أثار تعرض العديد من العلماء للاعتداء اللفظي والفعلي ردود فعل غاضبة لدي العلماء من تصرفات الطلبة من جانب. وكذلك من إقحام علماء الدين لأنفسهم في السياسة واتخاذهم مواقف حزبية أو تسخيرهم الدين لأهداف سياسية.. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي يحاول فيه علماء الأزهر وضع النقاط علي الحروف فيما يتصل بكيفية محافظة علماء الدين علي هيبتهم ووقارهم وفي نفس الوقت ما يجب علي عامة الناس تجاه ورثة الأنبياء. بداية قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد.. أستاذ العقيدة ووكيل كلية الدراسات الإسلامية بنات الأقصر: في حقيقة الأمر أنا في حيرة ما بين العلماء والجهلاء لأن العلماء وضعوا أنفسهم في موضع كنت أتمني ألا يكونوا فيه مما ساعد علي اختلاط الحابل بالنابل. وسارت الأمور كما نري كل شيء مباح ولم يستح أحد من النطق ببذيء الألفاظ وفواحش الكلام.. كما اننا نسينا أو تناسينا حديث النبي صلي الله عليه وسلم الذي يقول: "ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويحترم كبيرنا".. فنحن في حاجة ماسة إلي سمو أخلاقي وإلي استدعاء مكارم الأخلاق. وأضاف: علي العالم أن يعرف قيمة نفسه إذا ما تحدث بكلمة وأن يعرف جيداً ما تؤول إليه كل كلمة تخرج من فمه عملاً بفقه المآلات الذي يعيه العلماء جيدا وعلي السامع أن يوقر العالم ويعلمه علم اليقين ان علمه لم يأت من فراغ انما جاء بعد جهد ومشقة.. وعلينا جميعا أن نتنبه لمقولة: "لحوم العلماء مسمومة" وألا تخوض فيهم وتتبعهم وإذا كان للعلماء كبوات فهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ ورغم كبواتهم علينا توقير علمهم الذي يحملونه في صدورهم. الحكمة وأشار الدكتور عبدالمنعم فؤاد إلي أهمية أن يكون العالم حكيماً قبل أن يعظ فالحكمة تحتاج التأني والصبر علي الأذي والمخاطر.. فالله عز وجل علم ذلك وقدم الحكمة علي الموعظة في قوله تعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. فإن لم يصبر العالم علي أذي الناس له فمن يصبر فهو الأسوة والقدوة الحسنة للأمة بأسرها. وأوضح د. عبدالمنعم انه لا توجد موانع شرعية من دخول العلماء في القضايا السياسية لكن ينبغي عليهم احترام آراء الآخرين وتقبلها وعدم نبذها عملاً بقول الله تعالي: "وإني أو إياكم للعلي هدي أو في ضلال مبين" فمهما اختلفنا مع العلماء فهذا لا يبرر بأي حال من الأحوال التطاول عليهم وسبهم فلننظر إلي أصحاب الأديان الأخري كيف يتعاملون مع علمائهم ويوقرونهم لعلنا نتعلم منهم.. فالعالم مرفوع من قبل الله لأعلي منزلة وهذا ما أود توضيحه للشباب الذين هم قلب الأمة وروحها فعليهم احترام علمائهم واعطائهم المكانة اللائقة بهم. اختلاط المفاهيم تناول خيط الحديث الدكتور أحمد حسين الأستاذ بجامعة الأزهر ووكيل كلية الدعوة قائلا: لا جدال ان الدين مطلق ومقدس وله في نفوسنا جميعا مكانة رفيعة لكن ما حدث في الثلاث سنوات الأخيرة فقد اختلطت الأمور واقتحم العلماء المجال السياسي ودخلوا في معارك سياسية هم في غني عنها فاختلطت آراؤهم الشرعية والفقهية بتوجهاتهم السياسية وهذا هو لب الموضوع وبيت القصيد لأن العالم عندما يتحدث في الجوانب الشرعية لا يعارضه أحد بل يسلم الجميع بكل ما يقوله .. أما آراؤه السياسية في القضايا الخلافية فهذا محط خلاف بين كافة البشر وليس بغريب أن يختلف فريق مع عالم دين لتوجهه السياسي. وأضاف: مما لا شك فيه ان عالم الدين يتحمل جانباً كبيراً من توقير الناس له من عدمه وطالما انه ارتضي لنفسه تبني وجهة نظر سياسية معينة فعليه تحمل تبعات ذلك فما حدث لعالمنا الجليل الدكتور علي جمعة بجامعة القاهرة ساءنا جميعاً وساء كل مسلم لأنه عالم اتفقت أو اختلفت معه فهو عالم له مكانة في المجتمع وما كان ينبغي له أن يضع نفسه في المناطق الملتهبة التي جرأت بعض الصبية عليه ودفعهم أن يفعلوا معهم ما فعلوا. واستطرد د. حسين قائلاً: العلماء ورثة الأنبياء ومقام العالم من مقام النبوة لكن هذا موقوف علي العالم نفسه وعليه الحفاظ علي هذه المكانة الرفيعة وأن ينأي بنفسه عن الأمور الحياتية الخلافية حتي يظل محترماً ومهابا من الجميع. لفت الدكتور أحمد حسين النظر إلي أهمية التزام حدود الأدب واللياقة والإجلال والتوقير لعلمائنا ولكبار السن لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "إن من إجلال الله تعالي توقير ذي الشيبة المسلم" فهذا الحديث الشريف يدلل به نبي الله صلي الله عليه وسلم علي مكانة العلماء عند الله عز وجل. وافقه الرأي الدكتور المحمدي عبدالرحمن الأستاذ بجامعة الأزهر ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة قائلا: للأسف الشديد لو وضع العلماء أنفسهم في موضع لا يحسدون عليه فما كان ينبغي له أن يتعصب لحزب دنيوي وكان يجب عليه أن يحتفظ بنفسه عن الانتماءات السياسية وألا يكون انتماؤه إلا لله عز وجل ويكون من أولياء الله الذين يدعون لشريعته العظيمة ليصبح المهيمن والمسيطر والمرجع لكل الناس في كافة الأمور.. فلابد أن يكون العالم هو الفاصل بين الحق والباطل. لان انتماءه لأي حزب سياسي يفقده حياديته وموضوعيته وحديثه بلسان القرآن الكريم لأنه يعد بذلك طرفاً من أطراف الدنيا المتنازعة والمتصارعة.