پنواصل حديثنا في الرد علي شبهات المستشرقين حول سيرة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم, فنقول وبالله التوفيق: بمقدورنا أن نجابه هذه الأقوال بأن ما حدث هو سمو من الخضوع لقانون المجتمع يسمح به لكل عظيم. ويسمح به للملوك ورؤساء الدول الذين تقدسهم الدساتير. وتجعل ذاتهم مصونةً لا تمس.. لكننا في هذا نجني علي التاريخ. وعلي عظمة سيدنا محمد وجلال رسالته. ويكفينا في هذا المقام أن ندحض هذه الشبهة بما ذكره الإمام أبو العزائم في كتابه "النجاة في سيرة رسول الله" حيث يقول: أولاً: إن زعم بعض القدامي والمحدثين أن رسول الله رأي السيدة زينب فوقع حبها في قلبه. روايات لا تعدو أن تكون من دس القصاصين ونسج الإسرائيليين الذين ينسبون ما هو أشنع من ذلك لأنبيائهم. ومهما قيل في ناقليها من صدق وضبط كالطبري والزمخشري. فإن القواعد المقررة التي تثبت العصمة للرسل تؤكد بُعد هذه الأقاصيص عن الحقيقة. وما من شك أن عشق النبي لزوجة رجل آخر يتنافي مع العصمة التي تعني الطهارة. طهارة ظاهرهم وباطنهم من الإثم بل ومن شبه الإثم. ولو قيل عن واحد منا - يتكرم في نفسه -:إنه عشق امرأة صديقه لعامة الناس لتجنبوه فكيف لو كان نبياً ورسولاً؟ وما معني حفظ الله له إذا تركه يقع في مثل هذا؟ وكيف وقد أمره الله بعكس ذلك: وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَي مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ "الحجر: 88" وهذه الفرية وضعها أعداء الرسل بقصد التطاول علي مقام العصمة الواجب لهم. ثانياً: وقع بعض المخلصين في إيمانهم في وهم تأكيد بشرية الرسول بإثبات أمثال هذه الأقاصيص. ونسوا أن الرسل مع أنهم بشر إلا أن لهم خصوصية ليست لسائر البشر. وهي العصمة التي تنافي كل ما يرذلون به ويعابون. فضلاً عن منافاتها لما به يأثمون. وقصتهم هذه حول السيدة زينب تكاد تتفق مع ما زعموه وردده كثير من المفسرين حول نبي الله داود زاعمين أنه رأي زوجة أوريا فأعجبته. وكيف احتال ليتزوجها مع كثرة ما عنده من الزوجات. وكل موقف من أحداث القصة المزعومة يخرق العصمة. ويهدم طهارة النبوة. وليس إثبات بشرية الرسول في حاجة إلي مثل هذه الأقاويل. وللحديث بقية.