فى تقدير كاتب هذه السطور أن العقوبات الأمريكية الجديدة المشددة التي قرر الكونجرس فرضها على روسيا تشكل أخطر التطورات فى الساحة الدولية، لأنها تعني أن الهستيريا المعادية لروسيا فى الولاياتالمتحدة بلغت الذروة. ويكفى أن نلاحظ أن نتائج التصويت تثير الدهشة. ذلك أن الموافقين على العقوبات فى مجلس النواب الأمريكي 419 والمعارضين ثلاثة فقط، والموافقون على العقوبات فى مجلس الشيوخ 98، بينما المعارضون اثنان فقط !. ولذلك يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن العقوبات تدمر القانون الدولي والعلاقات الدولية، وإن كيفية رد الفعل فى الدول الأخرى إزاء هذه العقوبات تتوقف على مدى تمتع هذه الدول بالسيادة، ومدى استعدادها للدفاع عن حقوقها القومية. وترجع خطورة هذه العقوبات ليس فقط إلى مدى تأثيرها على العلاقات الأمريكية الروسية، وإنما أيضا على تأثيرها السلبي على العلاقات الأمريكية الأوربية. فالاتحاد الأوربي أصدر بيانا يعلن أن العقوبات الأمريكية تنتهك استقلاله فى مجال الطاقة، وأكدت المفوضية الأوربية استعدادها لاتخاذ خطوات مضادة. وأوضح المتحدث باسم الخارجية الألمانية أنه لا يحق للولايات المتحدة أن تملي على الشركات الأوربية طريقة التعامل مع الشركاء الأجانب. وقالت وسائل الإعلام الألمانية إن القوى صاحبة النفوذ فى ألمانيا تعتبر العقوبات دليلاً جديداً على النوايا الأمريكية المعادية لألمانيا ولأوربا. وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا حاد اللهجة تهاجم هذه العقوبات " العابرة للحدود " وتطالب بحماية أوربا من تأثيرات القرار الأمريكي. ولما كانت العقوبات الأمريكية تستهدف سد الطريق أمام مشروعات وصادرات الغاز الروسي لأوربا لكي تحل محلها صادرات الغاز الطبيعي الأمريكي المسال الأكثر تكلفة فإن ذلك يعني أن العقوبات تلحق الضرر بالمصالح الأوربية، وأنها تستهدف تقويض اقتصادات الدول المنافسة وانتهاك قواعد التجارة الدولية ومنظمة التجارة العالمية. وهذه العقوبات تقضي على أي أمل فى تطبيع العلاقات الثنائية بين أمريكاوروسيا، كما تعني أن الرئيس الأمريكي ترامب وقع فى المصيدة التي نصبها له المحافظون الجدد ودعاة الحرب الباردة والساخنة مع موسكو، وتعني أيضًا أن مستقبل العلاقات الأمريكية الروسية لم تعد تعتمد على ترامب، وتعني أخيراً أن الولاياتالمتحدة هي مصدر الخطر على الاستقرار الدولي والسلام العالمي.. والتجارة الحرة.