1 - لا شك أن الإرهاب يهدد أركان المجتمع ويقض مضجعه. ويقوض أركانه إن لم تتكاتف كل القوي الوطنية في مواجهته. ولا يمكن تحديد جهة معينة بعينها لتكون هي المسئولة عن مواجهة الفكر المعوج الذي يقود حتما إلي الإرهاب. ومن ثم فالمسئولية هنا ملقاة علي كل أفراد المجتمع بأسره. فالشرطة لها دورها. والجيش له دوره.والأزهر له دوره. وباقي مؤسسات الدولة الأخري لها دورها. ويبرز مع كل ما سبق دور المرأة جنبا إلي جنب مع كل الأدوار السابقة. وربما قبلها كلها. 2 - إن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل في بناء المجتمع. وتطوير حركة الحياة فيه. والدفاع عن أمنه واستقراره. والقرآن الكريم لم يغمطها حقها في هذا الجانب. ويتجلي ذلك في أن القرآن الكريم سوي بين المرأة والرجل فيما يتعلق بالحقوق والواجبات ما خلا ما يتعلق بطبيعة المرأة وتكوينها الفطري قال تعالي:¢ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلي مِنْكُمْ مِنْ ذَكَري أَوْ أُنْثَي بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضي ¢ وقال أيضا:¢ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَري أَوْ أُنْثَي وَهُوَ مُؤْمِنى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ¢ وقال عز وجل:¢ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَري أَوْ أُنْثَي وَهُوَ مُؤْمِنى فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابي ¢ وقال تعالي:¢ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضي يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزى حَكِيمى. وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتي تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْني وَرِضْوَانى مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ¢ 3 - إن المرأة حضرت بيعة العقبة مع النبي - دون اعتراض. وبايعت بيعة الرضوان تحت الشجرة علي الموت وعدم الفرار مع رسول الله -. كما أن المرأة هي المدرسة الأولي التي يتخرج منها الأبناء والبنات إلي الحياة. ويتأثر دور كل أولئك بما غرسته الأم في نفوس أبنائها. فمنها يتعلم الولد الخلق. ومباديء الخير والشر. والحق والباطل. والصواب والخطأ. وهي كالرجل سواء بسواء. فيما يتعلق بالحقوق والواجبات ما خلا ما يتعلق بطبيعتها وخصائصها الفطرية التي فطرها الله عليها. 4 - بناء علي ما تقدم يتضح بجلاء أن المرأة كالرجل في مسئوليتها مع الرجل في النهوض بالمجتمع. وتطوير حركة الحياة فيه. لتحقيق معني الخلافة الحقيقية عن الله عز وجل. وهي مثله كذلك في الاضطلاع بمسئوليتها تجاه تربية أبنائها. 5 - وحيث إن المرأة راعية في بيت زوجها. عن عرضه. وعن ماله. وعن أولاده. وعن كل ما يتعلق بأمور البيت. وأهم ذلك تربية الأبناء. وتعليمهم مباديء الخير والشر. والصواب والخطأ. وغرس المعاني الإيمانية النبيلة والراقية في نفوس الأبناء. وهذا لا يقل أهمية عن الاعتناء بهم من ناحية البنيان الخارجي والعناية بالجسم والصحة. فالأم هي التي تلاحظ وليدها طوال الوقت. فقد لازمها تسعة أشهر في جوفها. ولازمها رضيعا حولين كاملين. ويلازمها طفلا حتي يكبر. يرتشف منها الحب والحنان. والعطف. والمحبة. وهي أول من يحس به. إن تألم. أو أصابه مكروه. وهي أول من تشعر بتغيره وانحرافه نحو الطريق المعوج. أو استمراره علي الطريق المستقيم. ومن ثم فالأم عليها الدور الأكبر في مواجهة الإرهاب في المجتمع من خلال الآتي: 1⁄4 ملاحظة سلوك الأبناء. وتوجيههم نحو الأفضل دائما. ومتابعة كل تصرفاتهم. ومعرفة أصدقائهم وتوجهاتهم. حتي تكون الأم علي دراية بمن يؤثر في أبنائها خارج المنزل. فإذا كانت مجموعة الرفاق التي تصادق الابن أو البنت في الخارج علي درجة من الوعي والالتزام. كلما كان هذا الأمر أدعي إلي أن يزداد التزام الابن نحو الأفضل. أما إذا كان الأمر بخلاف ذلك. فإن ما تبنيه الأسرة علي مدار أيامها يهدمه رفاق السوء في ثوان معدودة. وبهذا ينطبق عليهم قول الشاعر: متي يبلغ البينان يوما تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم ومن ثم يقع علي الأسرة بوجه عام. والأم بوجه خاص باعتبارها راعية المنزل والمسئولة عن كل ما يدور فيه. متابعة أحوال الأبناء ومعرفة أصدقائهم حتي لا يقعوا في براثن التحول السييء. نحو كل ما من شأنه أن يجعلهم فريسة للطرف أو للجريمة وغير ذلك. 1⁄4 متابعة الأبناء - مع الأب - والسؤال عليهم وهم خارج البيت. ومعرفة كل الأماكن التي يذهبون إليها. والمساجد التي يذهبون للصلاة فيها. والشيوخ الذين يجلسون إليهم لتعلم فرائض الدين. كل هذا من شأنه أن يجعل الأب والأم علي دراية ومعرفة بكل ما يغرس في عقول ونفوس الأبناء. أما تركهم بلا سؤال. ولا دراية عما يفعلونه. فمن شأن كل ذلك أن يجعلهم فريسة وعرضة لأن تتلقفهم أيدي المغرضين. 