كنت شاهداً علي تجمع شباب الجماعة المحظورة يوم الاحتفال بنصر أكتوبر الماضي. حيث كان التجمع أمام دار التحرير. كنت شاهداً علي التجمع والتفرق علي الكر والفر. علي الحشد والهرولة. شاهدتهم وهم يستقوون بجمعهم. لا يهتمون بقوة غيرهم سواء أكانت قوة غيرهم من الجيش أو الشرطة أو الناس تشعر لأول وهلة حينما تراهم أن فتح القدس أهون عليهم من دخول الشهيق وخروج الزفير. كما أن هذا الجمع أنهي فتح القدس وفي طريقه للأندلس لعودتها للخلافة. البعض من هؤلاء الشباب غاية في السفالة والقبح رغم ما يبدوا من وجهوهم أنهم أولاد ناس لا بلطجية. لا يحترمون كبيراً ولا صغيراً. بعضهم يتجه إلي سور دار التحرير لتحطيمه. وينطلقون بأبشع وأحقر الأفاظ ضد الصحافة والصحفيين. والإعلام. منهم من يحاول كسر السياج الحديدي أمام الدار. البعض الآخر يكتب علي الحوائط "الكذابون مش هنسبهم". والحق يقال.. بعضهم يقوم بإبعاد هؤلاء الشباب عن المبني. لكن الغلبة دائماً لصاحب القوة والصوت العالي. حاولت الحديث مع أحد الشباب وهو يكتب هذه الشعارات. فكان رده بكل بجاحة وعدم اكتراث بعامل السن فهو في سن ولدي. ورأيته.. وكأني لو تقدمت في الكلام فسيوسعني ضرباً. مستقوياً بجمعه نظرت إلي شارع رمسيس القادم من ميدان الإسعاف فشاهدت مصفحات الشرطة تتقدم. عندها أدركت أن المعركة ستدور لا محالة. فصعدت لمكتبي أتابع المعركة من أعلي. وعلي الفور بدأ غاز الشرطة يغطي علي المكان وسمعت طلقات الخرطوش وبدون مقدمات أخذ الجمع يتقهقر إلي ميدان رمسيس وبعضهم يهرب للشوارع الجانبية. وراحت الشرطة تتقدم مع محاولة الشباب غلق الشوارع بأغصان الأشجار والحواجز الحديدية. ولم تمر دقائق حتي أكسح عن الشارع كل من كان فيه وبدا خالياً تماماً من أي متظاهر. وفي شارع الريحاني دارت معركة صغيرة بين بعض فلول التجمع. ورجال الشرطة وأصيبت فيها العديد من سيارات الدار ومنها سيارتي الخاصة التي تهشم زجاجها وبعض أجزائها. الخلاصة من هذا المشهد السريع أن شباب الجماعة ينزلون الميادين ولا يرون إلا قوتهم وحشدهم فقط. يستهينون بمن يقف أمامهم أو عددهم كما يتصورون. ولذلك يصبح الفرار مصيرهم وهذا يعني أن ملكهم قد زال. وهم في انتحار. كما قال الشاعر: لا تحتقر كيد العدو فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب.. فقد هدَّ قديماً عرش بلقيس هدهد.. وخرب فأر ذا سد مأرب.