بعد البحث والتجربة توصل العلماء الثقات إلي أن كل محنة لابد وأن تتبعها منحة ولذا قال الإمام ابن القيم لله دره "إن كل ما يصدر عن الله جميل وإن كنا لا نري الجمال في المصائب كما نراه في النعم" ووعد الله تعالي ان بعد العسر يأتي اليسر. وقد تعرض رسول الله -صلي الله عليه وسلم- لمحن كثيرة. فقريش أغلقت الطريف في وجه الدعوة في مكة. وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالها. وفقد النبي -صلي الله عليه وسلم- عمه الشقيق وتجرأ المشركون عليه. وفقد زوجه الحنون. ثم حوصر بعد ذلك ثلاث سنوات في شعب أبي طالب. ولاقي من الجوع والحرمان ما لاقي. ازدادت جراحه وآلامه وازداد اصراره علي الدعوة وصبره لأمر ربه. فجاءت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ومنحة ربانية. علي ما لاقاه رسول الله -صلي الله عليه وسلم- من آلام وأحزان ونصب وتعب في سبيل ابلاغ دينه ونشر دعوته فصارت معجزة ورحلة الإسراء والمعراج مدرسة للمسلمين. يستهلمون منها الدروس والعبر. حتي يحققوا قول الله فيهم "كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون". قال الإمام الشيخ محمد الغزالي: يقصد بالإسراء الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة الي المسجد الأقصي بالقدس ويقصد بالمعراج ما عقب هذه الرحلة من ارتفاع في طباق السماوات حتي الوصول الي مستوي تنقطع عنده علوم الخلائق. ولا يعرف كنهه أحد. ثم الأوبة- بعد ذلك- إلي المسجد الحرام بمكة وكما كانت هذه الرحلة درساً تربوياً نفسياً لابد منه لرسول الله حتي يواجه أعباء الرسالة. ويتحمل مسئولياتها ويرفع رايتها. ويقف كالجبل الأشم لا يتزعزع. ولا يتزلزل أمام هذه العواصف والمؤامرات فيجب علينا ونحن نعايش هذه الذكري العطرة ان نتعلم هذا الدرس فنجدد الأمل لنعيش علي نفس النهج ونسير علي نفس الدرب وننفض غبار ملامح اليأس والقنوط التي تسرب بشكل كبير الي قلوب الأمة وخاصة شبابها ورجالها لكن تأتي ذكري الإسراء العطرة بأحداثها لتحيي في القلوب الأمل وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء فقل لتصنع الأمل وتخبرنا بأنه ما بعد الضيق إلا الفرج. وما بعد العسر إلا اليسر ولنا إن أردنا نستعيد هذه القوة والأمجاد ان ترابطت القلوب وانتزع الغل والحقد والكراهية فكلما قرأت في سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم وكيف أسري به ورحلة العروج كذلك تمنيت أن لو قرأها المحللون والاستراتيجيون والنخبة بفهم وعمق وتدبر فهي درس ينبغي ان يستوعبه المسلمون. لا سيما القائمون علي الاصلاح والنهضة في الأوطان الإسلامية. ولم يعد من المفيد ان يركز كثير من العلماء والدعاة علي سبب ضعف التربية وقلة الوعي لدي الشعوب العربية والإسلامية ولكن عليهم ان يغرسوا الأمل ويصنعوه فالنبي "صلي الله عليه وسلم" كان يأخذ أصحابه بالرفق واللين. مع المثابرة علي الصبر وهو جانب روحاني وكانت منحة من الله لحبيبه وتعامل الحيب بنفس المنهج مع أمته وعلي رأسهم صحابته بل ومع غير المسلمين فهل نلبي الأمر ونمتثل لمنطوق ألفاظ القرآن الكريم "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر". وفي الختام أود أن أوجه عناية الجميع أن سورة الإسراء ركزت علي الاهتمام بالقيم الإنسانية داخل الإنسان فركزت علي مسئولية الإنسان وواجباته وحقوقه والتزاماته وحقوق الوالدين والحقوق والواجبات ثم مرت بتكريم الإنسان لتجره نحو الأمل وصناعته وتجدد في قلبه الثقة واليقين في الله رب العالمين وهو الطريق الذي من شأنه ان يخرج الناس من الضيق والاضطرار الي السعة والاختيار فهيا بنا نعايش الذكري بالروح والوجدان فنصنع الأمل ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة. وخروج الخير من قلب الشر وانبثاق الفرج من كيد الأزمات لمعراج العطرة هذه رسالتي الي الجميع استخرجها من ذكري الإسراء فهل لقادة الأمة وأئمتها ورجالها ان يعوا الدرس؟!