يعتبر المسرح المدرسي من النشاط التربويّ في المدارس ابتداء من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية ، فهو ممارسة من أجل تعليم الفن والتمثيل من حيث تقنياته وأهدافه والوظائف التي يؤديها ،ويعتبره البعض بمثابة مادة دراسية، مثلها مثل باقي المواد الدراسية، تخضع للتعليم وللتدريس، فهو نشاط مهم وأداة فعالة في مجال التربية والتعليم لما له من أثر فعال في مخاطبة عقول الناشئة ووجدانهم، ولما يعطي للعملية التعليمية والتربوية من أبعاد ورسائل قد لا يتمكّن المعلم من تقديمها داخل الغرف الضيقة، بالإضافة إلى بعده التنشيطي، أي عندما يصبح المسرح بمثابة مهنة يتلقاها التلاميذ في المؤسسة للترويج عن أنفسهم والتعبير عن قدراتهم الفنية في بعض المناسبات وخاصة المدرسية منها، ويبين مدى قدرة الفرد على الاندماج في الجماعة من خلال حدث أو موقف دراميّ يؤديه أو يؤدى له ويحاول أن يستوعب مضامينه سواء عندما يؤديه في التمثيل أو في الحياة العامة والخلفيات الثقافية والرقي المجتمعي ،بالإضافة إلى الشخصيات بكل أبعادها والوعي وفهم الخطابَ المسرحيَّ الذي يؤدى أمامنا سواء كان خطابا لفظيا أو غيرَ لفظي ، فالمسرح المدرسي يتميز بالشمولية وليس ضروريا أن نتحدّث عن المسرح المدرسي في ارتباطه بالمكان، لأن هذه الضرورة تفرض علينا طبيعة الاشتغال الذي نقصده من وراء توظيفنا للمسرح داخل المؤسسة المدرسية. عروض مسرحية ومن جانبه قال"د. عمرو دوارة" المخرج المسرحي، أن المسرح المدرسي له أهمية كبيرة بشأن تخريج فنانين مسرحيين ،وهو دور قام به الممثل الكبير زكى طليمات في منتصف القرن العشرين واهتم به لدرجة كبيرة ، وترجع أهميته لاستعادة الذهاب للمسرح لدي كل تلاميذ المدارس، وليس فقط اكتشاف مواهب جديدة ولكن لتنمية القدرات الفنية والعمل الجامعي والتثقيف والمعلومات. وأشارإلى انه توجد أشكال كثيرة للمسرح المدرسي من خلال المناهج أو مشاركة التلاميذ المتميزين وتقديم عروض خاصة بهم في المدرسة وذلك من قبل بعض المتخصصين، بالإضافة إلي المسرحية كما حدث معنا منذ الصغر في المدارس وكان وقتها المسرح يلقي اهتماما كبيرا من القائمين عليه، وأدى ذلك إلى إنصات الطلاب للمسرح واستمرار العلاقة الحميمة بين المبدع والمتلقي، مؤكدا انه تحول الآن إلى شكل بلا مضمون، فعلى سبيل المثال نرى المسابقة السنوية للمسرح المدرسي والتخصصات المختلفة سواء كان ذلك في الإلقاء أو التمثيل الصامت أو الرواية القصيرة ومشاركة التلاميذ في التمثيل والعمل الجامعي، ولكن لمجرد الحصول على جوائز فقط، وبالتالي لم يعد المسرح كما كان، فأصبحت كل منطقة تعليمية لها الحق في عرض واحد فقط وهى مدرسة واحدة يتم التركيز على عروضها لبعض الموهوبين من خلال مشرف أو اثنين للحصول على مراكز ومناصب مابين المناطق التعليمية ،وأصبحت بالشكل الموجود الآن بلا مضمون. وأضاف أن بعض المسارح بالمدارس أغلقت وتحولت إلى مخازن للكتب وبعض الأثاث القديم و فصول تقوية ولا تستخدم