أثارت التصرفات التتارية التي قام بها تنظيم داعش بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة ردود فعل غاضبة لدي علماء الإسلام الذين رأوا في هذا التصرف الوحشي مخالف لكل ما جاء في الإسلام بشأن معاملة الأسري غير المسلمين فما بالنا بالأسري المسلمين الذين يستحقون مزيدا من الرفق والرحمة وليس الوحشية والدموية في البداية يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم. عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر. انه علي الرغم من أنَ الأسري ما هم إلا محاربون للإسلام إلا أن النبي صلي الله عليه وسلم أمر بالإحسان إليهم وبيان صورة الإسلام الحقيقية لهم حتي يعرفوا أن الإسلام رحمة للعالمين پوعن حقوق الأسير في الإسلام بصرف النظر عن دينه أو لونه أو عرقه قال الدكتور عمر هاشم: وضع الإسلام أسسًا في كيفيَة معاملة الأسري حيث قرر لهم واجبات وحقوقًا علي المسلمين مثل الحق في الطعام والكسوة والمعاملة الحسنة والرفق بهم وعدم إيذائهم أو حتي التعرض لما يجرح كرامتهم ومعالجتهم من الأمراض فمثل هذه المعاملة الحسنة. تدفع بعضهم إلي أن يعتنق الإسلام والشواهد علي ذلك كثيرة في حياة النبي صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وكل عصور الدولة الإسلامية المزدهرة أما جهل تطبيق تلك القيم السامية في معاملة الأسري فلا تكون إلا في عصر التخلف والتعصب والتطرف الذي يسيء إلي الإسلام ويري الدكتور عمر هاشم. انه بلغ أمر حسن معاملة الأسري إلي حد العفو عنهم حيث يروي أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطي أسيرًا لأبي الهيثم بن التيهان وأوصاه به خيرًا فقال له: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أوصاني بك خيرًا. فأنت حُرىّ لوجه الله وفي رواية أخري أنه قال له: أنت حرىّ لوجه الله. ولك سهم من مالي ¢ واستمر الصحابة علي هذه المعاملة الحسنة للأسري بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم فلم يسجل التاريخ عنهم أنهم اضطهدوا أسيرًا أو أذووه أو عذَبوه حتي الهرمزان الذي نقض العهد مع المسلمين أكثر من مرة بل وقتل مجزأة بن ثور والبراء بن مالك. لما وقع في أيدي المسلمين أسيرًا لم يعذبوه ولم يضطهدوه أو يحرقوه جزاء ما فعله من جرائم في حق المسلمين وأنهي الدكتور عمر هاشم كلامه مؤكدا أن الإسلام پبرئ من المعاملة غير الحسنة للأسري ونهي عن تعذيبهم والإضرار بهم أو حرقهم كما يزعم البعض في بعض الروايات الباطلة عن أبي بكر الصديق وخالد بن الوليد وغيرهما بل العكس هو الصحيح حتي في عهد النبي صلي الله عليه وسلك الذي پوصل به الأمر عندما رأي أسري يهود بني قريظة في الشمس نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك وقال لأصحابه: ¢لا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السِّلاحِ. قَيِّلُوهُمْ حَتَّي يَبْرُدُوا¢ التنكيل مرفوض پيشير الدكتور عبد الرحمن العدوي. عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر. إلي أن شريعة الإسلام راقية في معاملة الأسري غير المسلمين فما بالنا إذا كانوا مسلمين تنكل بهم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية حتي يصل الأمر إلي الحرق باسم الإسلام پوأوضح الدكتور العدوي أن شريعة الإسلام تمنع تعذيب الأسير للإدلاء بمعلومات عن العدوِ وقد قيل للإمام مالك رضي الله عنه:¢ أَيُعذَّبُ الأسيرُ إن رُجِيَ أن يدلَّ علي عورة العدوِّ؟ .قال:¢ ما سمعت بذلك ¢ لأن هذا ما أنكره النبي صلي الله عليه وسلم علي بعض الصحابة عندما ضربوا غلامين من قريش وقعا أسيرين في أحداث بدر ولهذا يجب معاملة الأسري معاملة إنسانية في جميع الأوقات وحمايتهم من پضدَّ جميع أعمال العنف أو التهديد وكذلك يجب أن تعامل النساء الأسيرات بكل الاعتبار الواجب لجنسهنَ تنفيذا لأمر الله عز وجل بذلك فقال في كتابه:¢ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ¢ ولهذا فإن إطعام الأسير المشرِك تقربا إلي الله عز وجل وذكر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: أمر أصحابه يوم بدر أن يُكرموا الأسري فكانوا يُقدمونهم علي أنفسهم عند الغداء لأنهم أحسنوا فهم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: ¢دَخَلَتِ امْرَأَةى النَّارَ فِي هِرَّةي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ¢. أما جهال اليوم