** في السادس من ابريل لعام 1985 قام الفريق سوار الذهب بانقلابه الشهير في السودان واطاح بحكم جعفر النميري الرئيس الأسبق للسودان واستولي سوار علي السلطة وصار هو الحاكم.. بدأ شعب السودان ودول العالم يهيئون أنفسهم لهذا السيناريو.. ولكن فوجئ الجميع بسوار الذهب يسلم السلطة للشعب ويترك الحكم في خطوة حيرت العالم وأدهشته. وبعد الإشادة بموقف الفريق سوار الذهب.. بقي السؤال ماهو السر وراء هذا القرار الخطير وغير المسبوق؟. ** السر الذي تكشفه عقيدتي بعد كل هذه السنوات أن سوار الذهب بعد قيامه بالانقلاب الشهير جاء لمقابلة الشيخ الشعراوي طالبا منه النصيحة.. وكانت نصيحة الشيخ له : اترك الحكم واحسن الخروج الآمن.. ووعد سوار الامام بانه سيفعل إن شاء الله وأوفي بالوعد. ** وعن تفاصيل لقاء الشيخ الشعراوي بسوار الذهب يقول الامام: فوجئت بالفريق سوار الذهب يأتيني زائرا في مسكني بمنطقة سيدنا الحسين -الباب الاخضر- بالقاهرة وذلك في اعقاب قيامه بانقلابه الشهير ضد الرئيس الاسبق جعفر النميري وقال لي: جئتكم يافضيلة الشيخ طالبا النصيحة في هذا الامر وبمشيئة الله سأنفذ ما ترونه مناسبا علي الفور دون تردد. فقال له الشيخ الشعراوي: لقد قمت بانقلاب عسكري وامسكت الحكم وزمام الامور في البلاد والمهم ان تحسن الخروج من الحكم وان تدعو الله وتقول-"اللهم اني اسألك كما أحسنت في ان اتيت ان تحسن حين اعتزل". وسبحان الله بقيت العبارة عالقة في رأس سوار الذهب وترك الحكم طواعية واصبح يعيش حياته ويتحرك هنا وهناك في طمأنينة وهو آمن دون خوف علي حياته حاملا الجميل للشيخ الشعراوي الذي اهداه النصيحة التي بسببها عاش في امن وامان اضافة الي انه اصبح محبوبا من جميع السودانيين بعدما علموا انه لم يكن طامعا في الحكم والسلطة بل تأكدوا من صدق نيته في تلك الفترة من اجل اصلاح شئون وطنهم السودان وفي هذا دلالة واضحة علي ان الشيخ محمد متولي الشعراوي لم يكن محبوبا من المصريين فقط بل تخطي هذا الحب الي خارج الحدود المصرية.. حيث وضع الله له القبول في الارض ليس علي مستوي الطبقة المتوسطة من ابناء الشعب فحسب بل كان الشيخ محط انظار ملوك ورؤساء الدول العربية والاسلامية الذين كانوا يطالبونه بزيارتهم دوما بل وزاد الامر الي ان بعضهم كان يطلب من الامام ان يلعب دور الوساطة لعودة العلاقات بين الدول واصلاح شئونها الداخلية.. ** رحم الله الشيخ الشعراوي رحمة واسعة وإلي لقاء آخر مع سر جديد من حياته في العدد المقبل.