رواد الفيس بوك وخبراء في السياسة والإعلام والاجتماع والتاريخ يحذرون من " فتن الجزر" ويطالبون الحكومة بإعلان الوثائق وعمل حوار مجتمعي.. صور د.جمال شقرة و د.نادية رضوان ود.حسن على تحقيق : فاطمة يحيى احتفل الشعب المصري عبر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى " الفيس بوك" بمصرية الجزيرتين "تيران وصنافير" ، على إثر حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ببطلان توقيع الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية . وتبادل المصريون التهانى والزغاريد ، وانتشرت صور موضع الجزيرتين على الخريطة المصرية ، والصورالتى توحي بالفرحة مثل صور الشربات وصور الانتصار والعلم المصري ، وكان فى ذلك احتفالا مديداً. وكأن قضية الجزيرتين تحولت من مجرد قرار سياسي اصدره الرئيس السيسي بأحقية الجانب السعودي فى الجزيرتين وفق الوثائق التى اعلن عن وجودها لدي الجيش المصري ووزارة الخارجية ، وتحول الامر الى ارض ينازع عليها الشعب المصري ويريد ان يتمسك بها وان اعترافه بمصرية الجزيرتين يعد من الوطنية وغير ذلك يعتبر خيانة للبلد ، وانتشرت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعى للنزول لميدان التحرير رافعين شعار " تيران وصنافير مصرية ومصر مش للبيع " بعدما أن اعلنت الحكومة عن تقديمها للطعن على حكم القضاء الاداري . هناك تقصير: وفى ذات السياق يقول د.جمال شقرة " استاذ التاريخ الحديث والمعاصر ومدير مركز الشرق الاوسط للدراسات " انه لم يعترض على حكم المحكمة بأحقية مصر فى الجزيرتين ، ولكنه يري ان هناك تقصيرا من قبل الدولة فى عدم تقديم الوثائق التى اعتمدت عليها فى إصدار قرار بشأن إعاده الجزيرتين للسعودية ، حتى لا يكون حكم المحكمة إحراجاً للحكومة امام الشعب. مضيفاً ان قضية الجزيرتين اصبحت قضية راي عام ، ويجب على الحكومة اعلان الوثائق التى تثبت احقية ملكية الجزيرتين ، وان تسلم هذه الوثائق لمؤسسات صحفية واعلامية لتوضيح الامور للشعب المصري . لافتاً الى ان الاعلام ليس موضوعياً فى تناوله لقضية الجزيرتين ، ويلعب على الوجدان الخاص للشعب المصري الذى يؤمن بان الارض كالعرض ويصورون الامر على انه تنازل عن ارض مصرية ويهيجون وجدانه ومشاعره ويحدث ذلك لخبطة فى الشارع المصري وان القضية قضية كرامة . محذراً بذلك من وجود قوي سياسية تتسلح بشعارات رنانة معادية لمصر ، تتحرك بخطط معدة سلفا وتخطيط ماكر لتحويل القضية الى قضية سياسية ويحاولون تشويه صورة النظام وثورة 30 يونيه لاهداف سياسية خاصة بهم تهدف الى إحداث الفوضي فى المجتمع المصري . وذكر شقرة ، ان وزارة الخارجية بالتعاون مع اساتذة التاريخ والجغرافيا والقانون ، استطاعوا ان يجمعوا الوثائق حول حدودنا و إثبات احقية مصر فى ارض طابا حينما كان النزاع عليها مع الجانب الاسرائيلى ، وفصل فى الامر الوثائق والمعلومات التاريخية والتحكيم الدولي ، ولكن الامر يختلف فى قضية الجزيرتين لانه لا يوجد نزاع عليهما بين مصر والسعودية ، ولكن مصر منذ عام 1950 معترفة بأن الجزيرتين تحت الحماية المصرية خوفا من ان تحتلهما إسرائيل . قرارا سياسيا: ويري د.