المسلمين فقد فاقوا اليهود والتتار والصليبين في دمويتهم لأنهم يقتلون ويحرقون إخوانهم من المسلمين باسم الدين وأنهي الدكتور العدوي كلامه مؤكدا أن من الواجبات التي قررها الإسلام للأسري الكسوة حيث يجب أن تكون كسوة الأسير لائقة به تقيه حرَّ الصيف وبردَ الشتاء وستر عوراته وقد عنون الإمام البخاري بابًا كاملاً أسماه ¢باب الكسوة للأساري ¢ وثبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه لما كان يوم بدر أتي بالأساري وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجد قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه إياه كما ورد أنه صلي الله عليه وسلم كسا بعض الأسري من ملابسه نماذج مضيئة طالب الدكتور محمد المنسي. أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة. جهال داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية تأمل ما جاء في القرآن من تكريم الله للإنسان پحين قال: ¢وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ¢. ويكفي أن الله سبحانه وتعالي قرن حق الأسير بالمسكين واليتيم حين قال ¢مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا¢ أي انه حث علي القيام بإطعامه والإحسان إليه وقد يكون هذا الإحسان سببًا في هدايته وقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه بالأسري فقال لهم: ¢اسْتَوْصُوا بِهِمْ أَيْ بِالأَسْرَي خَيْرًا¢ وقد امتد هذا الخلق بعد وفاة الرسول بقرون عديدة حتي أن صلاح الدين الأيوبي ناول أسيرًا من أسري الصليبيين القدح الذي شرب منه ليشرب الأسير وقد شهد منصفو المستشرقين بهذه المعاملة فقال المستشرق رنسيمان: ¢ ففي مشارف حِطِّين. وعلي أبواب بيت المقدس انتقم صلاح الدين من الصليبيين بطريقته الخاصَّة. لِمَا حدث من الصليبيين في الحملة الأولي من المهانة والإذلال والمجازر. وأظهر كيف يحتفل القائد الشريف بانتصاره. وأثبت بالدليل القاطع ما لدي الشرق من قوَّة وروح كامنة مبرهنًا علي أنه كان أعظم شهم ذا قلب كبير كفاتح في زمانه أو في أي عصر آخر حيث ورتَّب صلاح الدين أمر ترحيل الذين افتدوا أنفسهم إلي صور فجمعهم خارج المدينة تحت حراسة مشدَّدة وقسمهم إلي ثلاث مجموعات وأرسلهم مخفورين خشية أن يتعرضوا لهجمات البدو في الطريق بينما كان صلاح الدين سائرًا ذات يوم في بعض طرق مدينة بيت المقدس قابله شيخ من النصاري كبير السن. يعلِّق صليبًا ذهبيًّا في رقبته. وقال له: أيها القائد العظيم. لقد كُتِبَ لك النصرُ علي أعدائك. فلماذا لم تنتقم منهم. وتفعل معهم مثل ما فعلوا معك؟ فقد قتلوا نساءكم وأطفالكم وشيوخكم عندما غزَوْا بيت المقدس؟ فقال له صلاح الدين:¢ أيها الشيخ. يمنعني من ذلك ديني الذي يأمرني بالرحمة بالضعفاء. ويُحَرِّم عليَّ قتل الأطفال والشيوخ والنساء¢. فقال له الشيخ:¢ وهل دينكم يمنعكم من الانتقام من قوم أذاقوكم سوء العذاب؟ فأجابه صلاح الدين: نعم إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان وأن نقابل السيئة بالحسنة وأن نكون أوفياء بعهودنا وأن نصفح عند المقدرة عمَّن أذنب. فقال الشيخ:¢ نِعْمَ الدين دينكم وإني أحمد الله علي أن هداني في أيامي الأخيرة إلي الدين الحقِّ ¢. وأنهي الدكتور المنسي كلامه مؤكدا أن من الحقوق التي قررها الإسلام للأسير حقه في ممارسة شعائر دينه خلال مدة أسره ولا يجوز شرعا إجبار الأسير علي اعتناق الإسلام حتي في أصعب المواقف مثلما فعل النبي صلي الله عليه وسلم مع غورث بن الحارث الذي استل سيف النبي من الشجرة وقال له: من يمنعك مني؟ وعندما وقع السيف من الرجل وأصبح في يد رسول الله لم يجبره النبي صلي الله عليه وسلم علي الدخول في الإسلام بل تركه حرا طليقًا بعد أن أصفح عنه وقد استقي الفقهاء من هذا الموقف جواز إطلاق سراح الأسري بغير مقابل أي المنِّ عليهم هذا هو مذهب الجمهور من المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة وغيرهم. ويمكن إطلاق سراحهم مقابل فدية يقدمونها للمسلمين والفدية قد تكون مالاً وقد تكون الفدية إطلاق سراح أسري المسلمين عندهم وهذا هو المعروف بتبادل الأسري وقد ثبت أنَّ النبي صلي الله عليه وسلم فادي بعض أسري بدر علي تعليم جماعة من المسلمين الكتابة ولهذا فإن تشريعات الإسلام بخصوص الأسري فاقت ما جاء في المعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع وخاصة اتفاقية جنيف