كتب منصور عبدالغني: سقطت حكومة شريف إسماعيل فى اختبار فطر "الأرجوت"، وكشفت الأزمة عن عورة الحكومة التى أهملت الزراعة والفلاح لصالح التجار والسماسرة ووكلاء استيراد السلع الغذائية من الخارج. بمرور شهر سبتمبر الحالى يكون هذا هو العام الثانى على التوالى، الذى لم تحتفل فيه الدولة بعيد الفلاح مع إهمال وعدم تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية التى أعلنها قبل عامين فيما يخص بعمل نظام تأمين صحى للفلاحين وإقرار معاشات تكافلية خاصة بهم بحجة العجز عن تعريف الفلاح وهو ما ظهر فى سياسات الحكومة الحالية الخاصة بإلغاء الدعم وعدم مساندة الفلاح سواء فى التقاوى والأسمدة والمبيدات وعمليات تجهيز الأرض للزراعة واستمرار إلغاء الدورة الزراعية وسياسة التركيب المحصولي وتحولت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى إلى جهة لتخليص أوراق الاستيراد وتفصيل القوانين وإصدار قرارات مخالفة سواء فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية فى استيراد اللحوم أو الحجر الزراعى لإدخال الحبوب ومنها القمح المصاب ب "الأرجوت". لم يحدث فى تاريخ وزارة الزراعة السماح للقمح المصاب بالأرجوت بالدخول إلى أن جاء عصام فايد وأصدر قرارًا فى شهر مارس الماضى سمح للقمح المصاب بنسبة 0.05% من الأرجوت بدخول البلاد وبعد الإطاحة بخالد حنفى منذ أسابيع تراجع وزير الزراعة عن قراره وأصدر قرارًا آخر يمنع دخول الفطر إلى مصر. اتفق وزير الزراعة الحالى ووزير التموين السابق على ضرب محصول القمح المحلى وإفشال موسم التوريد وإهدار الجهود التى وصلت بمساحة القمح فى مصر إلى 3.4 مليون فدان ورفع الإنتاج المحلى إلى ما يقترب من 7 ملايين طن، وسعي الوزيران إلى إلغاء السعر الاسترشادى الذى تمت الزراعة طبقا له ب 420 جنيها للإردب واختراع ما تمت تسميته بدعم الحيازات الصغيرة علما بأن الحيازة التى تقل عن فدان لا يمكن أن تزرع محاصيل وخاصة القمح، ولولا تدخل رئيس الجمهورية وإلغاء المخطط الذى كان يخدم سماسرة الاستيراد لتعرض محصول القمح للانهيار كما حدث مع محصول القطن قبل ذلك. مخططات تدمير القمح المحلى استمرت خلال العقود الماضية وارتفعت خلال فترة وجود خالد حنفى فى وزارة التموين وانكشفت بالسماح بدخول فطر الآرجوت الذى كان مخططا له تدمير القمح المصرى المصنف كأفضل نوعية قمح فى العالم، من حيث الصلابة والعرق والنقاء وجودة الدقيق وغيرها لذلك كانت تستخدمه المطاحن فى تنقية الأقماح المستوردة لزيادة جودة الرغيف. وحدث أن استوردت الدولة أقطانا من الصين وتسببت فى دخول مرض دودة اللوزة التى لم تكن موجودة فى مصر ونتج عنها دمار القطن المصرى كما تسببت عمليات الاستيراد فى دخول الصدأ الأصفر والأسود كأمراض تدمر القمح وتبلغ تكلفة الوقاية منها حاليًا ملايين الجنيهات، بالإضافة إلى خطورة الآرجوت على الصحة العامة للمواطنين فى ظل معدل استهلاك مرتفع للخبز والذى يبلغ 180 كيلو جراما للفرد بالمقارنة بأوروبا الذى يبلغ معدل استهلاك الفرد فيها 60 كيلوجرامًا. امتنع الموردون عن دخول مناقصات تصدير القمح التى أعلنت عنها هيئة السلع التموينية بهدف الضغط على الحكومة للسماح بدخول الأرجوت وهددت بعض الدول بمنع استيراد السلع الزراعية المصرية مثل روسيا رغم أن مصر عبر تاريخها كانت تستورد القمح الخالى من الفطر حرصا على الصحة العامة والنباتية. والواقعة أكدت نظرية أن القمح سلعة استراتيجية سياسية وليس محصولا اقتصاديا فقط وهو ما حاول أنصار تحرير الزراعة خلال السنوات الماضية تكذيبه. تستورد مصر سنويًا من القمح ما يقرب من 10.5 مليون طن لدرجة أنها تحدد أسعار القمح فى السوق العالمية وزيادة معدلات التوريد والتوسع فى زراعة المحصول بعد ثورة 25 يناير تسبب فى قلق كبير للدول المصدرة ونتج عنه تراجع الأسعار العالمية للقمح،الأمر الذى سعى للتصدى له وزير التموين السابق ومجموعة التجار والسماسرة الذين يتعاملون مع القمح. أكد الدكتور إمام الجمسى الخبير الزراعى، أن القمح سلعة سياسية ولا يمكن تركها لآليات العرض والطلب ويمكن أن تمتلك الدولة ثمن المحصول ولا تستطيع الحصول عليه من السوق، ولدينا فى الامتناع عن المشاركة فى مناقصات استيراد المحصول دليل واضح على ذلك، وأضاف علينا العمل لتأمين قدر آمن من الاكتفاء الذاتى من القمح عن طريق دعم الفلاح وتوفير تقاوى منتقاة له وللحفاظ على الأسعار المعلنة حاليا لشراء القمح منه.