كان إمام الدعاة رحمه الله انيقاً في ثيابه لا يهتم بشيء أكثر من اهتمامه بشياكة ثيابه الأزهري يظهر علي الناس في أجمل وأرقي صورة للعالم الأزهري فكان مشهوداً له ولطلاب الدقهلية بمعهد الزقازيق بالشياكة ومع ذلك كان غاية في التواضع.. يجالس الأغنياء والفقراء. يجلس معهم علي الأرض علي الرصيف ولا يضيره شيء. ولا ينتقص من وجاهته وعلمه أن يجالس الفقراء والصالحين في أماكنهم. عندما عين الشعراوي مدرساً بالمعهد الأحمدي بطنطا. وفي إحدي رحلاته من منزله إلي المعهد استوقفه رجل لم يكن معروفاً لديه. ولم يسبق أن رآه من قبل توقف الشيخ أمام هذا الرجل الذي كان يرتدي "الخيش" وأترك الآن الإمام يروي ما دار بينه وبين هذا الرجل. يقول: عندما عينت بالمعهد الأحمدي كنت أشد اهتماماً بمظهري. فهيبة الزي الأزهري كانت تبدو واضحة في غدوي ورواحي من المعهد. وفي أحد الأيام وأثناء سيري بأحد شوارع طنطا المزدحمة قابلت رجلاً لا أعرفه من قبل كان يرتدي "الخيش" مثل سيدي الجزيري وكان رجلاً مجذوباً.. راح يناديني تعال يا شعراوي. توقفت مندهشاً. كيف لهذا الرجل أن يعرف اسمي وأنا لم أقابله من قبل؟! فبعد أن اعتدلت من دهشتي واستجمعت توازني. وذهبت إليه فقال لي بلغة الأمر.. اجلس علي الأرض. وبدون أي تردد أو كلام انسقت لأمره فجلست بجواره علي الأرض لما اطمأن لجلوسي باغتني قائلاً: أنت بدري!!. ويضيف الإمام وهو يروي هذه الواقعة: في الحقيقة لم أفهم ماذا يقصد هذا الرجل بهذه الجملة "أنت بدري" وبلغة الأمر مره ثانية أمرني بالقيام فقمت وأنا منساق لأوامره فرفع رأسه واضعاً عينه في عيني.. وقال: شكلك عالم.. ولا تعلم ما المقصود بكلمة "بدري"؟! ثم قام من مجلسه وتركني وانصرف. ورغم بضع الدقائق التي استغرقتها هذه الجلسة إلا أنها شغلتني كثيراً وانطلقت أفكر فيها كثيراً فمن هذا الرجل؟ ولماذا اقعدني بجواره وما معني كلمة بدري وأنا مدرس اللغة العربية؟!. انطلقت أسأل المقربين والأولياء عن هذا الرجل فهداني أحد الصالحين إلي كنبة هذا الرجل فهو سيدنا الشيخ أبورمضان وهو الآن صاحب مقام بقسطا غربية وكان من الأولياء الكبار وعاش طوال عمره مرتدياً "الخيش". ورغم ذلك وعلمي باللغة العربية فلم اهتد لمدلول كلمة "بدري" فقد تحمل معاني أشياء أجهلها أو معاني لم أمر عليها طيلة دراستي. ومع مرور الأيام وهذه الكلمة مازالت تشغلني ولا انساها بل وأريد معرفة معناها.. حتي تقابلت أحد كبار الصالحين فقصصت عليه ما حدث مع أبورمضان.. وذكرت له بالحرف الواحد المحادثة بيني وبينه خاصة كلمة "أنت بدري".. فأجابني هذا الرجل الصالح: يا ابني: الكلمة تعني أنك من أهل بدر ثم قال: إن الله إطلع علي أهل بدر فقال سبحانه: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". حينها كما يقول الامام غمرني شعور بفرحة الأمل واستكثرت علي نفسي أن أكون مع هؤلاء البررة وأنطلق من داخلي عزم ألا أحيد عن أخلاق أهل بدر. وإلي لقاء قادم إن شاء الله مع سر جديد من حياة إمام الدعاة