«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء الدين والاجتماع :
المجتمع يتحول الي غابة علي "نصب" التكفيريين
نشر في عقيدتي يوم 04 - 03 - 2014

حذّر علماء الدين وخبراء الاجتماع وعلم النفس والإعلام من خطورة انتشار ظاهرة التكفير التي تحول المجتمع إلي كيانات وجماعات يقاتل بعضها بعضا.. وأشاورها إلي أن التكفير يبدأ بالحجر علي الآراء وينتهي بإهدار الدم مرورا بانتهاك كامل حقوق الشخص المتهم بالكفر.
أكدوا أن الشباب أكثر الفئات المستهدفة لما يواجههم من وسائل إعلام واتصال حديثة تُيسر وصول الأفكار المتطرفة والمُكفّرة.. وأوضحوا أن واجب علماء الدين المستنيرين استغلال نفس هذه الوسائل لتوصيل المعلومة الصحيحة وتفنيد الأفكار التكفيرية. لحماية المجتمع والشباب خاصة من تلك المخاطر.
في البداية يقدم الدكتور محمد مختار صالح- استشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي, رئيس قسم العلاج السلوكي نظرة تحليلية لنفسية من يقوم بإطلاق وتفجير قنابل التكفير. فيؤكد أن ظاهرة التكفير تعد من أخطر الفتن التي ظهرت في العصر الحاضر. وهي ظاهرة قديمة تعتمد بالأصل علي إحداث خلل في التفكير وإحداث بلبلة بالنفس والعقل تتجدد في العديد من المواقف ربما كان أهمها في واقعة تغيير القبلة وبدايات طرح اليهود لأسئلة تثير الشك والريبة في نفوس المسلمين وهذا ما سجله القرآن في قوله تعالي : ¢سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ..... إذن فهي لها جذورها التاريخية والفكرية وتوجهات عديدة متنوعة لها العديد من الأقنعة المضللة والمتسترة أحيانا والمجاهرة تارة أخري.
وأضاف : تعضد هذه الظاهرة أسباب أهمها:
- افتقاد القدوة الحسنة وظهور حالات التفسخ الأسري وانحلال الأوضاع الخُلُقية أمام الأبناء تحت شعار المدنية الحديثة.
- ظهور العديد من الأعمال الدرامية التي تدعو الشباب صراحة إلي التفسخ والتحرر من قيود الدين وإتباع الهوي.
- المجاهرةپپباستحلال المحرمات وادعاء المدنية والتحضر ووصف الشريعة الإسلامية بالتخلف ومنافاتها للعصر أو الرجعية مما يجعل بعض الشباب من فاقدي القدوة والهوية إلي إتباع هؤلاء المضللين.
- ظهور العديد من الصفحات علي ¢الفيس بوك¢ التي تزدري الدين وتصف الإله المعبود بصفات لا تليق به سبحانه وتعالي والإعلان عنها بقوة وانجذاب العديد من الشباب لها.
- إتباع الهوي والأغراض النفسية في تكفير المخالف. وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم. وتورّع بالديانة مثل الحروب الأخيرة الكلامية بين بعض المشايخ والفنانين.
يضيف الدكتور مختار صالح: من الأسباب المؤدية لانتشار فكر التكفير كذلك :
پ- إتباع المذاهب البدعية. والأقوال الشاذة. وتقليد صغار طلبة العلم في إطلاق الكفر علي الدول والمجتمعات والأفرادپالرويبضة وظهور واضح الآن.
- الاستهانة بمحارم الله وأحكام شرعه. وتهوين القيم والمبادئ وعدم الأخذ علي يد المكابر والمعلن بالكفر.
- انتشار الكفر والردة الحقيقية جهرة في مجتمعاتنا الإسلامية. واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم. واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم علي جماهير المسلمين. دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم.
- الجهل الذريع. وربما الجهل المركب بهذه المسألة المهمة. في معرفة الكفر في موارد أدلة الوحي الشريف. والفرق بين الكفرين الأكبر والأصغر. وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع. والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيِّن. والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار.
- ظهور الغرف الصوتية "البال توك" التي تدعو الي الجدل وترك الدين, يتصدي لهم في ذلك شباب غيور علي الإسلام ولكنپقلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله. وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض. أو يأخذون بالمتشابهات. وينسون المُحكمات. أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية. أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا. فيتصدرون للفتوي في هذه الأمور الخطيرة. دون أهلية كافية فالإخلاص وحده لا يكفي. ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه. وإلا وقع صاحبه.
