطية، بعد سنوات من العمل المشترك بينهما ضد تنظيم داعش، قد بات مدركا بأن خمس سنوات من حرب لم يكسبها أحد فى اليمن، لا جدوى من استمرارها، وقد يكون ميالا لمفاوضات تفضي إلى حل سياسي، بعد أن لعبت العقوبات الأمريكية دوراً ملحوظاً في إضعاف إيران اقتصاديا، وأسفر الهجوم على شركة “أرامكو” عن تزايد الضغط الدولي عليها، لاسيما بعد أن باتت متهمة من أطراف عدة أوروبية كفرنسا وألمانيا وبريطانيا بالمسئولية عن القيام به . وفي وسط تلك الضغوط والتغير في الموقف الأوروبي الذي ضاعف من العزلة الدولية عليها، ربما تكون إيران في وضع يدفع للتوصل إلى تسوية سلمية لأزمات المنطقة التي باتت طهران طرفاً أساسياً في تحريكها، وفي القلب منها الحرب في اليمن . وما يدفع لهذا التصور هو ترحيب القيادات الإيرانية بتلك الوساطات والمساعي، وسردها لأكثر من مبادرة من قبلها للحوار مع المملكة العربية السعودية، لم يتم الاستجابة إليها .مبادرة ولي العهد السعودي السياسية لو قدر لها النجاح، من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي، ليس فقط على الأزمة اليمنية، بل على كل الأزمات التي تتمدد في المنطقة .