العبرة ليست بديباجة وصياغة دساتير جديدة ولا بلجان يقضي أعضاؤها معظم الوقت اقتراحات ومناقشات. وحذف وإضافة. وإجراء تعديلات. ولكن العبرة بالقوانين التي تترجم هذة الدساتير الي واقع معاش ينعم فيه كل مواطن بحياة كريمة والحصول علي حقه. والتجرية خير برهان. فتجربتنا مع الدساتير المصرية السابقة تثبت انه لم يطبق الحد الادني منها. إذ لم ينص اي منها علي ان يحتكر أحمد عز تجارة الحديد او علي ان يقوم وزراء الإسكان بمنح أراضي المواطنين أو بيعها بثمن بخس جنيهات أو ريالات أو دراهم معدودة للأقارب والاصدقاء. ولم تنص مادة واحدة في أي من الدساتير المصرية علي أن يوجد من بين أبناء الشعب من يتقاضي مرتبا بقيمة مليون جنيه في الشهر يوجد من يتقاضي 300 جنيه في الشهر بنفس جهة العمل. ولكنها القوانين سيئة السمعة واللوائح الإدارية التي صاغها اللصوص ومحترفو الفساد وترزية القوانين في مجلس أحمد فتحي سرور وأصحاب النفوذ والمصالح الذين وضعوها لتنسجم مع أهوائهم وتحقق لهم رغباتهم. والدستور الجديد المزمع التصويت علية ليس بأفضل حالا من سابقيه إذ لم يأت بجديد فكل مايحتويه من قيم موجودة في غيره. وبالتالي فإن التصويت عليه ب "نعم او لا" لن يغير من الأمر شيئا. لذا نحن ننتظر القوانين التي ستصدر تباعا لتفسير مواد هذا الدستور ونامل أن تكون منصفة ولو قليلا. وللأمانة لست بمتفائل فكل مادة من مواد هذا الدستور أعطت في ديباجتها الحرية كاملة لترزية القوانين كي يفسروها ما يشاءون. وسوف يستمر التوريث في سلك القضاء والسلك الدبلوماسي والإعلام وهيئات التدريس بالجامعات ولا عزاء للنابغين من أبناء البسطاء. وسوف يزداد المفسدون فسادا والمطحونون طحنا ولاعزاء للفقراء. نتمني ممن حكمت ظروفهم وساعدتهم حظوظهم ان يكونوا في سدة المسئولية هذه الايام ان يسطروا أسماءهم بأحرف من نور في تاريخ مصر ويقفوا ولو مرة في صف الفقراء المطحونين من أبناء هذا الشعب وقفة جادة ليست كوقفات حسني مبارك الذي لم يكف يوما حتي آخر يوم له في الحكم عن الادعاء بأنه منحاز دائما لصالح الفقراء ومحدودي الدخل. ولم يجرؤ أحد علي أن يقف في وجهه ويسأله: ولماذا بعد ثلاثين عاما لك في الحكم يوجد في بلدك فقير واحد أو محدود دخل واحد؟ ولماذا بعد ثلاثين عاما من حكمك لمصر التي تتمتع بالخيرات يعيش نصف الشعب تحت خط الفقر ويحرم من أبسط الضروريات؟ ولماذا بعد ثلاثين عاما من حكمك لمصر التي تتمتع بالخيرات يعيش هذا العدد الكبير من أبناء شعبك في العشوائيات؟ ولماذا بعد ثلاثين عاما من حكمك لمصر التي تتمتع بالخيرات تئن مصر تحت وطأة المديونيات؟ ولماذا بعد ثلاثين عاما من حكمك لمصر التي تتمتع بالخيرات يوجد في بلدك هذا العدد الفظيع من العاطلين عن العمل والعاطلات؟. حتي ضاقت بهم أرض مصر بما رحبت فأخذوا يهيمون علي وجوههم أعالي البحار والمحيطات تتقاذفهم الامواج. أملا في الوصول الي بلد أوروبي للعمل في النظافة او حتي الحانات. ليس هذا بكاء علي الماء المسكوب ولكنه للتذكير والعبرة لمن يأتي رئيسا لمصر فيما بعد. عود علي بدء فنأمل أن تصدر قوانين تحقق قدرا من طموحات هذا الشعب ونأمل من البعض أصحاب الحظوة التنازل قليلا عن المصالح الشخصية التي يحوزونها بغير حق حتي تسير سفينة الوطن فترسو علي بر الأمان. فال الشعراء: بلادي وإن هانت عليّ عزيزة ولو أنني أعري بها وأجوع ولي كف ضرغام أصول ببطشها وأشري بها بين الوري وأبيع تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها وفي أرضها للمجدبين ربيع أأجعلها تحت الثري ثم أبتغي خلاصا لها؟ إني إذن لوضيع.