1⁄4 مجالسة الأبناء: من العيوب الخطيرة التي دبت في أوصال الأسرة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة. عدم مجالسة الأبناء قدرا كافيا من الوقت. والتحدث إليهم. والاستماع منهم. ومحاورتهم. والتعرف علي أساليب وأنماط تفكيرهم. ومحاولة توجيههم دائما نحو الأفضل. ففي وقت انشغل فيه الأب بالسعي علي المعاش - وهو أمر محمود بلا شك - وانشغلت الأم أيضا بعملها تاره. وترتيب احتياجات بيتها تارة أخري. بين هذا وذاك سقط وقت الجلوس مع الأبناء من أجندة الأب والأم. فكل يلهث ويسعي في واديه وعالمه الخاص به. ونسي الجميع أن أهم واجب تجاه الأبناء قبل توفير المأكل والملبس هو حمايتهم من الأفكار الدخيلة. وترسيخ بنيان المفاهيم التي ترد علي خواطرهم وعقولهم علي أساس صحيح. فالحوار بين الأسرة وأبنائها من خلال الأم والأب. والمشاورة في كل ما يتعلق بالأبناء أمر غاية في الأهمية. ولقد نبه علي ذلك القرآن الكريم في قضية التشاور في أمر فطام الرضيع الذي قد يبدو هينا من وجهة نظر البعض إلا أن القرآن الكريم اعتني به أشد الاعتناء للتنبيه علي ما هو أكبر منه وأهم في الأمور التي تهم الأسرة قال تعالي:¢ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضي مِنْهُمَا وَتَشَاوُري فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ¢ فإذا كان القرآن الكريم قد اعتني بالمشاورة بين الرجل والمرأة في أمر الفطام بالنسبة للطفل. فمن باب أولي أن تهتم الأم والأب بالمشاورة حول أسلوب تعليمه. ونوعه. وأصدقائه الذين يؤثر ويتأثر بهم. والمفاهيم التي تغرس في عقله ووجدانه. ومتابعة تصرفاته في كل ما يدور داخل وخارج البيت. كل ذلك مما يجب أن يكون علي مائدة الحوار والتشاور بين الأب والأم. حتي يستطيعا أن يديرا الأمور فيما يتعلق بتربية الأبناء بشكل صحيح. 1⁄4 مصادقة الأبناء: مما يجب علي الأم أولا. والأب ثانيا. مصادقة الأبناء. والتعرف علي كل ما يشغلهم. وكل مشاكلهم. ومواجهة كل هذه الأمور بالعقل والحكمة والخبرة. فكثيرا ما يقع الأبناء في حبائل مشاكل لا حصر لها بسبب أنهم أخذوا النصائح من أصدائهم. ورفقاء السوء الذين يمشون معهم في غياب دور الأسرة. فوقعت الواقعة. وجاءت الطامة الكبري. لتحل علي رءوس الجميع. لأن الأولاد لم يجدوا إلي جوارهم أما تسمعهم. وتنصحهم. ولا أبا يتابعهم ويوجههم نحو الأفضل دائما. 1⁄4 السؤال عن الأبناء: مما ينبغي عدم الغفلة عنه أن يقوم الأب والأم بالسؤال عن أولادهم في المدرسة. ومعرفة كل ما يصدر عنهم من خلال مدرس الفصل. ومن خلال كل الأساتذة الذين يلاحظون سلوك الأبناء وقتا كبيرا داخل المدرسة لا يستهان به. ومن خلال الأصدقاء. بهذا تكون الأم علي دراية كاملة بكل ما يصدر عن أبنائها من سلوكيات. وعلي معرفة بما يطرأ عليهم من متغيرات. أما الانشغال بالبيت فقط. بالطبخ. والأكل. واللبس. دون ما عداه. فهو أمر ينذر بعواقب وخيمة. 1⁄4 نقل الخبرة والتجربة للأبناء: مما لا شك فيه أن كثيرا من مواقف الحياة في جلها متشابهة. فما كان يحدث مع الأب والأم في الماضي وهم في مرحلة الشباب يحدث مثله اليوم مع أبنائهم. مع الفارق في الزمن. وأنماط وأساليب الحياة. 1⁄4 علي هذا النحو يمكن للمرأة الوقوف في وجه الإرهاب سواء أكانت زوجة. أم أما. أم أختا كبري تستطيع توجيه إخوانها. وتكون القدوة والمثل الصالح لهم ولبنات جيلها. من خلال النقاش والحوار مع زملاء العمل. وأصدقاء الجامعة وغير ذلك تستطيع المرأة الوقوف في وجه الإرهاب وجماعاته. حتي تنعم وأسرتها وذويها بالأمن والأمان الذي تنشده جميع الأسر ليس في مصر فحسب. بل في جميع دول العالم.