المسلم في هذه الأيام مهموم بالحالة الاقتصادية وحال الفقراء الآن ولذلك يحاول البعض إبداع أساليب جديدة للمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية يتجه البعض إلي استبدال لحوم الأضاحي بعد ذبحها بلحوم بديلة رخيصة حيث إن بعض أجزاء الأضحية يكون أغلي من غيره فيمكن بيع الأجزاء الغالية وشراء أقل منها ثمنا لتوسعة دائرة الاستفادة منها بزيادة نسبة التوزيع علي الفقراء والمحتاجين. وحول هذه الإشكالية يقول د.علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: الاستبدال في لحوم الأضاحي بعد ذبحها لمصلحة الفقراء فلا مانع منه شرعا بل هو سعي محمود في جلب المصالح مثاب عليه من قبل الشرع. وما جاء في السنة النبوية الشريفة من النهي عن بيع لحوم الأضاحي فالمعني فيه: أن الأضحية قد أخرجها صاحبها خالصة لله تعالي فلا يجوز أن يعود إلي مالكها منها شيء فإذا باع المضحي شيئا من اضحيته فكأنه رجع فيها علي قدر ما استرده من ثمنها وهذا لا يحل. وقد أجاز الحنفية تصرف المضحي في اضحيته بعد ذبحها بالبيع إذا كان ذلك علي جهة القربة. جاء في الفتاوي الهندية في فقه الحنفية "5/372.ط دار الكتب العلمية": ولو باعها بالدراهم ليتصدق بها جاز لأنه قربة كالتصدق كذا في التبيين وهكذا في الهداية والكافي ولو اشتري بلحم الأضحية جرابا لا يجوز ولو اشتري بلحمها حبوبا جاز ولو اشتري بلحمها لحما جاز قالوا: والأصح في هذا أنه يجوز بيع المأكول بالمأكول وغير المأكول بغير المأكول ولا يجوز بيع غير المأكول بالمأكول ولا بيع المأكول بغير المأكول. وحتي علي قول الجمور المانعين لذلك فإنهم أجازوا للفقير والمحتاج أن يتصرف فيما أخذه من الأضحية كما يشاء ولمن وكله ولي الأمر للنظر في إطعام الفقراء وتوزيع الأضاحي عليهم فتصرفه فيها منوط بالمصلحة فصار كالوكيل عن الفقراء بما فيه مصلحتهم بيعا واستبدالا وتوزيعها. وأما استبدال اللحوم ببعضها مباشرة من غير توسط ثمن فلا مانع منه في هذه الحالة شرعا وذلك للمصلحة المذكورة وذلك أخذا بأحد القولين عند الشافعية بجواز بيع اللحم الطري باللحم الطري ولو مع اتفاق الجنس وإن لم يكن هو المعتمد عندهم وقد حكاه أبوالعباس بن سريج قولا للإمام الشافعي رضي الله عنه. قال الشيخ أبواسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" "1/274": وفي بيع اللحم الطري باللحم الطري أيضا طريقان: أحدهما وهو المنصوص أنه لا يجوز لأنه يدخر يابسه فلم يجز بيع رطبه برطبه كالرطب والعنب. والثاني وهو قول أبي العباس: أنه علي قولين لأن معظم منفعته في حال رطوبته فصار كالفواكه. كما أن الحنفية نصوا علي أنه يجوز للشخصية الاعتبارية كبيت المال والوقف أن تستقرض بالفائدة وهذا يقتضي الجواز في مثل هذه الصورة أيضا مع نصهم كذلك علي أنه لا ربا بين المسلمين وغيرهم في ديار غير المسلمين فيجوز فيها للمسلم أن يتعامل مع غير المسلمين بالعقود الفاسدة مادام ذلك برضا أنفسهم. وبناء علي ذلك يجوز استبدال اللحوم باللحوم مباشرة من غير توسط عملية بيع نقدي ما دام ذلك محققا للمصلحة.