التطبيع النقابي العمالي المصري والعربي مع الاحتلال الإسرائيلي كان ولا يزال خطا أحمر،حيث شهد القرن الماضي مواقف مشرفة من جانب «العمال العرب» ومنظماتهم العمالية، ورفضهم التعامل بشكل مباشر مع العدو وأعوانه، ولا يمكن أن ننسى ما حدث يوم 14 ابريل عام 1960 عندما قررت النقابات العمالية مقاطعة البواخر الأمريكية فى موانئ الجمهورية العربية المتحدة، وجرى تطبيقه فى موانئ الإسكندرية وبورسعيد واللاذقية والسويس، وانضمت إليه موانئ بيروت وطرابلس والعقبة والكويت والرباط وبورسودان، وموانئ ليبيا وتونس واليمن والسعودية، بدرجة أصبحت معها المقاطعة العربية للبواخر الأمريكية شبه كاملة نظرا لدعم أمريكا للاحتلال ومخططاته..كما لا يمكن أن ننسي أن اسحاق نافون هو الرئيس الخامس للكيان الصهيونى بين السنوات 1978 – 1983، وهو مدير مكتب دافيد بن جوريون فى 1952، حيث استجاب «نافون» إلى دعوة الرئيس الراحل أنور السادات فى نوفمبر 1980، وكان برنامج الزيارة يحوى زيارة «نافون» لشركة الحديد والصلب بحلوان وكان المرافق لزيارته للشركة أحمد العماوى رئيس النقابة العامة للبترول والكيماويات وعضو مجلس ادارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والذى أصبح بعد ذلك وزيرا للعمل، وكان رئيس مجلس ادارة الشركة فى هذا الوقت، هو المهندس فؤاد أبو زغلة، وكان رئيس اللجنة النقابية هو سليمان ادريس حيث تم توزيع بيان برفض الزيارة داخل الشركة، وأمام هذا الموقف رفضت اللجنة النقابية لقاء نافون استنادا الى قرارات النقابة العامة للصناعات الهندسية وكذلك الاستناد الى قرارات الجمعية العمومية لاتحاد العمال برفض التطبيع.. وبناء عليه الغيت الزيارة وحقق عمال الحديد والصلب موقفا وطنيا يحسب لهم ولم يدنس أسحاق نافون أرض الحديد والصلب..مناسبة هذا الكلام هو الموقف التطبيعي المباشر وغير اللائق الذي قام به الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين نهاية الأسبوع الماضي، وزيارة قياداته لمقر «الهستدروت الإسرائيلي» داخل تل أبيب تحت دعوى مناقشة الحقوق المالية التقاعدية لصالح العمال الفلسطينيين المتراكمة منذ 1970 والتي تبلغ ما بين (7) و (8) مليارات دولار، والتي يجب على إسرائيل أن تسلمها لمؤسسة الضمان الاجتماعي حسب بروتوكول باريس الاقتصادي..فكيف لعصابة احتلت الأرض تسلمك حقوق العمال يا سيد شاهر؟!.. وشاهر سعد هذا هو الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والذي قاد الوفد العمالي فى تلك الزيارة المشبوهة التي حضرها من الجانب الإسرائيلي رئيسة قسم العلاقات الدولية فى الاتحاد العام للعمال الإسرائيلي «أفيتال شابيرا»،ورئيس المنظمة الدولية للعمال «كاثلين بيسكير»..ويكشف هذا اللقاء حالة التخبط واللاوعي التي تعيشها الحركة النقابية العمالية الفلسطينية بفعل فاعل من خلال تدخلات وخطط أمنية داخلية وخارجية نجحت فى تمزيقها، وأفشلت دعوة الرئيس محمود عباس الرئيس الفلسطيني وحلمه بالوحدة العمالية خاصة بعد أن تبني هو بنفسه عملية الوحدة ووصل الأمر إلى تهديد القيادات العمالية المتصارعة بالسجن والاعتقال لكن الخارج كان أقوى وزاد التمزق والتشرذم وجاءت على السطح مرة أخرى بدء خطة التطبيع بين نقابات عمالية عربية والعدو الإسرائيلي، خاصة أن ممثلي العمال فى لقاء تل أبيب هذا يشغلون مناصب عليا فى اتحادات عمالية محلية وعربية ودولية يمكن بث تلك الأفكار فى كل اللقاءات العربية تلك، أخرها لقاء «سلطنة عمان». إن القيادات العمالية الفلسطينية التي زارت تل أبيب الاسبوع الماضي هي أيضا قيادات فى الاتحاد الدولي للنقابات الحر ببروكسيل ituc،وذراعه العربية " الاتحاد العربي للنقابات" ومقره فى الأردن دعاة التعددية العشوائية التي جعلت دولًا مجاورًا ساحة للصراع النقابي والعمالي، وهو الأمر الذي يتطلب من القوى الوطنية والرافعة لشعار "قوتنا فى وحدتنا" ومنها الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بقيادة أمينه العام المناضل غسان غصن، والاتحاد العالمي للنقابات بقيادة المناضل جورج مافريكوس، ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية بقيادة المناضل أرزقي مزهود، أن ترفع من سقف تضامنها وتكتلها لمواجهة دعاة التطبيع والتشتت والتمزق الذين يخدمون مصالح إسرائيل وحليفتها أمريكا، فى نشر الفوضى ودعم الارهاب، ووقف العمل والإنتاج..كما أنه على هذه القيادات الوطنية العربية والدولية الكبيرة والمعروف مواقفها المشرفة أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة الاستمرار فى خطتها للم الشمل والوحدة، كما أنه على الاتحادات العمالية العربية وخاصة فى مصر حيث يشغل إتحاد عمال مصر مناصب رئيسية فى تلك المنظمات النقابية العربية والدولية أن تبذل جهدًا فى تقوية وتمتين النقابات العربية والافريقية الرافضة للتفكك والتطبيع، والقضاء على حالة الصراعات والخلافات الداخلية والفساد والإفساد التي ضربت بعضها التي أعتبرها أخطر من التطبيع !!.