ترتيب الأولويات وأثره في حياة الأفراد والمجتمعات.. هو موضوع خطبة الجمعة القادمة الذي اختارته وزارة الأوقاف.. وقد حددت الوزارة عدة عناصر مهمة للاسترشاد بها في إعداد الخطبة والتي تتضمن: - الإسلام يراعي ترتيب الأولويات. - ترتيب الأولويات علي مستوي الفرد والأسرة. - أولويات ينفذها المجتمع المعاصر. - أثر ترتيب الأولويات في تقدم المجتمع والمجتمعات. - ونماذج الأولويات وتشمل: العلم قبل العمل - تقديم قضاء حوائج الناس من إطعام الجائع ومداواة المريض علي حج النافلة وتكرار العمرة - تقديم الأكثر احتياجاً علي الأقل - تقديم عام النفع علي قاصر النفع أو محدود النفع - العفو والصفح أولي من المعاقبة والانتقام - إبراء المعسر أولي من انتظاره - فضل الأم علي سائر الأقارب في الإحسان إليها والوفاء بحقها. ويتضمن موضوع الخطبة ما يلي: من الواجبات الشرعية لكل مسلم أن ينضبط لديه ميزان الدين الصحيح. فيرتب الأوامر الشرعية والتعاليم الإسلامية حسب وضعها في دين الله تعالي. حتي لا يؤخر ما قدمه الدين أو يقدم ما أخره. أو يضيع الفاضل بانشغاله بالمفضول. فيظن المرء أنه محسن والحال أنه مخدوع. يقول الله تعالي: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا "103" الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" "الكهف 103 - 104". والقرآن الكريم حافل بكثير من الآيات التي ترغب المسلم في السعي نحو الأفضل والأكمل في كل شيء وتطالبه بأن يستفرغ جهده لتحقيق الأولي في عمله الديني والدنيوي معاً. من هذه الآيات قوله تعالي: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" "الأعراف: 145". وقوله جل شأنه: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها" "النساء: 86". وقوله سبحانه: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" "النحل: 125". وقوله تعالي: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" "الإسراء: 53". إلي غير ذلك من الآيات التي يشتمل عليها القرآن الكريم وكلها تدعو المسلم بالسعي الدؤوب نحو الأفضل والأكمل في كل شيء. وفي السنة النبوية إشارات إلي وضع كل شيء في مكانه الجدير به. وعدم الانشغال بالنوافل عن الحقوق والواجبات. فهذا سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي آخي النبي صلي الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء. فزار سلمان أبا الدرداء فرأي أم الدرداء متبذلة. فقال لها ما شأنك قالت: أخوك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبوالدرداء فصنع له طعاماً فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا باكل حتي تأكل قال فأكل. فلما كان الليل ذهب أبوالدرداء يقوم قال: نم. فنام ثم ذهب يقوم يقول: نم. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً. ولنفسك عليك حقاً. ولأهلك عليك حقاً. فاعط كل ذي حق حقه. فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "صدق سلمان". ويتضح من توجيهات النبي صلي الله عليه وسلم لأصحابه في مواضع عديدة أن تقديم الأولويات من أوجب الواجبات. لأنها تحدث توازناً في حياة الإنسان ومعاشه. ومراعاة الأولويات في حياتنا تستلزم العلم بالواقع والفقه بالواجبات الشرعية معاً. ولهذا فقد قدم الإسلام العلم علي العمل. ورفع شأن العلماء العاملين علي العابدين بغير علم. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إن فضل العالم علي العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب". فالعلم شجرة والعمل ثمرة. العلم والد والعمل مولود. والعلم مع العمل. والرواية مع الدراية. وإننا إذ نتكلم عن ترتيب الأولويات فهناك مشكلات تتقلب فيها الأمة. علينا أن نرتبها ونبحث لها عن حلول. فهذا أولي من أن نهتم بأمور هي من نوافل العبادات. كمن يهتم بصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع. وهو للواجبات مضيع. ولحقوق العباد آكل. أو كمن يحرص علي حج النافلة وهو لمصالح العباد معطل. فالذين يحجون ويعتمرون مرات ومرات تطوعاً وتنفلاً مع احتياج بعض أهليهم وجيرانهم وبني وطنهم إلي الطعام والكساء والدواء واحتياج أوطانهم إلي مقومات أساسية لا تستقيم حياة أبنائه إلا بها. وخاصة في مجالات الصحة والتعليم. فهؤلاء نذكرهم بأمرين: أولهما: أن قضاء حوائج الناس والقيام بمتطلبات حياتهم ليس مجرد نافلة. إنما هو واجب شرعي ووطني. يقول نبينا صلي الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلي جنبه وهو يعلم" "أخرجه البزار" الآخر: إن قضاء حوائج الناس مقدم علي ألف حجة وحجة بعد حجة الإسلام التي هي حجة الفريضة. ومن ألف عمرة نافلة. فالأول الذي هو قضاء حوائج الناس إصلاح للفرد والمجتمع. والآخر الذي هو حج النافلة وتكرار العمرة لا يخرج عن دائرة صلاح النفس. والإصلاح مقدم علي الصلاح. وقد يصير ذلك ضرورياً ومحتماً في مثل الظروف الاقتصادية التي نمر بها. كما أن الأول مصلحة عامة. والثاني يدخل في دائرة المصالح الخاصة. والعام مقدم علي الخاص. والأعم نفعاً مقدم علي محدود النفع أو قاصر النفع.