فكر بعقلك الذي وهبه لك لله الذي كرَّمك به علي سائر الخلق. "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا" "سورة الإسراء" فكر أيها الملحد - من الذي أوجدك من العدم؟ " هل أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا" هل الطبيعة التي أوجدتك كما تدعي؟ لو كان الأمر كذلك لما اختلف الناس في ألسنتهم وأشكالهم وألوانهم قال تعالي: "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" "الروم آية22" ألا تري أن الرجل يضع البذرة في الأرض ويسقيه بماء واحد لكن الثمرة تكون مختلفة هذا حلو. هذا حامض هذا حارق من الذي نوع هذه الثمرات لابد لها من منوع وهذا المنوع هو الله تعالي قال الله في كتابه "وفي الأرض قطع متجاوات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقي بماء واحد. ونفضل بعضها علي بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون".. "الرعد آية4". شأة الطبيعيين في مصر نشأ الطبيعيون في مصر في القرن الرابع بعد الهجرة تحت اسم الباطنية وخزنة الأسرار الإلاهية وانتشر دعاتهم في سائر البلاد الإسلامية خصوصا في بلاد إيران.. علم هؤلاء الدهريون أن نور الشريعة المحمدية علي صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام قد أنار قلوب المسلمين كافة وأن علماء الدين الحنيف قائمون علي حراسة عقائد المسلمين وأخلاقهم بكمال علم وفضل ودقة نظر فلهذا ذهب أولائك المفسدون مذاهب التدليس في نشر آرائهم. وبنوا تعليمهم علي أمور: - أولا: إثارة الشك في القلوب حتي تتفكك عقد الإيمان. - ثانيا: الإقبال علي الشاك وهو في حيرته ليمنوه بالنجاة منها وهدايته إلي اليقين الثابت. فإذا انقاد لهم أخذوا منه مواثيقهم ثم أوصلوه إلي مرشدهم الكامل ليبايعه علي الطاعة فإذا اطمأنوا أنهم استحوذوا علي عقله كاشفوه بحقيقة أمرهم وقالوا له. الآن سقطت عنك التكاليف؟ لأن الفرائض الدينية فرضت علي المحجوبين دون الوصول إلي الحق. والحق: هو المرشد الكامل فإذا مضي عليه زمن في عهدههم صرحوا له بأن جميع الأعمال الباطنة والظاهرة. وكذلك سائر الحدود والاعتقادات إنما ألزمت فرائضها بالناقصين المصابين بأمراض من ضعف النفوس. ونقص العقول.. أما وقد صرت كاملا فلك الاختيار في مجاوزة كل حد مضروب والخروج من أكنان التكاليف إلي الإباحة الواسعة.. ما الحلال وما الحرام؟ ما الأمانة وما الخيانة؟ وما الصدق وما الكذب؟ هذه الفضائل وهذه الرذائل ألفاظ وضعت كمعان مختلة. ومالها من حقيقة واقعية في زعم المرشد. مضار إنكار الألوهية: قد يظن بعض ضعفة العقول أن في ذلك بسطة الفكر وسعة الحرية ولم يلتفتوا إلي ما يحدثه إنكار الألوهية إلي إفساد الهيئة الاجتماعية. وتزعزع أركان المدنية إن هدف الطبيعيين نشر الإباحية. والشرك بالله إن أثر إنكار الألوهية. وجحود يوم الدين يوم العرض والجزاء أشد تأثيراً في محو الفضائل وإثارة الخبائث والرذائل مما يعكر صفو المجتمع. إن إنكار الألوهية كلما ظهر في أمة أفسد أخلاقها وأوقع الخلل في عقولها. وتخطف قلوب آحادها بأنواع من الحيل وألوان من التلبيس حتي تصبح تلك الأمة وقد وهي أساسها. وتفطر بناؤها. واغتالتها رذائل الأخلاق من ا لأثرة وعبادة الشهوات. والجرأة علي ارتكاب الخيانات ولايزال الفساد يتغلغل في أحشائها حتي تضمحل ويحمي اسمها من صفحات الوجود أو تضرب عليها الذلة ويخلد ابناؤها في الفقر والعبودية.