تكفير التفكير
يلتقط خيط الحديث الدكتور الوليد العادل - استشاري العلاقات الاجتماعية والأسرية - محللا المسألة من وجهة نظر اجتماعية قائلا: إذا اختلفت مع أحد في الرأي فبوسعك إثبات صواب رأيك إما بتقديم أسانيد صحته وإما بتقديم أسانيد خطأ الرأي الآخر.. كل ذلك في سياق منطق عقلاني وعقل منطقي.. أما البعض فيلجأ إلي تجريدك من أية أهلية فكرية أو أخلاقية لإبداء أي رأي في أي أمر كان.. كيف ؟ بإلصاق تهمة الكفر بك مع أن الكفر لا يسقط عنك حق إبداء الرأي وحسب بل إنه يفتح عليك ما لا طاقة لك به ابتداء من العزلة والازدراء والحجز والحجر علي فكرك مرورا بمحاولة هدم زواجك بدعوي "الحسبة" وترويعك وإيذائك في شخصك وأهلك وسمعتك وممتلكاتك انتهاء بإهدار دمك.
يضيف د.الوليد العادل: من المؤسف أن يحدث هذا مع أن للدين ثوابت منها أن "من كفر مؤمنا فقد كفر" وأن المرء لا يكفر إلا بنطقه كلمة الكفر أو إنكاره للدين وثوابته إلا أن آفة الجهل وحالة الخواء الفكري والديني التي نعيشها تجعل العبث بالعقول ولي الأفكار وإعادة تشكيل الحقائق وفق الهوي والغرض وممارسة التجريف والتحريف والتزييف أمر يسير. خاصة علي من يختزل الدين في لحية طويلة وجلباب قصير وغطاء للرأس وفي الصراخ علي المنابر وإدعاء الوكالة والنيابة عن دين هو لله العلي العظيم الذي أتاح علمه لمن يشاء ولم يقصره علي فرد أو نفر أو جماعة.
يضيف د.الوليد: نأتي الآن لما هو أكثر خطأ وخطرا. ألا وهو إباحة وإتاحة الوصاية بل والحجر علي أشرف ما خص به الخالق مخلوقه ألا وهو ¢العقل¢ الذي أداة التمييز والفرز ووسيلة الإدراك ومناط التكليف والذي يسقط عن فاقده أو ناقصه الأهلية بل والحساب كما أن مصادرة فريضة شرعية صريحة "بالنص القرآني" وهي التفكر والتدبر والتأمل والتعقل هي ضرب لهذا الدين في جذوره العقدية وإن محاولة انفراد شرذمة أو حفنة من الناس بمنح شارة التقوي وعلامة الجودة الدينية لهذا ووسم ذاك بخاتم الكفر وعدم الصلاحية حتي للعيش بين المؤمنين في مسعي لإعادة تشكيل العقل الجمعي للأمة وسحبه نحو الظلم والظلام لهو جزء من جدول أعمال بات معروفا ومكشوفا لأن الإنسان الذي شرفه الله بنعمة العقل في هذا البلد الذي شرفه الله بنعمة الدين لن يقع أسير هذا المخطط ولن يلغي عقله وعلمه وإيمانه ويتحول إلي أداة يُسيّرها من يشاء كيف يشاء ومتي يشاء.
ويشير الدكتور الوليد العادل الي انه تناول هذه القضية في مقدمة أحد كتبه قائلا : كتبت ¢ في أيام لا تعرف فيها الأبرار من الفجار.. ولا الأطهار من الأشرار.. ولا الأتقياء من الأشقياء.. ولا الدعاة من الأدعياء.. في أوان الهوان.. وعمي الألوان في زمان ذهب للذهب.. ومال للمال في أيام السكر.. والفكر في أيام الخمر.. والجمر في زمان البقاء فيه للأقوي.. تزودوا فإن خير الزاد التقوي, لقد خلقنا الله فرادي ويُميتُنا فرادي ويبعثنا فُرادي ويحاسبنا فرادي علي ما وعيناه وقدمناه ¢ يومئذ يتذكر الإنسان وأني له الذكري يقول يا ليتني قدمتُ لحياتي, فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يُوثق وثاقه أحد¢.
