رغم أن لدينا ترسانة من قوانين مكافحة التحرش ومعاقبة المتحرشين إلا أن الظاهرة في تزايد مستمر بين مختلف الفئات وفي كل البيئات.. الأمر الذي يعني أنها أصبحت مرضاً ؟ لا تكفي القوانين وحدها لعلاجها وإنما تتطلب مواجهة جماعية تضم التربية والنفس والاجتماع والتعليم والاعلام والثقافة.. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي تعرض فيه لآراء خبراء القانون في النصوص والواقع.. فماذا قالوا؟ في البداية يري المستشار محمد خليل رئيس محكمة الاستئناف أن الأمن والأمان انفلت في الفترة التالية لثورة 25 يناير وتجلي ذلك في احتفال الشعب في ميدان التحرير وبدلاً من أن يحتفل الناس بالتغيير والسير نحو الأفضل والعمل بالوصول بالبلاد إلي حياة أفضل ونحو حياة حرة كريمة فإن بعض الأغبياء والبلطجية يري أن الحرية هي أن يعمل فريق أو شخص ما يضم له أن يطرأ علي خياله مهما كان خياله مريضاً وترتب علي ذلك ظهور صور لم تكن شائعة في المجتمع وإن كان هناك بعض "الفلتات" القليلة النادرة إلا انها كانت تحدث في الخفاء أو في أماكن غير اهلة بالمارة أو يتكاثر فيها الناس حتي يأمن كل مريض منحرف علي نفسه ومن ذلك ما عرف بجريمة التحرش التي تتمثل في احتكاكاً بالآخر أو احتكاك رجل بأنثي ليصل إلي إثارتها تمهيداً لعمل أكثر اجراماً وهو ما حدث بميدان التحرير يوم الاحتفال بتنصيب الرئيس فكان ولابد من التصدي للمنحرفين واصدار التشريعات اللازمة وبانزال العقوبات المناسبة للقضاء علي هذه الظاهرة أو الفعلة وخطورتها فضلا عن انعدام الاخلاق تتمثل في أن مرتكبيها أتوا بها في اماكن مزدحمة بالبشر وعلانية دون خوف أو رهبة من أن يراهم الجمهور ويسفر ذلك عن مدي خطورتهم علي الأمن والأمان وتحديهم للقانون والقائمين علي صياغته فضلاً عن تحديهم للمجتمع كله وهو الضياع الكامل بشيوع الفوضي في البلاد وكذا جريمة هتك العرض التي تتمثل في كشف جزء من جسد المرأة أو الامساك به أو ملامسته. أما الاغتصاب فهو المواقعة الجنسية الكاملة بغير رضا المجني عليها وهي أشد خطورة ولذلك كانت العقوبة المقررة لها هو السجن المشدد أما هتك العرض فالعقاب بالسجن المشدد الذي لا تزيد مدته عن سبع سنوات وإذا كانت الأنثي لم تبلغ ست عشرة سنه فتكون العقوبة السجن خمس عشرة سنة إلا إذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً عندها أو عند من تقدم ذكرهم فتكون العقوبة السجن المؤبد ويعاقب كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء بالسجن مدة لا تزيد علي سنة أو بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه سواء كان هذا الفعل منفرداً مع امرأة ولو في غير علانية. ويري المستشار محمد خليل أن سن القوانين وتشديد العقوبات ليس هو الحل وحده لاصلاح المجتمع وانما التربية والتربية وحدها التي تقوم علي نشر الأخلاق الفاضلة وزرع أصول الدين في نفوس الناس فتخش الله قبل أن تخشي القوانين وبدونها لا يستقيم المجتمع. يشير عزالدين حامد محام بالنقض والدستورية العليا إلي أن ظاهرة التحرش الجنسي زاد بعد ثورة 25 يناير ومن اللافت لنظر أن هذه الظاهرة يمارسها شباب دون سن 18 عاماً.. وفي أغلب الأحيان يعجز عن اثبات الفعل المكون للجريمة وذلك علي عكس جريمة هتك العرض والاغتصاب الذي يجوز اثباتهما بسهولة سواء عن طريق تحليل السائل المنوي علي الضحية أو الخدوش والجروح الموجودة علي جسدها أو جسد الفاعل. وأضاف نص قانون العقوبات في مواده من 267 : 279 علي أحكام جرائم العرض في الباب الرابع من الكتاب الثالث تحت مسمي "هتك العرض وإفساد الأخلاق" وكذا المادة "178" بشأن جريمة انتهاك حرمة الأداب العامة. وللحد من هذه الظاهرة فقداً أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة مرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2012 بتعديل بعض مواد قانون العقوبات وأستبدل نصوص المواد 267 : 269 مكرر و288. 