الحياة الزوجية. حياة المشاركة وليست حياة التباعد والشقاق. فهي حياة الاقتراب والالتصاق والتعبير الحر الصادق التلقائي. وليست حياة الانغلاق علي الداخل. ونظراً لأن الإسلام جاء ليحقق السعادة للبشرية من رجل وامرأة مراعياً التكوين النفسي والبدني للرجل والمرأة. فوضع آدابا للتعامل يجب علي الرجل الذي يُقبل علي الزواج أن يتحلي بها لكي تسير حياته الزوجية في أمان وسلام. مؤهلة لتكوين أسرة ب¢ذُرّيّة¢ متزنة نفسياً. هذه الآداب تبدأ بتلبية احتياجات الزوجة البدنية من ملبس ومأكل ومشرب ورغبة. دون انتظار لطلب منها أو تلميح. فها هو الإسلام يشجّع الزوج علي سلوك الإنفاق علي زوجته وأهل بيته. فقد قال تعالي موجهاً الأمر للرجل: ¢لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله¢ الطلاق7. وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله. ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:¢ أن تُطعمها إذا طعمت. وتكسوها إذا اكتسيت. ولا تضرب الوجه. ولا تُقبِّح ولا تهجر إلا في البيت¢ وما ورد بحديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: ¢... وحقهن عليكم أن تُحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن¢. وها هو رسول الله يخوِّف الرجل الذي يبخل علي زوجته بقوله ¢ :كفي بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت¢ ومشجِّعاً له علي الإنفاق بقوله ¢ اليد العليا خير من اليد السفلي وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عند ظهر غني ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله¢ وقوله: ¢ وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت بها حتي ما تجعل في في امرأتك¢ وقوله ¢دينار أنفقته في سبيل الله. ودينار أنفقته في رقبة. ودينار تصدقت به علي مسكين. ودينار أنفقته علي أهلك. أعظمها أجراً الذي أنفقته علي أهلك¢. وها هو يحدد للرجل أنه من الواجب عليه أن يعطي زوجته حقها في الجنس كما يحب أن يأخذه. فقد قال الله تعالي: ¢ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف¢ البقرة: 228. والمعروف هنا كما قال المفسرون: هو إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب النفس لا بصيرورته إلي طلبه. ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته. كما أنه ملزم بالعدل بين كل زوجاته في هذه الحقوق أحب بعضهم أم لم يحبهم لقول النبي: ¢ من كان له امرأتان فمال إلي إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط¢ وفي رواية¢ وشقه مائل¢ والميل المنهي عنه هو ما ورد في قوله تعالي: ¢فلا تميلوا كل الميل¢ النساء: 129. وكل الميل هو الفعل مع الهوي. أما الهوي وحده في القلب دون أن يظهر فمما لا يملك الإنسان وهو ما يؤكده قول رسول الله ¢ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك و لا أملك¢. ثم يستمر الإسلام في مراعاة فطرة المرأة متقلبة المزاج. متمردة ترغب في المدح أحسنت أو لم تحسن. تحب المداعبة. ترفض النقد. وتحتاج الصبر علي تصرفاتها وأقوالها وأفعالها. فها هو الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ¢ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً¢. وقوله: ¢ إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله¢ . وقوله: ¢خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي¢ . و قوله: ¢ إن المرأة خُلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها¢. وقوله: ¢ استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه. فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج. فاستوصوا بالنساء¢ . وفي رواية أخري ¢ إن المرأة خُلقت من ضلع لن تستقيم لك علي طريقة. فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج. وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها¢. وقوله موضحا للرجل أنه لا توجد امرأة كاملة ولا امرأة سيئة بصفة عامة: ¢ لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر¢ أو قال¢ ¢غيره¢. ويضرب لنا الإسلام المثل الأعلي في صبره لأغوار المرأة التي تحب عندما تتزوج أن تجد الأمان معه فلا يكشف سرها ولا يُخرج عيوبها لغيرها كما تحب أن تري فيه صورة البطل المنقذ. فها هو الإسلام يجعل من واقعة زواج الرجل بالمرأة واقعة تجعل منها عرضه الذي يجب عليه الدفاع عنه ولو أدي إلي قتله لقوله: ¢ من قُتل دون عرضه فهو شهيد¢. وقوله: ¢ إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلي امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرها¢. كما يضع الإسلام في الاعتبار كون الرجل هو الراعي المسئول عن رعيته الذي يملك المكافأة كما يملك العقوبة فقد قال صلي الله عليه وسلم: ¢ الرجل راعي في أهله ومسئول عن رعيته¢ فراعي الإسلام طبيعة بعض النساء المتمردة التي يصعب عليها الرضوخ والخضوع لولاية غيرها. فقرر الإسلام مجموعة من العقوبات تصلح المعوج لتضعه علي الطريق المستقيم دون أن تدفعها للنفور والفساد وكراهية الحياة. فحدد الإسلام مجموعة من العقوبات لا يجوز للزوج أن يخالفها عند تأديبه زوجته. وهذه العقوبات مذكورة في قول الله تعالي: ¢واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن¢ النساء:34.