دور العلماء
من واقع المعايشة والتعامل مع الشباب يؤكد د. ممدوح رشوان- أستاذ الإعلام وأمين الاتحاد العام للشباب والبيئة : أن مواجهة التكفير يجب أن تتم من خلال تحرك علماء الدين الوسطيين ومن لهم قبول بالشارع وسط الشباب وشرح أمور الدين بلغة بسيطة فورا, وعمل تنويهات بشكل حديث عقب الأذان أو بين فقرات برامج لها قبول تعطي معلومات بسيطة وتحقق الهدف وكذلك استخدام وسائل الاتصال الحديثة مع الشباب مثل ¢الفيس¢ وغيرها واستخدام الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة.
وقال الدكتور رشوان : كل ذلك يتطلب تنظيم وإطلاق حملة شاملة يشرف عليها الأزهر الشريف, وتخصيص خطب الجمعة مع الأوقاف لشرح خطورة ذلك,والتحذير من خطورة التكفير الذي يفكك ويدمر المجتمع. فديننا الحنيف دين يسر والله وحده هو المطلع علي الأفئدة, ولا يجرؤ أحد وليس من حق أي فرد أن يكفر آخر. ومن يفعل ذلك فهو لا يفقه شيئا في دين الله.
وينهي الدكتور رشوان بتوجيه صرخة مدوية: أرجوكم. أرجوكم لا تُدخلوا الدين في خلافاتكم الشخصية, أمتنا لا ينقصها الفتن. أقصد خلافاتكم السياسية.
فوضي وإفساد
ويري د. وليد خلف الله- أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعة جنوب الوادي- أن ظاهرة التكفير لا تعود بالضرر علي الأفراد فحسب وإنما تعم المجتمع كله لتنشر الفوضي وتفسد الدين وتحرض الناس علي التمرد والعصيان وإثارة الفتنة وتلغي مرجعية العلماء وتدعو للتقليل من شأنهم ومن ثم تصدير أهل الجهل لمنصب الفتوي. ومن ثم تجرأ غير المتخصصين والمدعين بأنهم من أهل الفتوي والصلاح وسكوت أهل الحق والهيئات والمؤسسات الإسلامية الرسمية حول هذا العبث مما سبب انتشار مثل هذه الظاهرات.
يضيف د. خلف الله: أنني أحمل المؤسسات الدينية الرسمية المسئولية الأولي في وجود الفكر التكفيري في مصر بلد الأزهر. وأؤكد أن ذلك نتاج طبيعي لتراجع دور الأزهر وتقصيره في القيام برسالته العلمية والدعوية وضعف مستوي الخريجين والدعاة . وسطحية الخطاب الديني البعيد عن واقع الناس ومشكلاتهم والمفاهيم المغلوطة التي انتشرت بين الشباب وعموم الناس. فضلا عن غياب الثقة بين المؤسسات الدينية الرسمية "الأزهر. والأوقاف. والإفتاء" والسكوت علي هذا التجرؤ والعبث بفتاوي الدين .
ويؤكد د. خلف الله أن ظاهرة التكفير واحدة من أخطر الظواهر التي عانت ولا تزال تعاني منها الأمة الإسلامية. وتلك الظاهرة التي أسهمت في إضعاف عري الوحدة بين المسلمين. وتسببت في تمزيق المجتمعات الإسلامية وأثرت سلباً علي صورة الإسلام والمسلمين في الرأي العالمي المعاصر.
ويطالب بعودة دور الأزهر العلمي والدعوي. والعمل علي احتضان جميع التيارات الدينية الموجودة علي الساحة الآن وأن تعمل كلها تحت لوائه. كما أطالب بحصر الفتاوي والشبهات التي ينفذ من خلالها الفكر المتشدد للشباب وتصحيحها وإبراز ذلك في وسائل الإعلام المختلفة. وتدريسها في المراحل التعليمية المختلفة كل بما يناسبها. ضمن مقررات التربية الإسلامية. حتي يعيها الشباب ويحذر الوقوع في براثنها.
كما يطالب بإصدار قانون لمنع التحدث والخوض في الفتاوي والتكفير وإبرازها في وسائل الإعلام ويعاقب كل من يصدر حكما أو يكفر شخصا إلا إذا كان هذا الأمر صادرا من دار الإفتاء المصرية فقط .
ويشدد علي أن دور الإعلام لا تقل أهمية في هذا الجانب وأطالب بإعطاء الإعلاميين المتخصصين في الإعلام الإسلامي بالحصول علي دورات متخصصة في فنية الخطاب الإسلامي وقواعده . وألا يقوم أي إعلامي بالمحاورة أو التحدث في القضايا الإسلامية إلا إذا كان من أهل التخصص.