للمسرح على الإطلاق، وإضافة إلى ذلك كثرة عدد خريجي كليات التربية النوعية الذين يحصلون على شهادة للتوظيف ويتقاضون مقابله أجرا وذلك دون أي هواية حقيقية أو إحساس بالمسئولية تجاه هذا الجيل، مؤكدا أن نشاط المسرح المدرسي يمكن أن يتم في حوش المدرسة أو في أي مكان آخر في المدرسة بشرط أن يشرف عليه متخصصون، وسوف ينعكس ذلك على المسرح الجامعي والمسرح بشكل عام مضيفا أنه لابد وأن نعود مرة أخري للمسرح المدرسي من خلال وضع الفن والإبداع في المناهج الدراسية ومشاركة التلاميذ في أكثر من عرض سنويا ،بالإضافة إلى تنظيم رحلات بشكل مستمر لفرق عروض الأطفال ال تحت 18 مثل مسرح البالون والعرائس والقومي للطفل. سياسية دولة وفى سياق هذا الموضوع قال الناقد المسرحي "طارق الدويري" يرجع غياب وفساد المسرح المدرسي في مصر لسياسة الدولة منذ بداية الثمانينات، مشيرا إلي أن الفكر الوهابي هو احد أسباب تراجع المسرح، وذلك لتأثيره على الحياة العامة والمسرح والفن وما شابه ذلك، بالإضافة لإرادة الدولة بحصر المستوي الثقافي لدي الجمهور فلا وجود لمستقبل بدون تعليم ولا تعليم بدون فن، وطالب الدويري بأن تكون لدي وزارة الثقافة إرادة حقيقية لتقديم ثقافة جادة. كوارد فنية وأشار الناقد السينمائي"عبد الغني داود" إلي أن الاهتمام بالمسرح المدرسي بدأ في الأربعينيات من القرن الماضي وكان له دور كبير في تربية الأجيال المسرحية وخلق مواهب مسرحية جديدة ،والتي تراجعت الآن بشكل كبير نظرا لعدم وجود كوادر فنية متخصصة في الشأن المسرحي فهم يؤدون دورهم كوظيفة روتينية، وبالتالي لا يحمس ولا يفيد الطالب بشيء، ونادرا ما نرى منهم من عشق المسرح، موضحا أن تربية الطفل على حب المسرح وتوعيته والتعرف عليه كان في الماضي ولكن الآن لم يحدث ذلك الأمر، وليست الأزمة في المسرح فقط ولكن في التعليم ككل، فالطالب لم يعد يذهب إلى المدرسة ويلتزم بها ويحترمها كما كنا نفعل فكيف يصبح هاويا للمسرح محبا للمسرح، مؤكدا أن العودة للمسرح المدرسي والتعليم في مصر يحتاج لتغيير جذري وإصلاح ما سبق إفساده في المنظومة التعليمية، حتى تخرج جيلا جديدا يمتلك ثقافة راقية في جميع المجالات. منظومة تعليمية وأكد المخرج والناقد المسرحي" محمد مسعد" أن المهنية هي أحد أسباب تراجع المسرح المدرسي وأزمته شأن باقي المواد التعليمية في مصر فالدولة لديها مؤسسات تعليمية وليس لديها كوادر فنية ،فإذا وفرت المعلم لم توفر المناهج والتدريب ويرجع ذلك لخلل في المنظومة التعليمية، ونتيجة لذلك تخرج عدد كبير من الطلبة الجامعيين لا يستطيعون حل مسألة حسابية وليس لديهم القدرة على إملاء جملة مفيدة، وهي كارثة تعليمية بكل المقاييس، فكل ما يهمهم الانتقال من صف لصف وجمع درجات، مضيفا أن الدولة ليس لديها إحساس بالمسئولية ،فالمشكلة ليست متعلقة بالمسرح فقط ولكنها مشكلة منظومة تعليمية شاملة، مشيرا إلي انه لابد من وجود نظام تعليمي موحد والاهتمام بالتعليم والارتقاء بثقافة الجمهور.