فقدت الأمة الإسلامية والعربية والعالم أجمع رجلا من أعظم رجال هذا العصر. وشخصية فريدة أسدت إلي الحياة الإنسانية كل معاني الخير والتقدم وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف. إنه المغفور له بإذن الله تعالي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود سليل الأسرة العريقة في التاريخ والمجد ولآثارها العظيمة علي المستوي الإسلامي والعربي والعالمي. فكم كان له من المآثر والمواقف الإنسانية النبيلة ما يعجز قلمي عن الإحاطة به. حتي وصفه المنصفون بأنه ¢ملك الإنسانية¢. هذا الوصف لم يأت من فراغ. بل جاء معبرا عن تاريخ طويل ومواقف لا تنسي شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء ودوَّنها التاريخ الذي سيشهد له مدي الحياة. إنه -رحمه الله تعالي -جمع من الفضائل والمكارم ما يجعله في عداد من قال عنهم رسول الله -صلي الله عليه وسلم - :¢صنفان من أمتي إذا صلحا صلح العالم. وإذا فسدا فسد العالم. العلماء والأمراء¢. وإذا كان -رحمه الله تعالي -قد أحسن قيادة أمته حتي وصلت إلي مصاف الأمم المتحضرة بكل المقاييس والاعتبارات البشرية. ففوق ذلك كله جهوده المباركة في خدمة الإسلام وتطبيق شرع الله تعالي. في نواح عدة من أبرزها: التوجيه بإقامة عدد من كراسي الملك عبد الله للقرآن الكريم في العديد من جامعات المملكة للعناية بمصدر التشريع الأول وهو القرآن الكريم. كما أولي عنايته الفائقة بعقد المؤتمرات العلمية التي تعني بخدمة الإسلام ومصالح المسلمين. وأذكر من هذه المؤتمرات: المؤتمر العالمي للفتوي وضوابطها الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في الفترة من 20-23 محرم 1430 ه تحت رعايته الكريمة. وقام رحمه الله تعالي بتكريم العلماء المشاركين في هذا المؤتمر وكنت واحدا من هؤلاء العلماء. وفي هذا دلالة واضحة علي كرم أصله وعلو منزلته عند الله تعالي كما قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- :¢ إنما يُعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل¢. فمعرفة مكانة أهل الفضل ومنهم العلماء دليل علي فضل وعلو مكانة من يقدرهم. نحتسبه عند الله تعالي وندعوا له بالرحمة والمغفرة لقاء ما قدم للإنسانية من خير. لنتقدم للأسرة الكريمة وللشعب السعودي بخالص العزاء. كما ندعوا الله تعالي أن يوفق الملك سلمان بن عبد العزيز للسير علي نفس النهج الذي سبقه سلفه لاستكمال المسيرة المباركة التي وضع أركانها المغفور له بإذن الله تعالي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. وسار علي دربها أبناؤه البررة. أسأل الله تعالي أن يمكن لهم وأن يحفظهم من شر الحاقدين والحاسدين. بقلم: د. شعبان محمد إسماعيل الأستاذ بجامعتي الأزهر الشريف وأم القري سابقا