يسأل محمد بدر: ما حُكْمُ التَّداوي من الأمراضِ؟ وَهلْ يَتَعَارض مع التوكل؟ ** يجيب فضيلة الشيخ عثمان إبراهيم عامر- من علماء الأزهر الشريف- بقوله: ذهب جمهور العلماء إلي جواز التداوي من الأمراض وأن هذا التداوي هو من قبيل الأخذ بالأسباب الذي لا يتعارض مع التوكل علي الله علي حد قول القائل: تَوَكَل علي الرحمن في الأمر كُلِّه - ولا ترغَبَن يوما عن الطلبْ ألم تَرَ أن الله قال لمريمَ - وهزي إليك الجذع يَسَّاقط الرطب ولو شاء أدني الجذع من غير هِزةي-ولكن كل شيءي له سببْ وهذا الرأي الذي ارتضاه جمهور العلماء تؤيده أدلة كثيرة منها: 1- أن القرآن الكريم في أكثر من موضع تحدث عن ضرورة الأخذ بالأسباب التي تدفع الضرر عن الإنسان عند تعرضه له ولا يرمي بنفسه إلي التهلكة ولا شك أن من هذه الأسباب التداوي من الأمراض قال تعالي:¢ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة¢ آية رقم195 من سورة البقرة وقال تعالي: ¢ولا تقتلوا أنفسكم¢ آية رقم 29 من سورة النساء 2-كما تحدث القرآن الكريم في أكثر من موضع عن أنواع من الأشياء التي تسبب الشفاء للإنسان ومن ذلك: قوله تعالي عن العسل: ¢فيه شفاء للناس¢ آية رقم69 من سورة النحل وقوله تعالي عن القرآن: ¢وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة¢ آية رقم 82 من سورة الإسراء وإذا ما انتقلنا إلي السنة الشريفة والسيرة المباركة للنبي-صلي الله عليه وسلم- نجد أنه -صلي الله عليه وسلم- وهو سيد المتوكلين علي الله يتداوي إذا أصابه المرض ويأمر غيره من الصحابة-رضوان الله عليهم- بالتداوي والسنة المباركة والسيرة الطيبة له -صلي الله عليه وسلم- زاخرتان بذلك ومن ذلك علي سبيل المثال: قوله - صلي الله عليه وسلم-:ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء-رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وقوله-صلي الله عليه وسلم-:إن الله خلق الداء وخلق الدواء فتداووا-رواه أحمد وقوله-صلي الله عليه وسلم-:ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء-رواه البخاري وقد علَّق ابن حجر علي هذا الحديث الأخير بقوله: التداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار ونحو ذلك ج1 ص176 فتح الباري بشرح صحيح البخاري كما ذكر ابن القيم عدة أحاديث يدلل بها علي جواز التداوي وعلَّق عليها بقوله: وفي هذه الأحاديث الصحيحة: الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لأسبابها قدرا وشرعا وأن تعطيلها يقدح في التوكل ص13 الطب النبوي ومن هنا يكون قد اتضح جواز التداوي من الأمراض وأنه لا يتنافي مع التوكل علي الله تعالي.