الأزهر كلمة كالنور يضيء القلوب. ففي جميع أنحاء العالم كلمة الأزهر لها خاصية تجذب الأسماع قبل القلوب. الإنسان الأزهري يكتسب الاحترام بانتسابه إليه! كنا صغارا فنري الأضواء علي بيت من البيوت لأن أحد أبناء هذا البيت التحق بالأزهر.. وكان للزي الأزهري احترامه. كنا في منتصف الخمسينيات وفي وسائل المواصلات يتخلي الكبار عن مقاعدهم ليجلس عليه صاحب الزي دون غيره! ومنذ أكثر من 1000 عام والأزهر يتمسك بمبدأ الوسطية والاعتدال ولم تستطع قوي الاحتلال أن تنتقص من قيمته. بل كان المحتل يخاف منه ويخشي انتفاضته! وكان ممنوعا علي أي طالب تخلي عن زيه الأزهري الدخول إلي محاريب العلم وكان يدرس فيه ومازال الدين الصحيح وكان التدريس به كالنقش علي الحجر ولذا دامت هذه العلوم فينا رغم تقدم السن. وكان النجاح نجاحا بقدر تحصيل الطالب لعلومه ولم يكن هناك تيسير. تساهل في التصحيح وكان الواحد منا قد يرسب العام في نصف درجة! ولذا كان من يحصل علي الشهادة الابتدائية 4 سنوات كسنوات يوسف من الشدة كان يسمح له بصعود المنبر وكان يطلق عليه "تلت" عالم! وكان من غير المسموح لمن يريد الالتحاق بالأزهر إلا أن يكون حافظا للقرآن كاملا ويتم الامتحان فيه قبل سائر الامتحانات! وكان الكتاب هو المورد الرئيسي للأزهر. تعالي اليوم وانظر إلي حال أزهرنا. خريج الأزهر لا يحفظ إلا ما تيسر وهذا ما جعل القائمون علي أمر الدعوة إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولا يسمح لأحد بالالتحاق بأي وظيفة إلا بمسابقة وفي أيامنا كان التعيين إجباريا وتكليفا ولذلك كان المعلم وقتها قدرا يستضاء به وكان تقبل يديه. وانظر أيضا إلي خريجي الأزهر فهم يتأففون من ارتداء الزي الخاص واسألهم هل ترون رجل دين مسيحي تخلي عن زيه المعهود؟ ولحق الطلبة بأساتذتهم لأنهم افتقدوا القدوة عندما رأوا كبار الأساتذة وقد تخلو عن الزي الذي يميزهم بزي افرنجي وكأن عنوان التقدم والحضارة! وانظر أيضا إلي وسائل الإعلام فلن تجد إلا الزي الأزهري وتوظيفه للسخرية والاستهزاء وان فعلوا ذلك مع قس أو راهب لكانت السجون في انتظارهم.. وإذا سألت عن السبب وعرفته بطل العجب. نعيب زماننا والعيب فينا.. وليس للزمان عيب سوانا. ذهب وفد من الأزهر إلي إحدي الدول وكان بينهم المعمم والمفرنج. انظر ماذا حدث. لقد تكالب المستقبلون علي أصحاب العمائم وظلوا يقبلونهم وزيهم وتجاهلوا الباقين!. يا رجال الأزهر الزي الأزهري يجعلكم بين الناس شخصيات عامة محط الأنظار. فتري الناس ينظرون إلي صاحب الزي كأنه علم يسترعي الاننتباه. أما الأزهري المتفرنج فإنه يتوه بين الناس كأي شيء عام ولايعرف إلا إذا أعلن عن نفسه أو غيره يعلن عنه!! كان أحد الحاصلين علي شهادة الدكتوراه في مسجد وكان يلبس الملابس الأفرنجية. وكان يجلس في آخر الصفوف يدعو آخر يلبس الزي الأزهري. وما ان أقيمت الصلاة إلا واندفع المصلون ليجذبوا صاحب العمامة ليصلي بهم إماماً. ولما أراد الاعتذار وتقديم زميله رفض الناس إلا أن يصلي بهم!. عشت أيها الأزهر آلاف من السنين كما انت صديقا للزمان لم يأخذ منك بل يعطيك.