غير جائز شرعا
يحذر الدكتور مجدي قراميطپ- من علماء الأزهر - من انتشار ظاهرة التكفير مؤكدا أن تكفير المجتمع بعضه لبعض يحدث شرخا بين أفراد هذا المجتمع ويوسع الفجوة بينهم,پفهذا يكفر هذا وذاك يكفر ذاك وهذا غير جائز في تعاليم الإسلام السمحة التي أرساها لنا القرآن الكريم الذي هو الدستور الأعلي لجميع المسلمين وكذلك السنة المطهرة التي هي التفسير الصحيح لهذا الدستور العظيم وقد حذر الإسلام من تكفير المسلم للمسلم فقال تعالي : "ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا..." آية 94 من سورة النساء.پوقال الله تعاليپأيضا "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .." آية رقم 10 من سورة الحجرات .ولم يخلع القرآن عن المسلم صفة الإيمان ولا الإسلام حتي مع قتاله لأخيه المسلم فقال تعالي: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما .." آية رقم 9 من سورة الحجرات.
وأوضح الدكتور قراميط . أن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب-پرضي الله عنه-پلم يصف من قاتلوه في معركتي ¢صفين والجمل¢ بالكافرين ولا المنافقين وإنما قال فيهم:پهم إخواننا بغوا علينا.پفوصفهم بالأخوة مع أنهم قاتلوه وحملوا السلاح في وجهه وقدپحذر الرسول - صلي الله عليه وسلم - من الحكم بتكفير المسلم فقال:پ"من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما .." ومعني ¢فقد باء بها أحدهما¢پأي باء بالإثم واحد منهما فإن كان الذي إدعاه عليه أخوه المسلم صوابا وحقا فهو كافر وإن لم يكن صوابا وحقاپفقد كفر من إدعي علي أخيه الكفر.
وأوضح أن الحديث يدل علي أنه لا يحق لمسلم أن يحكم علي فرد أو جماعة في المجتمع المسلم بالكفر لقبا كان أو نعتا أو صفة إلا إذا وافق ذلك حكما شرعيا قال به جماعة من العلماء يوثق في علمهم وورعهم وتقواهمپولهذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:پ"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
بداية التكفير
يضيف الشيخ عثمان عامر - من علماء الأزهر : معلوم أنه قد بدأت مسألة التكفير هذه في الأمة الإسلامية بعد النزاع الذي نشأ بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ومعاوية - رضي الله عنه - علي إمارة المسلمين وذلك حينما التقي فريق ¢علي¢ وفريق ¢معاوية¢ يوم صفين واتفقوا علي التحكيم فأنكر بعض من كان في جيش ¢علي¢ أمر التحكيم وقالوا: لا حكم إلا لله. ثم صرّحوا بكفر ¢علي¢ لقبوله التحكيم ولم يكفهم ذلك حتي كفروا ¢معاوية¢ وأصحابه وكل من رضي بالتحكيم من أصحاب علي - رضي الله عنه - فكانت هذه العناصر الغاضبة من جيش ¢علي¢ هي أول من أظهر التكفير من هذه الأمة وسُمّوا بالخوارج لخروجهم علي الإمام علي - رضي الله عنه.
وأضاف الشيخ عثمان عامر:لا شك أن الرمي بالكفر من الإيذاء باللسان. وإذا انتقلنا الي كلام العلماءپفإننا نجدپما يلي :
- الغزالي في كتابه ¢فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ¢ يقول : ينبغي الاحتراز عن التكفير ماپوجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء المسلمين المقرين بالتوحيد خطأ. والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد.
- يقول ابن تيمية في ¢ مجموع الفتاوي¢: ليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطا أو غلطپپحتي تقام عليه الحجة ويتبين لهم المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لاپيزول إلا بعدپإقامة الحجة وإزالة الشبهة.
- يقول الشيخ رشيد رضا في ¢تفسير المنار¢ : إن من أعظم ماپبُليت به الفرق الإسلامية رمي بعضها بعضا بالفسق والكفرپمع أن قصد الكل الوصول إلي الحق.
ومسألة التكفير هذه من الخطورة بمكان فقد زلت فيها أقدام وضلت فيها أفهام وطاشت فيها أقلام وتأتي خطورة التكفير علي الفرد والمتجمع من أنها ستؤدي بالتالي إلي ما يستتبع الكفر من استحلال الدماء وإزهاق الأرواح وإتلاف الأموال والممتلكات وإشاعة الرعب والفزع وترويع الآمنين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.