سعيد صادق " استاذ علم الاجتماع السياسي " ان قرار الرئيس السيسى بأحقية دولة السعودية للجزيرتين ، يعد قراراً سياسياً وليس ادارياً وبالتالى يخرج عن نطاق المحكمة والقضاء ، ودور مجلس النواب ان يصدق على القرار او يطلب استفتاء شعبى ، فالإتفاقية بين مصر والسعودية سارية حتى اعتماد البرلمان وتصديقه عليها. مضيفاً ان غياب الاعلام السياسي والاعداد الاعلامى قبل صدور قرار الرئيس السيسى ، يعد خطأ من الحكومة زاد بشأنه من الازمة وهناك هجمات عنيفه تكونت ضد الحكومة ، خاصة ان هناك تيارا ضد الوهابية والسعودية موجود فى مصر . لافتاً الى ان غياب الشفافية وسوء الادارة ، جعل قضية الجزيرتين تتحول الى قضية نزاع على ارض بغض النظر عن احقية الدولتين فى الجزر. ترسيم الحدود: بينما تري د.نادية رضوان " استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية " ان قضية الجزيرتين فجرت من الاساس من اجل ترسيم الحدود ، وان القضية تعد ترسيم حدود وليست نزاعا على جزر ، بما يتطلب تحقيق الشفافية وتوضيح الوثائق والمستندات من قبل وزارة الخارجية للفصل فى الامور. وأضافت ان الشعب المصري معروف عنه أنه "كسول " فى البحث عن المعلومة وإثباتها ويتسرع فى إصدار الاحكام ، وليس من المعقول ان ما بعد موقف الجيش والشرطة المصرية فى 30 يونيه ووقوفهم لصالح الشعب المصري ان يبيعا جزءا من ارض مصر ، مؤكدة بذلك اهمية إجراء مناقشات وحوار مجتمعي لإثبات احقية مصر للجزيرتين . لافته الى ان هناك من يستغلون الازمة وعدم الشفافية فى توضيح حقيقة احقية الجزيرتين ، ويندسون ويشعلون الفتن ، ويحدث ذلك إنقساما بين اطياف الشعب المصري ويصنف البعض على انه خائن والآخر وطنى بما يضر بمصلحة مصر العليا . ترتيبات سياسية وعسكرية: ويؤكد د.حسن على " استاذ الاعلام بجامعه المنيا" ان قضية الجزيرتين وراءها ترتيبات سياسية وعسكرية بين مصر والسعودية ، والقضية تعد ابعد بكثير من كونها مصرية او سعودية فى ظل ظروف سياسية وعسكرية صعبة تمر بها مصر وتواجه خطر وجود وليس مجرد خطر حدود ، خاصة خلال المرحلة المقبلة ، وهناك اتفاقيات سرية لها بعد استراتيجى وامنى قد لا يفهمها عموم الناس. مضيفاً ان معاهدة كامب ديفيد تمنع وضع سلاح فى الجزيرتين ، ومصر تحاول ان تضع " رجل " السعودية فى الجزيرتين ، بحيث يسهل تعاونها حين احتمالية قيام حرب مع دولة اثيوبيا بسبب النزاع على المياه ، والامر يذكرنا بعام 1971 عندما اعلن الرئيس السادات الحرب على اسرائيل وكانت خطة خداع استراتيجى لم يستطع ان يفصح عنها رغم خروج المظاهرات ضده بسبب تراجعه عن قرار الحرب . لافتاً الى ان اداء الاعلام سيء وشعبوي وقائم على التهييج ، فى حين ان مصر فى اشد الحاجة الى اعلام يعمل على رفع الوعى وتوضيح الحقائق ، ولا يعطى فرصة لمعارضين للرئيس السيسي لإحراجه دون الوضع فى الاعتبار اعتبارات الامن القومي والعلاقات المصرية السعودية. مشيراً الى ان هناك قضايا مهمة فى المجتمع لابد وان تحتل الاولوية مثل قضايا تدهور التعليم والصحة ، وإلزام الحكومة بوضع ميزانية وفقا للدستور ، لتحسين الخدمات والارتقاء بالمجتمع المصري.