289.306 مكرر وتغليظ العقوبة علي كل من واقع أنثي بغير رضاها إلي عقوبة الأعدام أو السجن المؤبد. وقصر عقوبة الاعدام فقط إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها 18 سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المسئولية عن تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو خادماً بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون بالجريمة. اشار حامد عزالدين إلي قيام المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق قبل انتهاء فترة رئاسته بأصدار قرار بقانون بتاريخ 24/5/2014 بأستبدال نص المادة "306" مكرر من قانون العقوبات بنص آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3000 جنيه ولا تزيد عن 5000 جنيه أو باحدي هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بايتان أمور أو ايحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالاشارة أو بالقول أو بالفعل باي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5000 جنيها ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه أو باحدي هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني. كما أضاف القرار بقانون المادة "306" مكرر ب بقانون العقوبات بتعريف جريمة التحرش بنصه علي أنه يعد تحرشاً جنسياً إذا ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة "306" مكرر ه بقصد حصول الجاني من المجني عليه علي منفعه ذات طبيعة جنسية ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد علي عشرين من الف جنيه. وقال علي الرغم من عدم تناسب العقوبات سالفة الذكر مع الجريمة وما يترتب عليها من آثار خاصة الايذاء النفسي والضرر المجتمعي الواقع علي المجني عليها فأنه يجب تنفيذ العقوبات الصادرة بموجب الاحكام حتي يتحقق الردع من تطبيق القانون. كما يجب توعية المجني عليها بوجوب استخدام حقها القانوني في تقديم شكواها دون خوف أو تردد حين تعرضها لأي إيذاء يمس جسدها أو كرامتها وأن القانون يضمن لها سرية ما تضمنته شكواها من معلومات أو بيانات. بل أن القانون يوفر لها حمايتها الشخصية من الجاني أو الانتقادات المجتمعية. يهيب عز الدين بالقضاة والمستشارين الا تأخذهم رحمة أو شفقة فمن تثبت إدانته بتوقيع العقوبة الأشد حتي يتحقق الردع وتحقيق الأمن والأمان للشارع المصري خاصة في الفترة الحالية التي انتشرت فيها جرائم الفساد والاخلاق كما أن المشرع مطالب بالنزول إلي سن الطفولة إلي ما دون 18 سنة حتي لا يتهرب الشاب من جريمته خاصة في الجرائم التي تؤثر في المجتمع مثل القتل وهتك العرض والتحرش والسرقة وكلها جرائم إخلاقيه أنتشرت في الأونة الأخيرة ويتم ارتكابها ممن يسمون قانون انهم اطفال. ومن ثم يعجز القاضي عن انزال العقوبة المناسبة للجريمة لغل يده عن تطبيقها وفقاً لأحكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 96 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 الذي يمنع توقيع المسئولية الجنائية علي الطفل الذي لم يتجاوز 12 سنة وقت ارتكاب الجريمة أو الحكم لاتتناسب مع الجريمة مع الطفل الذي لم يتجاوز 15 سنة كالتوبيج أو التسليم أو الالزام بواجبات معينه أو الاختيار القضائي أو الايداع بأحد مؤسسات الرعاية الاجتماعية. كما أن هذا القانون عفي الطفل الذي لم يتجاوز 18 سنة من عقوبة الاعدام أو السجن المشدد ولهذا لابد من إعادة النظر في تخفيض سن الطفل حتي يتم ردع من تسول له نفسه في تهديد أمن وأمان المجتمع المصري. تحرش وعنف اشارت غادة أبوالقمصان نائب رئيس المركز المصري لحقوق المرأة إلي أن تعديل القانون نتاج لحمل المركز المصري لحقوق المرأة منذ عام 2005 علي حملة شارع آمن للجميع والتي أكدت علي تخطي التحرش الجنسي من كونه حدث فردي إلي كونه ظاهرة عامة تتعرض له كافة النساء بصرف النظر عن مظرهن وطبقاتهن الاجتماعية. اكدت الدراسات الميدانية المتعددة التي قام بها المركز لاسيما دراسة غيوم في سماء مصر علي انتشار التحرش الجنسي إلي حد الظاهرة والذي يعد عنف شديد موجه ضد المرأة وصل في الذكري الثانية لثورة يناير إلي صد الجريمة السياسية المنظمة والتي لم يتم فيها تحقيقات جدية إلي الأن. أكد البيان الاحصائي الجنائي لعام 2012 إلي أن جرائم التحرش الجنسي بالنساء وصصلت إلي 9 آلاف و468 حالة ووصل فيها شكل "كشف أو ملامسة الصورة" إلي 329 جريمة. بينما وصلت جرائم الاغتصاب إلي 112 حالة. اضافت بالرغم من انتشار جريمة التحرش الجنسي بكافة اشكالها إلا انه لم يكن هناك قانون خاص بالتحرش بالرغم من وجود 3 مشاريع قوانين للتحرش منذ عام 2008 ولكن لم يؤخذ أيا منهم. وتطالب أبوالقمصان بضرورة تفعيل قانون العقوبات بعد تعديله وموافقة مجلس الوزراء عليه ومحاسبته كل من في تفعيل هذا القانون.